مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (219)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


27/10/2024 القراءات: 161  


-تفسير سورة الفاتحة للسُّهروردي:
مما وفقني اللهُ تعالى إليه تحقيق "نغبة البيان في تفسير القرآن" للإمام الشيخ عمر السُّهروردي البغدادي (ت: 632). وهذا تفسير سورة الفاتحة منه:
"قوله تعالى: (بسم الله الرحمن الرحيم) فيه اختصارٌ كأنَّهُ قالَ: أبدأُ باسم الله، أو بدأتُ باسمِ الله. وحُذفت الألف من (بسم الله) لأنها وقعتْ في موضعٍ معروفٍ لا يجهلُ القارئُ معناه، فاستخف طرحُها وأُثبتت في قوله تعالى: (فسبح باسم ربك العظيم) لأنها لا تكثر كثرة (بسم الله).
والاسم مشتق من السمو لأنه يعلو بالمسمى، فالاسم ما علا وظهر، فصار علمًا للدلالة على ما تحتهُ من المعنى.
وقيل: مشتق من الوسم والسمة، وهي العلامة.
و(الله) ليس بمشتق. وهو اسم تفرَّدَ بهِ الباري عزوجلّ، ودليلُ ذلكَ قوله تعالى: (هل تعلم له سميا)، يعني لا يقال لغيره الله.
وقيل: هو مشتق، يقال: أَلِهَ إلاهةً أي عَبَدَ عبادةً. وقرأ بعضهم (ويذرك وإلاهتك) أي عبادتك. ويقال: تأله الرجل إذا نسك، ومعناهُ المستحق للعبادة.
قوله عز وجلّ: (الرحمن الرحيم)، قيل: هما اسمان اشتقاقهما من الرحمة.
وقيل: (الرحمن) أبلغ فهو رحمن الدنيا، لأن الرحمة في الدنيا عامة، وهو رحيم الآخرة لأن الرحمة هناك خاصةً.
وقيل: هما بمعنىً واحد كندمان ونديم جمع بينهما للتأكيد.
قوله تعالى: (الحمد لله) أي الشكر له.
وقيل: الله تعالى أثنى على نفسه، وعلّم عباده ليثنوا عليه، أي قولوا: (الحمد لله).
قوله تعالى: (رب العالمين) أي ربى عباده، يقال: ربَّ فلان الصنيعة إذا أتمها وأصلحها.
وقيل: بمعنى الملك، يقال: ربَّ الشيء إذا ملكه.
والعالم اسم عام لجميع المخلوقات.
قوله: (ملك يوم الدين)، قيل: الملك أتم من المالك، لأن كل ملك مالك، وليس كل مالك ملكًا. و(الدين) الجزاء، أي يوم يجازي الله عباده بأعمالهم. ومنه قوله: (أءإنا لمدينون) أي مجزيون. وفي المثل: كما تدين تدان. وخص يوم القيامة لأن في الدنيا يحكم غيره، وهناك لا يحكم إلا هو سبحانه وتعالى.
قوله: (إياك نعبد) أي نطيع مع الخضوع. وسُمِّي العبدُ عبدًا لذلته.
(نستعين): منك نطلب المعونة.
قوله: (اهدنا الصراط المستقيم)، الهداية في اللغة: الدلالة. والسراط من الاستراط وهو الابتلاع، فالسراط تبتلع السابلة. ويقرأ بالصاد لأنه أخف. ومعنى سؤال المهتدين الهداية التثبيت على الهدى، كما يقال للقائم: قف حتى أعود إليك، أي دم على هذا. (الصراط المستقيم) هو الإسلام.
وقيل: هو القرآن.
(صراط الذين أنعمت عليهم) أي بالإيمان والاستقامة.
وقيل: قوم موسى وعيسى قبل أن يُغيروا.
قوله: (المغضوب عليهم) الغضب من الله عز وجلّ إرادة العقوبة.
و(المغضوب عليهم) من لم يؤمن بالنبي صلى الله عليه وسلم.
(ولا الضالين) يُقال: ضل الماء في اللبن إذا غاب فيه. والكافر ضالٌ أي غائب عن المحجة، ومنه قوله: (أءإذا ضللنا في الأرض) أي غبنا.
وقيل: (المغضوب عليهم) و(الضالين) اليهود والنصارى.
ويستحب للقارئ أن يقول بعد القراءة: آمين، بعد سكتة خفيفة. وآمين بالمدّ والقصر غير مشدد، ومعناه اللهم استجب.
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد البراز يسمع من يناديه ولا يرى شيئًا، فقال ذلك لورقة بن نوفل، فقال: إذا سمعت النداء فاثبت، ففعل فقال له جبريل: قل (بسم الله الرحمن الرحيم)، قال: فأقرأه: (الحمد لله) إلى آخرها، ثم قال له: قل: آمين، فقال: آمين.
وقال عليه السلام: «إذا قال الإمام: (غير المغضوب عليهم ولا الضالين)، فقولوا: آمين، فإن الملائكة تقول: آمين، فمَن وافق تأمينُه تأمينَ الملائكة غُفِرَ لهُ ما تقدم من ذنبه» رواه مسلم.
***
-وقفة في كتاب "المختصر في التفسير":
جاء في "المختصر في تفسير القرآن الكريم" في تفسير قوله تعالى: (وهم لهم جند محضرون) [يس: 75]: "وهم وأصنامهم جميعًا محضرون في العذاب يتبرأ كل منهم من الآخر".
أقول: لم يُفسر قوله تعالى: (لهم جند).
ثم إن اختيار هذا القول من تفاسير هذه الجملة فيه نظرٌ، والجملة كما في "زاد المسير" (7/39) فيها "أربعة أقوال:
أحدها: جُنْدٌ في الدنيا مُحْضَرونَ في النار، قاله الحسن.
والثاني: مُحْضَرونَ عند الحساب، قاله مجاهد.
والثالث: المشركون جُنْدٌ للأصنام، يَغضبون لها في الدنيا، وهي لا تسوق إِليهم خيرًا ولا تدفع عنهم شرًّا، قاله قتادة. وقال مقاتل: الكفار يَغضبون للآلهة ويَحْضُرونها في الدنيا. وقال الزجاج: هم للأصنام ينتصرون، وهي لا تستطيع نصرهم.
والرابع: هم جُنْدٌ مُحْضَرون عند الأصنام يعبدونها، قاله ابن السائب".
وانظر تعليق المحقِّقين فهو مهم.
***
-بُخار بخارى:
صدر في (27 ‏/4 ‏/ 2020م) عددان خاصان من (نشرة) مجموعة المخطوطات الإسلامية الوتسابية، عن الإمام البخاري و"جامعه الصحيح" وهما برقم: (٢٧-٢٨).
ونشر لي فيهما مما تجمّع عبر سنوات:
١- أمُّ البخاري.
٢- البخاري في العراق.
٣- البخاري المفسِّر.
٤- كلمة حول "الإعلام" و"صحيح البخاري".
٥- استعداد العلماء قبل الكلام على صحيح البخاري.
٦- ماذا عن "القانع ختم الصحيح الجامع" للسيوطي؟
٧- الشِّعر المنسوب إلى الإمام البخاري.
***
-تذييل وتعديل:
أرسل د. محمد كلاب:
حنتْ إليكَ عجافٌ أنت يوسفُها
فقلت:
وكلنا لك في الأشواق يعقوبُ
والأصل: هلا رميتَ على العميان قمصانا.
***
-"العدوان على العربية عدوان على الإسلام":
هذا الكتاب للدكتور عبدالرحمن رأفت الباشا. يقع في (61) صفحة. صدر عن دار الأدب الإسلامي. (د. م). ط1 (1417-1996). وهو كتاب مهم أحسن فيه المؤلفُ وكشف عن بصرٍ نافذٍ وغيرةٍ إيمانيةٍ، وقد وُفِّق في اختيار العنوان. رحمه الله وجزاه عن الدين والعربية خيرًا.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع