رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (261)
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
15/01/2025 القراءات: 6
-وسيلةُ العلم:
يا سائلي عن سِيَرٍ بهيّهْ ... لسادةٍ أخبارُهم مرويّهْ
كيف غدتْ آثارُهم مَحكيّهْ ... وكيف نالوا تلكمُ المزيّهْ
فقلتُ: تلك هبةٌ قدسيّهْ ... لخصتُها بجملةٍ فرديّه:
بهمةٍ ناهضةٍ عليّهْ ... نالوا علومًا جمّةً رضيّهْ
دبي: الأربعاء (15/ 7/ 1446هـ = 15/ 1/ 2025م).
***
***
-الدعوة إلى الدِّين:
ذكر الحافظُ ابنُ عساكر في ترجمة شراحيل بن عبيدة بن قيس العقيلي ما مضمونه، أن مَسلمة بن عبدالملك (ت: 120هـ) لما ضيَّق بمحاصرته على أهل "القسطنطينية"، وتتبعَ المسالك، واستحوذَ على أكثر ما هنالك من الممالك، كتب (إليون) ملك الروم إلى ملك البرجان يستنصره على مَسلمة، ويقول: (إن هؤلاء القوم ليس لهم همّة إلا في الدعوة إلى دِينهم، الأقرب منهم فالأقرب، وإنهم متى فرغوا مني خلصوا إليك، فمهما كنتَ صانعًا حينئذ فاصنعه الآن) .... تاريخ دمشق (22/ 443)، البداية والنهاية (12/ 655).
***
-طبقات التجّار:
أبدع العلماءُ في التاريخ لأصناف الناس في الإسلام، وفنونُ التأليف في التراجم معجبة، إلا أنني لم أجد أحدًا تناول (طبقات التجار)، وهؤلاء فئة لها في تاريخ الإسلام صفحات رائعة، وكنت أقيّدُ عندي بعض أسمائهم وأنبائهم، ومواسمهم ومكارمهم، وجهودهم وجهادهم، وليتني أفرغ لجمع طبقاتهم تامة، وأنى والأفكار كثيرة، والأعمال كبيرة؟ فأدعو باحثًا همامًا أو جهة علمية بحثية أن تتولى تحقيق هذا الأمل، وتنجز هذا العمل، وفي ذلك إظهار آثار جليلة ومآثر نبيلة، وفيها تعليمٌ وتنبيهٌ وتحفيزٌ للتجار على مر الزمان.
***
-كتب الأوائل:
هذا لونٌ من ألوان التأليف، فيه إبداع وإمتاع، إبداع في الفكرة، وبيان للإبداع عند الآخرين، وإمتاعٌ في معرفة ذلك، واستلهامٌ منه، وما أشدَّ حاجة الإنسان إلى تجديد الهمة، وشحذ العزيمة، وإثارة الطاقة، ولفت الانتباه! فلنقرأ هذه الكتب ولنتخذْ منها حافزًا يحفزنا على أن نكون أوائل، وأنْ نصنع أوليات، في الخير وللخير.
ومِنْ أقرب هذه الكتب: "الوسائل في معرفة الأوائل" للسيوطي.
ونعم هناك أوليات مذمومة، ولكن المذموم لا يُقتدى به ولا يُقاس عليه.
تنبيه: طُبع كتاب السيوطي في أكثر من طبعة باسم: "الوسائل في [مسامرة] الأوائل" وهو خطأ، ولهذا الخطأ قصة، لعلّي أذكرُها في مناسبة أخرى.
***
-التعليم باللغة الوافدة:
هذه مشكلةٌ مؤرِّقة، تزداد اتساعًا يومًا بعد يوم، وتتقلصُ لغتنا العربية كذلك يومًا بعد يوم، فما هو مستقبلنا في ظل توسّع التعليم باللغات الوافدة؟ ألا يستطيع العالم الإسلامي تعريب التعليم؟ لا أحد يدعو إلى إقصاء تلك اللغات والإعراض عنها، ولكن لمَ تكون هي الأولى ولا سيما في الاختصاصات العلمية؟ وما مصير التعليم إذا زادت الهوة بين لغتنا ولغة الآخرين؟ وما قيمة الجهود التي بُذلتْ في تعريب المصطلحات -وهي جهود عظيمة- إذا لم نلتفتْ إليها ونأخذْ بها ونقرها في واقعنا وحياتنا وجامعاتنا؟ إنني أكتبُ هذه الكلمات وأنا أستشعر حملًا ثقيلًا يزداد ثقلُه، ويعظم همُّه، ويصعب حلُّه، ولا أرى أيَّ رغبة بالشروع في الحلِّ. والله المستعان.
***
-مَن قائل هذا القول؟
مَن الذي سُئل: ماذا تشتهي؟ فقال: بيت خالي وإسناد عالي؟
الجوابُ: هو الإمام يحيى بن معين رحمه الله كما في "مقدمة" ابن الصلاح، و"الشذا الفيّاح"، و"الباعث الحثيث"، و"زوال الترح"، وغيرها.
ونسبَهُ الشيخُ إعزاز علي في تقريظٍ له على كتاب "بذل المجهود في حلِّ أبي داود" (13/ 677) إلى أحمد بن حنبل! ولم أره له.
***
-الأعمار والأقدار:
قال الشيخ شاه جيهان نقاب مفتي الحنفية في دائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي: "البشر يأتون إلى الدنيا بالترتيب، ولكنهم لا يخرجون منها بالترتيب، خطر لي هذا حين توفي ولدي عبدالله". ولم يكن السيد عبدالله -رحمه الله- بكرَه.
قلتُ: والأعمار مِن أسرار الأقدار، والسعيد مَن بادرَ الأيام، واغتنم الليالي، وصابر العوائق، ودافع الموانع، وسعى سعيًا حثيثًا إلى إنجاز الأعمال، وتحقيق الآمال، ونظرَ إلى أخراه، ولم تغرّه دنياه.
***
-النظر في العقول:
النظرُ في العقول متعةٌ رفيعةٌ، ومن ذلك النظر: قراءةُ فهارس الكتب وأوعيتها، فإنك ترى من خلال ذلك الأفكارَ التي ألهم اللهُ تعالى أصحابَها إياها، فأخرجوها من الأذهان إلى الوجود، وجعلوها كتبًا، سجلوا فيها خواطرهم، وذكروا فيها اجتهاداتهم واستنباطاتهم، وجولاتهم العلمية والأدبية، ودوّنوا ما وقع لهم وما رأوه وما سمعوا به من لطائف الأخبار، وعجائب الأسرار، وكنتُ قرأتُ فهارس متعددة، ومن ذلك: "كشف الظنون" لحاجي خليفة، وتأملتُ فيما أوردوا، بهذا الدافعِ الذي ذكرتُه والشعور الذي قدمتُه، فوجدتُ من الفائدة العلمية والراحة النفسية الشيءَ الكثيرَ.
***
- أصحاب الأساليب:
مِن أصحاب الأساليب الذين في عصرنا:
الشيخ عبدالكريم الدَّبان التكريتي، والشيخ جلال الحنفي البغدادي، والأستاذ عبدالحميد العلَوجي. في العراق.
والشيخ علي الطنطاوي، والشيخ عبدالفتاح أبو غدة، والدكتور سعيد البوطي. في سورية.
والدكتور حسن الوراكلي، والدكتور أحمد التوفيق. في المغرب.
والشيخ محمد الغزالي، والدكتور محمد رجب البيومي، والأستاذ محمود محمد شاكر، والدكتور محمد أبو موسى. في مصر.
والشيخ علي الندوي. في الهند.
والقراءة لهؤلاء -وأمثالهم- تزيد في العلم والمعرفة، وتكسب مزيدًا من المهارة في التعبير. وثَمّ غيرُهم ولكن هؤلاء الذين حضرتْ أسماؤهم في ذهني الآن.
***
-تنبيه إسنادي:
جاء في إجازة السيد داود التكريتي (ت: 1360هـ) لشيخنا الشيخ عبدالكريم الدَّبّان التكريتي (ت: 1413هـ) بعد ذكرِ أسانيد وإحالة على أسانيد: "فهي مذكورةٌ بطُرقها وشُعبها في "مشيختي"،".
فمَنْ قائل هذا القول؟ أهو السيد داود نفسه؟ وهل له "مشيخة"؟
نظرتُ فظهر لي أن السيد داود هنا ناقل، وليس بقائل، وأن القول للشيخ عيسى صفاء الدين البندنيجي، وله "مشيخة" ونسختُها في المكتبة القادرية في بغداد.
***
منوعات
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع
مواضيع لنفس المؤلف
مواضيع ذات صلة