مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (257)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


05/01/2025 القراءات: 14  


-المقلدون والمذاهب عند الذهبي:
هذه كلمة مهمة للإمام الذهبي في المقلدين والمذاهب، قالها في كتابه «سير أعلام النبلاء» (8/ 91- 92):
«‌المقلدون صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بشرط ثبوت الإسناد إليهم، ثم أئمة التابعين كعلقمة، ومسروق، وعبيدة السلماني، وسعيد بن المسيب، وأبي الشعثاء، وسعيد بن جبير، وعبيد الله بن عبد الله، وعروة، والقاسم، والشعبي، والحسن، وابن سيرين، وإبراهيم النخعي.
ثم كالزهري، وأبي الزناد، وأيوب السختياني، وربيعة، وطبقتهم.
ثم كأبي حنيفة، ومالك، والأوزاعي، وابن جريج، ومعمر، وابن أبي عروبة، وسفيان الثوري، والحمادين، وشعبة، والليث، وابن الماجشون، وابن أبي ذئب.
ثم كابن المبارك، ومسلم الزنجي، والقاضي أبي يوسف، والهقل بن زياد، ووكيع، والوليد بن مسلم، وطبقتهم.
ثم كالشافعي، وأبي عبيد، وأحمد، وإسحاق، وأبي ثور، والبويطي، وأبي بكر بن أبي شيبة.
ثم كالمزني، وأبي بكر الأثرم، والبخاري، وداود بن علي، ومحمد بن نصر المروزي، وإبراهيم الحربي، وإسماعيل القاضي.
ثم كمحمد بن جرير الطبري، وأبي بكر بن خزيمة، وأبي عباس بن سريج، وأبي بكر بن المنذر، وأبي جعفر الطحاوي، وأبي بكر الخلال.
ثم من بعد هذا النمط تناقص الاجتهاد، ووضعت المختصرات، وأخلد الفقهاء إلى التقليد، من غير نظر في الأعلم، بل بحسب الاتفاق، والتشهي، والتعظيم، والعادة، والبلد.
فلو أراد الطالب اليوم أن يتمذهب في المغرب لأبي حنيفة، لعسر عليه، كما لو أراد أن يتمذهب لابن حنبل ببخارى وسمرقند، لصعب عليه، فلا يجيء منه حنبلي، ولا من المغربي حنفي، ولا من الهندي مالكي.
وبكل حال: فإلى فقه مالك المنتهى، فعامة آرائه مسددة، ولو لم يكن له إلا حسم مادة الحيل، ومراعاة المقاصد، لكفاه، ومذهبه قد ملأ المغرب والأندلس، وكثيرًا من بلاد مصر، وبعض الشام، واليمن، والسودان، وبالبصرة، وبغداد، والكوفة، وبعض خراسان.
وكذلك اشتهر مذهب الأوزاعي مدة، وتلاشى أصحابه، وتفانوا.
وكذلك مذهب سفيان وغيره ممن سمّينا، ولم يبق اليوم إلا هذه المذاهب الأربعة.
وقل من ينهض بمعرفتها كما ينبغي، فضلًا عن أن يكون مجتهدًا.
وانقطع أتباع أبي ثور بعد الثلاث مئة، وأصحاب داود إلا القليل، وبقي مذهب ابن جرير إلى ما بعد الأربع مئة.
وللزيدية مذهب في الفروع بالحجاز وباليمن، لكنه معدود في أقوال أهل البدع، كالإمامية، ولا بأس بمذهب داود، وفيه أقوال حسنة، ومتابعة للنصوص، مع أنّ جماعة من العلماء لا يعتدون بخلافه، وله شذوذ في مسائل شانت مذهبه».
ومن اللافت جدًّا قوله: "ولم يبق اليوم (ولد الذهبي سنة 673 وتوفي سنة 748) إلا هذه المذاهب الأربعة. وقل مَن ينهض بمعرفتها كما ينبغي، فضلًا عن أن يكون مجتهدًا.
***
-مكتبات مخطوطات منطقة الباحة:
هذه كلمة مهمة كتبها الشيخ خالد بن عمر الفقيه تحت هذا العنوان:
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.
أما بعد: فقد أرسل لي أخي الفاضل د. خالد آل حاسن المرزوقي ليلة البارحة صورًا من كتاب: "المخطوطات في السعودية"، تأليف أخي الفاضل: إبراهيم بن عبد العزيز اليحيى فجزاه الله خيرًا على تكرمه بذلك، حيث إني لم أقتن الكتاب بعد، وقد تواصل معي أخي إبراهيم قبل عامين تقريبًا، وطلب مني الفهارس الخاصة بمكتبات المنطقة، ولا أذكر ردي عليه - بسبب خلل الواتس اب أكثر من مرّة وذهاب المحادثات - إلا أن غالب ظني أن ردي كان بعدم اكتمال الفهارس الخاصة بالمكتبات التي زرتها وقد ذكر في الكتاب ثلاث مكتبات فقط : مكتبة المنصوري، ومكتبة آل رقوش، ومكتبة البركي.
والحقيقة أن المنطقة بها مكتبات كثيرة ربما ذهب كثير منها أو تلف، أو لا زال مخفيًّا، وظهر كثير منها للباحثين والمهتمين
وبحكم اهتمامي بهذا الأمر منذ سنوات طويلة، فقد زرتُ مجموعة من الأسر العلمية، واطلعتُ على مجلدات المخطوطات التي بقيتْ عندهم، وصورت كثيرًا منها، وأستطيع أن أقول: إنّ عناوين المخطوطات التي لا زالت موجودة في مكتبات الأسر العلميّة في المنطقة، سواء كانت بخط أبنائها الذين هاجروا لطلب العلم، أو من مقتنياتهم التي اشتروها ورجعوا بها، تفوق ألف عنوان، ما بين مجلدات أو كراريس.
وقد نشرتُ قبل سنوات في تويتر أني وجدتُ ورقة فيها "فهرست لمخطوطات أسرة آل الحرفي بقرية الطلقية ببلجرشي" فيه أكثر من مئة عنوان، لا زال بعضُها محفوظًا عندهم، وبعضُها تلف بسبب البلل أو غيره كما أخبرني العمُّ صالح بن خضران وفقه الله، وبعضها عند فروع أخرى من الأسرة، فلا زالت المكتبات الخاصة بالمشايخ والعلماء والأسر العلمية في المنطقة تحوي كثيرًا من المخطوطات التي تستحق أن يُفرد لها مشروع تتبناه الجهات ذات الاختصاص في المنطقة، بشرط التعاون مع الباحثين والمهتمين بهذا المجال، لأنهم وصلوا إلى ما لم يصل إليه غيرهم، ولأن خبرتهم وعلاقاتهم الاجتماعية قد لا تتوفر غالبًا لدى كثير من الأكاديميين سواء كانوا من أبناء المنطقة أو من خارجها، ولو زعمتُ أني صوّرتُ خلال سنوات رحلة البحث عن مخطوطات الأسر العلمية والوثائق الخاصة ما يقارب عشرين ألف صورة ما كنتُ مبالغًا، ومع ذلك فإني لم أصل إلى ربع المخطوطات الخاصة بالأسر العلمية في المنطقة، ولم يتيسرْ لي إكمالُ فهارس مخطوطاتِ مكتبةٍ واحدةٍ، لأسباب كثيرة لا مجالَ لذكرها، لكني سأستمرُّ بإذن الله حتى تنتهي الأنفاس، فإن استطعتُ النشر وإلا فيكفيني أن يجد أبناء المنطقة بعدي علمًا يستفيدون منه في توثيق الحركة العلمية لمنطقتهم بإذن الله، ومَن تصفح هذه (الهاشتقات) سيتعرف على كثير من مخطوطات وحجج المنطقة التي نشرتها أو عرّفت بها: مخطوطات غامد وزهران. حجج غامد وزهران. وثائق غامد وزهران. مشايخ غامد وزهران. مكتبة خالد بن عمر الفقيه.
(5/ 7/ 1446).
***
-الدنيا بين الراحات والجراحات:
قال الرازي في «مفاتيح الغيب» (24/ 440):
«قوله تعالى: (لهم فيها ما يشاؤون) كالتنبيه على أن حصول المرادات بأسرها لا يكون إلا في الجنة، فأما في غيرها فلا يحصل ذلك، بل لا بد في الدنيا من أن تكون ‌راحاتُها مشوبةً بالجراحات».
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع