مدونة عبدالحكيم الأنيس


الرفق بالحيوان في الدين والتراث (3)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


12/12/2024 القراءات: 105  


ومِنْ مؤسسات الوقف مؤسساتٌ أقيمت لعلاج الحيوانات المريضة، أو لإطعامها، أو لرعايتها حين عجزها، كما هو شأن المرج الأخضر في دمشق الذي يُقام عليه الملعب البلدي الآن، فقد كان وقفًا للخيول والحيوانات العاجزة المُسنّة تَرعى منه حتى تلاقي حتفَها .
ومِن غرائب التفسير ما أورده الثعلبي في سبب اسم "نوح" قال: قال ابن عباس: سُمّي بذلك ‌لكثرة ‌ما ‌ناح ‌على ‌نفسه. واختُلف في سبب نوحه:
فقال بعضُهم: لدعوته على قومه بالهلاك حيث قال: (رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّارًا).
وقيل: لمراجعته ربّه في شأن أمته.
وقيل: لأنّه مرّ بكلبٍ مجذومٍ، فقال: اخسأ يا قبيح، فأوحى الله سبحانه إليه: أعبتني أم عبتَ الكلبَ؟ .
وقال الشيخُ تاج الدين بن السبكي في "الترشيح": كنتُ يومًا في دهليز دارنا في جماعة، فمر بنا ‌كلب يقطر ماء يكاد يمس ثيابنا فنهرته، وقلت: يا ‌كلب يا ابن الكلب، وإذا بالشيخ الإمام - يعني والده الشيخ تقي الدين السبكي - يسمعنا من داخل، فلما خرج قال: لم شتمته؟ فقلت: ما قلت إلا حقًّا أليس هو بكلب ابن ‌كلب؟ فقال: هو كذلك إلا أنك أخرجتَ الكلام في مخرج الشتم والإهانة، ولا ينبغي ذلك، فقلت: هذه فائدة، لا يُنادى مخلوق بصفته إلا إذا لم يخرج مخرج الإهانة .
ولبديع الزمان سعيد النُّورسي (ت: 1379) مع الحيوانات أخبار عجيبة، ذُكرتْ في سيرته، وفي شهادات مَن رآه، كما في كتاب "الشهود الأواخر".
وكان الشيخ الفقيه ظافر المراد الحمَوي (ت: 1389) حريصًا على أن يطعم الطيور والعصافير، فكان يشتري كميات كبيرة من الذرة البيضاء ويطعمها لهم، ويسقيهم الماء، وذلك في كل يوم .
ويُذكر عن الشيخ الفقيه هاشم جميل -حفظه الله- أنه في بيته شديد الحرص على أن لا يُرمى شيء من بقايا الطعام، وأن يُحمل كل ذلك ويوضع للحيوانات في حديقة المنزل.
***
مؤلفات في الحيوان:
المؤلفاتُ في ذلك كثيرةٌ، منها:
-الحيوان للجاحظ.
-كتاب ما قالته ‌العربُ ‌في ‌مخاطبة ‌الحمام لابن ربيعة البصري. الفهرست ط الفرقان (1/ 549).
-كتاب الغريب المستوفي في النوح على الحيوان لأبي عيسى الوراق (ت: 247). الفهرست (1/ 600). ويُنظر عن هذا الكتاب: "كتب حذَّر منها العلماء" (1/ 76).
-كتاب ‌العلّة ‌في ‌خَلْق ‌السِّباع لأبي بكر الرازي. الفهرست (2/ 310).
-حياة الحيوان للدَّميري (ت: 808).
وللسيوطي (ت: 911):
-ديوان الحيوان. وفيه عشر رسائل للسيوطي في الحيوان. انظر مجموع الرسائل ج (21-22). وهذه الرسائل هي:
-نظام اللسد في أسامي الأسد.
-الطرثوث في فوائد البرغوث.
-طوق الحَمامة.
-جر الذيل في علم الخيل.
-حسن السير فيما في الفرس من أسماء الطير.
-الوديك في فضل الديك.
-التهذيب في أسماء الذيب.
-نظام البلور في أسامي السنور.
-بلوغ المأرب في أخبار العقرب.
-التبرّي مِن معرَّة المَعرِّي.
-ذيل الحيوان. فيه أسماء ما أضافه السيوطي على الدميري فقط. انظر مجموع الرسائل (23/ 5- 166).
-عنوان الديوان. فيه الأسماء من الأصل للدميري وزيادات السيوطي. انظر مجموع الرسائل (23/ 167 - 199).
-الكشف والبيان في (عن) صفات الحيوان لمحمد أبي الفتح الاسكندري. في ستين جزءًا، في خزانة فيض الله أفندي بخط المؤلف (1745-1687) 62. الجزء الأول 144 ورقة .
-الإغراب في أحكام الكلاب لابن المِبْرد (ت: 911)، تحقيق: عبدالله الطيار وعبدالعزيز الحجيلان، دار الوطن، الرياض، ط1 (1417).
ولابن طولون الحنفي الدمشقي (ت: 953):
-إفادة الصواب في ضرب الدوابّ. الفلك المشحون (ص: 75).
-إعلام الجار بما ورد في الفار. السابق (ص: 76).
-الأخبار المطلوبة في كراهة إطالة وقوف الدابّة مركوبة. السابق (ص: 77).
-إصلاح الفساد فيما ورد في الجراد. السابق (ص: 77).
-التزميك لأخبار الديك. السابق (ص: 94).
ويندرجُ في ذلك رواية "جارات أبي موسى" للدكتور أحمد التوفيق.
ويُنظر بحثٌ في مجلة "أوقاف" الكويتية.
***


الحيوان. الرفق. الرحمة.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع