مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (253)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


02/01/2025 القراءات: 11  


-التعاون على الخير:
قال الأستاذ سعيد الأفغاني في مقدمة كتابه "أسواق العرب في الجاهلية والإسلام" (ص: 12): "وقد عُـنيتُ بشرح ما يُشكل مِن غريب أو معنى مغلق، لأكون قد بلغتُ جهدي واستفرغتُ وُسعي في الاجتهاد لأن يكون هذا العمل أقربَ مِن كمال، وأبعد مِن نقص. وأنا أشكر لمَن أطلعني على عيب، أو نبّهني لإصلاح، فما يزال الإنسانُ بحاجةٍ إلى مَن ينبّهه ويصلحُ عمله. والله المستعان، ومنه الرضى والمثوبة. 1355-1936".
***
-الحذف في الكتب:
كان بعض النساخ يحذفون أشياء من الكتب التي ينسخونها تخفيفًا على أنفسهم، وهو عملٌ منافٍ للأمانة العلمية. وفي عصر الطباعة حصل هذا لأسبابٍ متعددةٍ، وتحت اليد أمثلةٌ عن الحذف قديمًا وحديثًا، فماذا عن حذفٍ يقومُ به المؤلِّفُ والباحثُ؟ أقول: حذفُ المؤلف والباحث لا يعد حذفًا لأنهما مخيران في النقل التام وعدمه، والمصدر موجود متداول في أيدي الناس، إنما الكلام على المحقق الذي يقوم على خدمة نص سابق وليس له إلا نسخ محدودة لا تصل إلى كل الناس، نعم يشترط في المؤلف والباحث ألا يكون في نقلهما إخلالٌ بمقاصد صاحب النص الذي ينقلانه.
***
-جماعة من العلماء:
نجد على أغلفة بعض الكتب: "علق عليه وصححه وحققه جماعة من العلماء بإشراف الناشر"! فمَن هذه الجماعة، وكيف يوثق بمجهول، وهل يوثق المجهول أصلًا؟ ثم ما معنى إشراف ناشرٍ ليس من أهل العلم ولا التحقيق؟ ويُقال كذلك: لم الإبهام، وما دواعيه، وما أسبابه، وهل هناك حرج من ذكر أسماء تلك الجماعة؟ ثم أين جهد تلك الجماعة في الكتاب، وكيف اشتركوا في العمل، وتقاسموه، وما مسؤوليتهم، وما مسؤولية الناشر عما في الكتاب؟
هذه الأسئلة -وغيرها- تدور في الذهن كثيرًا بعدما تكرر استعمالُ هذا الأسلوب في عصرنا.
ومن الأمثلة على هذا: (المُسوى شرح الموطا لولي الله الدهلوي (ت: 1176)، علق عليها وصححها جماعة من العلماء بإشراف الناشر، دار الكتب العلمية، بيروت، ط1 1403-1983).
***
-المتواري!
مِن كتب المكتبة البُخارية -وما أجلَّها وما أوسعَها!-" "المتواري على تراجم ‌أبواب ‌البخاري" تأليف: ناصر الدين أحمد بن محمد المعروف بابن المنيّر الإسكندراني (ت: 683)، حققه وعلق عليه: صلاح الدين مقبول أحمد، وصدر عن مكتبة المعلا - الكويت، (1407- 1987). ولي توقفٌ في العنوان، فالأوضح الأليق أن يكون: المتواري في تراجم... أو بيان المتواري ... أما بهذا اللفظ فيحتاج إلى تأويل، ولم أر المؤلف نصَّ على العنوان في مقدمته.
***
-أثمان الكتب في التراث:
هذا مبحث تراثي طريف لم أر مَن تناوله وجمع أخباره، وفي كتب التاريخ والتراجم أخبار منثورة، وحكايات مأثورة في ذلك، ولو توجه باحثٌ قارئٌ إلى جمعها وتبويبها وترتيبها ومحاولة تقريب الأثمان بقيمتها اليوم لجاء بسفر فريد وقام بعمل مجيد. فهل يشمر لهذا مشمر؟
***
-مصارع العقول:
جعل اللهُ تعالى العقل قوامًا للإنسان يمنعه عن ارتكاب المهلكات، والسير في المخاطر، والميل عن الصراط المستقيم، وما تفكَّر متفكر، ولا تأمل متأمّل، في أمر طارئ، ومشكلة نازلة، واستشار واستخار إلا ظهر له الوجهُ الأمثلُ، والرأي الأعدلُ في الاختيار والتصرف والتقلُّب، وقد يعرض للعقل ما يعرض للبدن من هلكات، وإنما تصرع العقول عند توقد الشهوات، وسيطرة الرغبات، وهذا ما قاله الوزيرُ العالمُ الناصحُ عون الدين ابن هُبيرة الدوري (ت: 560)، ونصُّ كلمته: "احذروا مصارع العقول، عند التهاب الشهوات"، وهذه الكلمة النابهة المنبهة الجديرة بالحفظ والاستذكار والتعليم سمعَها من الوزير الإمامُ أبو الفرج ابنُ الجوزي البغدادي (ت: 597)، ودوَّنها عنه في كتابه "المقتبس من الفوائد العَونية"، فرحم الله الوزيرَ القائل، والإمامَ الناقل، وهكذا فليكن النصح والإفادة، وهكذا فليكن الحرص على التدوين والإشادة.
***
-تعليق وتعليل:
كنتُ نشرتُ في (7/ 1/ 2023) مقالًا بعنوان: "ماذا في تلك الأكلة؟" فعلق عليه الابنُ بشر -وفقه الله- بقوله:
"بالنسبة إلى موت أبي عبيدة معمر بن المثنى من أكل الموز، أقول: الموز غنيٌّ بالبوتاسيوم، وكثرة البوتاسيوم تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب، فعلى الأرجح أنه تناول شيئًا غنيًّا بالبوتاسيوم قبلها، والموزة كانت الشعرة الفاصلة المؤدية إلى أزمة قلبية.
وأما ابن قتيبة الذي مات من أكل هريسة: فالهريسة تحتوي على نسبة عالية من الكوليسترول (إذا كانت هي نفسها هريسة اليوم)، وذلك أدى إلى انسداد الشرايين أو تصلبها. هذه العملية قد تأخذ سنين، ولكن خطرها عالٍ إذا تُركت بدون علاج، خاصة وقت ظهور بعض الأعراض التي تحتاج إلى تدخلٍ فوريٍّ. والله أعلم".
***
-فوائد لغوية:
-رأيتُ في بطاقة دعوة: "شكًرا لمن عطروا فرحنا بعبق تواجدهم". والصواب: بعبق وجودهم. وأما التواجد فهو التمايل طربًا.
-قل: شيء مهم، ولا تقل: هام.
-قل إذا أخطات وأردتَ التصحيح: بل. ولا تقل: أو. وكثيرًا ما نسمع في الإعلام هذا الخطأ.
-قل: مشروعات. ولا تقل: مشاريع.
-قل: أنا بوصفي طالبًا. ولا تقل: باعتباري طالبًا.
-قل: نحن المسلمين. ولا تقل: نحن كمسلمين.
***
-من وفيات سنة (2024م):
توفي في هذه السنة من الشخصيات العلمية والأدبية: د. عباس الجراري عميد الأدب المغربي. الشيخ حمدا ولد التاه الديماني الشنقيطي. الشيخ الفقيه عبدالمجيد معاذ الحلبي. الأديب محمد قجة الحلبي. الشيخ المربي حسن أفندي. الشيخ محمد إبراهيم عبدالوراث الكتاني الإسكندراني. الدكتور المحقق أحمد خان. العلامة الشيخ محمد علي سلطان العلماء. الشيخ إسماعيل بن عتيق. الدكتور المحقق محيي هلال السرحان. الشيخة المسندة جميلة الكتاني. د. عصمت دندش زوجة د. محمد بنشريفة. أ.د. عبدالله بن محمد الطريقي. د. محمد شفيق البيطار. د. عبدالهادي احسيسن. د. لطيفة الكندوز.
***
-أول المعاصي:
«قال ابن عبدالحكم وابن وهب: سمعتُ مالكًا يقول: ‌أول ‌المعاصي الكبر والحسد والشح». ترتيب المدارك وتقريب المسالك (2/ 66).
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع