مدونة عبدالحكيم الأنيس


رؤوس أقلام (منوعات في العلم والأدب) (241)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


17/12/2024 القراءات: 324  


-الخشوع:
قال الغزالي في «إحياء علوم الدين» (1/ 172): «الأصل في الصلاة الخشوع وحضور القلب، وأن مجرد الحركات مع الغفلة ‌قليل ‌الجدوى في المعاد. والله أعلم».
***
-كلمة إلى طالب العلم:
اهتمّ باللغة اهتمامًا كبيرًا، والتفتْ إلى معرفة مصطلحات العلوم، وإذا توجهتَ إلى العناية بالمخطوطات فيجب أن تعتني بمعرفة قصة المخطوط العربي من بدايتها، وينبغي أن تتابع ما يُنشر عن شؤون المخطوطات، وينفعك كثيرًا في هذا وغيره إدراكُ العلائق بين الكتب، وهذا وغيرُه يحتاج إلى مجالسة أهل العلم الأثبات، ولا سيما المختصون، فعليك بهم، اغتنمْ مجالستهم، واكتسبْ مهارتهم.
***
-أنسيتَهم ذكرك:
في «الوافي بالوفيات» (3/ 24) ط بيروت، (3/ 29) ط ألمانيا:
«الشيخ أبو البيان محمد بن الحوراني أبو البيان، الشيخ الزاهد، تشاغل بالزهد والعلم وصحبة الصالحين، وحسن الطريقة والعفاف والصيانة. دخل يومًا إلى الجامع فنظر جماعة في الحائط الشمالي يثلبون أعراض الناس فقال: اللهم كما أنسيتَهم ذكرَك ‌فأنسهم ذكري. توفي سنة إحدى وخمسين وخمس مئة، ودُفن بالباب الصغير، عند قبور الصحابة».
***
-الوعد يشغل:
قال ابن الحجّاج:
جئتُ بلا وعد لأني فتى ... يُضجرني التسويفُ والوعدُ
محاضرات الأدباء (1/ 743).
وقال الشاعر نصر بن أحمد بن نصر البصري الخبزرزي:
خليليَّ هل أبصرتما أو سمعتما … بأفضلَ مِن مولى تمشى إلى عبدِ
أتى زائري مِن غير وعدٍ وقال لي: … أجلُّك ‌مِن ‌تعليق ‌قلبك بالوعدِ
تاريخ ابن الوردي (1/ 252).
***
-دعاء الجاحظ:
قال في كتابه «الحيوان» (1/ 7):
«‌جنّبك ‌اللهُ ‌الشّبهة، وعصمَك من الحيرة، وجعلَ بينك وبين المعرفة نسبًا، وبين الصدق سببًا، وحبّبَ إليك التثبّت، وزيّنَ في عينك الإنصاف، وأذاقك حلاوةَ التقوى، وأشعر قلبَك عزَّ الحقّ، وأودع صدرَك برْدَ اليقين وطردَ عنك ذلَّ اليأس، وعرّفك ما في الباطل من الذلّة، وما في الجهل من القلّة».
وما أحسنَ قوله: "وحبّبَ إليك التثبّت"!
***
-تقلُّب الدنيا بأهلها:
قال الصفدي في ترجمة (رياء حاضنة يزيد بن معاوية) في «الوافي بالوفيات» (14/ 105)، ط بيروت، و(14/ 156) ط ألمانيا:
"كان بنو أمية يُعظمونها، وأدركتْ أولَ خلافة بني العباس.
وعاشتْ مئة سنة في عز بني أمية، وكانتْ مِن أعقل النساء وأجملهن، وكانتْ إذا دخلتْ على هشام بن عبدالملك تجيء راكبةً، وكلُّ مَن رآها مِن بني أمية قام لها إجلالًا. وأمُّها أدركت النبي صلى الله عليه وسلم، وسمعتْ من عمر بن الخطاب.
وقال حمزة بن يزيد الحضرمي: لقد شاهدتُّ ريّاء في عزِّها أيامَ بني أمية، ثم رأيتُها بعد ذلك مقتولةً على درج جَيْرون، مكشوفةَ العورة، وفي فرجها قصبةٌ مغروزةٌ، ويقولون: هذه حاضنةُ يزيد، قتلَها المُسوِّدة لمّا هجموا دمشق!".
***
-بشارة في رؤيا:
حدثني الشيخ عبدالسميع الأنيس أنه رأى في النوم صباح يوم الاثنين (7 من المحرم سنة 1432) أننا دخلنا أنا وهو على الشيخ عبدالله سراج الدين، وأهديتُ إليه كتبي، ومنها "رعاية الأسرة المسلمة للأبناء"، فأخذه الشيخُ وبدأ يقلب صفحاته بفرح وسرور بالغ به، ثم قمنا لنخرج وخرج معنا إلى الباب وقدَّم لنا ورقتين، في كل واحدة منهما إجازة منه لنا. وقال له الشيخ عبدالسميع: يا سيدي نحن حُرمنا منك بالسفر، ونريد الآن درسًا ولو في الأسبوع مرة، فقال: الآن لا أستطيع. واستيقظَ.
قلتُ: وقد نقلتُ عن الشيخ في هذا الكتاب خبرًا جميلًا (ص: 80) وهو:
"وسمعتُ من قريب عن العلامة الجليل المربي الكبير الأستاذ الشيخ عبدالله سراج الدين (ت: ١٤٢٢) أنه طلب من حفيدٍ له كان قريبًا منه أن يناوله المصحف الشريف، ولم يكن الحفيدُ على وضوء، فأراد أن يحمل المصحف بمنديلٍ ورقيٍّ، فصاح به الشيخ: لا. -لأن المنديل يستخدم للأشياء الممتهنة- ورفع طاقيتَه من رأسه، وناوله إياها وقال: احمله بهذه.
وأحسبُ أن هذا الخبر غير محتاج إلى تعليق. فرحم الله الشيخ ما كان أدقَّه وأوعاه، وما أعظمَ القرآن والسنةَ والعلمَ في صدره!
إنَّ تعظيم المعظَّم سببٌ كبيرٌ من أسباب الانتفاع به: (ذلك ومَنْ يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب) [الحج: 32]".
***
-محبة العلم عند الطاهر ابن عاشور:
قال في كتابه «مقاصد الشريعة الإسلامية» (1/ 172):
«إني أحمد الله على أن أودع فيَّ محبةَ العلم، والتوقَ إلى تحصيله وتحريره، والأنسَ بدراسته ومطالعته، سجية فُطرت عليها، فخالطتْ شغاف قلبي، وملأتْ مهجتي ولُبّي، وغرزت فيّ غريزة نمّتها التربية القويمة التي أخذني بها مشايخي طيب الله ثراهم، وطهّر ذكراهم، ممن جمع أبوّة النسب وأبوّة الروح، أو ممَّن اختصّ بالأبوة الروحية وحدها؛ حتى أصبحتُ لا أتعلَّقُ بشيء من المناصب والمراتب، تعلُّقي بطلب العلم، ولا ‌آنسُ ‌برفقةٍ ولا حديث أُنْسِيَ بمسامرة الأساتيذ والإخوان في دقائق العلم ورقائق الأدب، ولا حبِّب إليّ شيء ما حُبّبت إليّ الخلوة إلى الكتاب والقرطاس، متنكّبًا كل ما يجري حولي من المشاغل. فلا تكاليف الحياة الخاصة، ولا أعباء الأمانات العامة التي حُمّلتها فاحتملتها، في القضاء وإدارة التعليم، حالتْ بيني وبين أُنسي في دروس تضيء منها بروقُ البحث الذكي، والفهم الصائب بيني وبين أبنائي من الطلبة الذين ما كانوا إلا قرَّة عين وعُدَّة فخر، ومنهم اليومَ علماء بارزون، أو في مطالعات وتحارير أخلص فيها نجيًّا إلى الماضين من العلماء والأدباء، الذين خلفوا لنا في آثارهم الجليلة ميادين فسيحة ركضنا فيها بالأفهام والأقلام، ومرامي بعيدة سدّدنا إليها صائب السهام».
وفيه يقول محمد الخضر حسين:
لولا سوادُ الليل ما ابتهج الفتى ... إنْ آنس المصباحَ والإصباحا
ويقول:
مساعي الورى شتّى وكلٌّ له مرمى ... ومسعى ابن عاشور له الأمدُ الأسمى
فتى آنسَ الآدابَ أولَ نشئهِ ... فكانت له روحًا وكان لها جسما
***
-ورع حتى في القبر:
أوصى القاضي أبو يعلى ابن الفراء (380 - 458) أن لا يدخل معه القبرَ غير ما غزله من الأكفان لنفسه! الوافي بالوفيات (3/ 7) ط أ.
***


منوعات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع