مدونة عبدالحكيم الأنيس


قبس من يوميات العمرة وذكرياتها

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


28/11/2024 القراءات: 12  


الاثنين (2) مِن جمادى الأولى (1446)
-خرجتُ إلى المطار أنا وبشر. وصلنا إلى مطار الأمير محمد في المدينة المنورة وشعرنا بفرح شديد. أخذنا سيارة إلى فندق أنوار المدينة. صلينا العصر، ثم توجهنا إلى الحرم وجلسنا في الساحة الأولى ونحن في غاية الانتعاش والسرور. وصلينا المغرب وخرجنا فدخلنا إلى المواجهة الشريفة وسلمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحمد لله رب العالمين على هذه النعمة الكبيرة.
الثلاثاء (3) مِن جمادى الأولى (1446)
-ذهبنا إلى الحرم وصلينا الفجر، وخرجنا فسلمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم مقابل القبة الخضراء، وزرنا البقيع، وعدنا إلى الفندق، وزارنا د. محمد نصيف وأفطرنا معًا، وما ألذ الفطور بجوار رسول الله صلى الله عليه وسلم! وقرأ علي (20) حديثًا من أحاديث كتاب "الأربعون النبوية في علوم العربية".
-صلينا العصر، ثم زرنا أحد شيوخنا. وذهبنا إلى قباء، وتجولنا في المكان ورأينا موقع دار بعض الصحابة، وموقع بئر أريس، وصلينا العشاء، ثم زرنا شهداء أحد.
الأربعاء (4) مِن جمادى الأولى (1446)
-صلينا الفجر في الحرم، وسلمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب الحُجرة، وعدنا إلى الفندق وجاء د. محمد نصيف وأهدى إلينا كتابيه: "زبدة البلاغة"، و"شرح منظومة أصول السير إلى الله في علم التزكية"، والنظم والشرح له. وقرأ بشر عليه منظومتَه...
-نشرتُ:🌴 أنشأ الإسلام (المُدن العابدة)، ورفع الأيدي المتوضئة إلى السماء، وربط القلوب بالملكوت الأعلى، ومكةُ المكرمة والمدينةُ المنورة أعظم (مدينتين عابدتين) في الأرض.
-جاء بعد صلاة المغرب أخ كريم وأهدى إلي "القصائد السبع السخاوية في مدح النبي خير البرية" بعنايته، وقرأ تشطيره للأبيات السهيلية وتخميسه لها، والبردة، وجاء عدد من الإخوة.
-صلينا العشاء ثم زرنا أحد شيوخنا.
الخميس (5) مِن جمادى الأولى (1446)
-صلينا الفجر في المسجد النبوي، ثم خرجنا إلى الساحة وقرأ مجموعة من الطلبة المغاربة والجزائريين "الأربعين النووية". وحمل إلي أخٌ: "الجامع لما صح في السنن والمسانيد والجوامع" تأليف الشيخ لحسن سليماني هدية منه.
-نشرتُ: 🌴 من فضل الله تعالى علينا وجليل نعمائه أن أقام لنا ثلاثة مساجد في ثلاث مدن، جعل فيها من المدارج والمعارج والمباهج ما لا نظير له عند أي أمة من الأمم، وفيها يُلقي المسلمُ عن كاهل نفسه ما تراكم مِن شجون الدنيا، ويعيش أيامًا وليالي هي حقًّا أعراس الدنيا...
-صلينا الظهر في المسجد وسلمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قرب الحجرة النبوية ودعونا وخرجنا، واغتسلنا للإحرام، وانطلقنا إلى محطة القطار.
-نشرتُ: 🌴 لا تُحصى فوائد زيارة الحرمين، ففي كل بقعة بارقة توقد الإيمان، وفي كل سانحة شارقة تمتع الوجدان، وفي كل صلاة درجات وترقيات، وفي كل خطوة قربات وحسنات، والحمد لله على أركان الإسلام، وعلى شُعب الإيمان، وعلى أنْ جعلنا من أمة هذا النبي الخاتم، صلى الله عليه وسلم. وهنا ندرك لمَ كان غيابُ القادر عن الوفود إلى هذا المكان، مِنْ غبن النفس والحِرمان.
-وصلنا إلى مكة بعد ساعتين ونصف... صلينا المغرب، ثم ذهبنا إلى الحرم المكي الشريف، ووصلنا في أثناء صلاة العشاء، ودخلنا بعد الصلاة وطفنا وسعينا وحلقنا، وعدنا إلى الفندق حامدين شاكرين.
الجمعة (6) مِن جمادى الأولى (1446)
-نشرتُ: 🌴 لم أر زحامًا في المدينة النبوية المنورة كما رأيتُ هذه الأيام، كأنها في موسم الحج، وحين يُؤذن للصلاة ترى حشود الناس من كل وجهة، وبعد الصلاة يتوجه الكثيرون للسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم في صفوف مكتظة طويلة جدًّا على امتداد واسع، يحدوهم الشوق والحنين، وبلُّ غليل الحب للجناب الكريم... ما الذي جاء بمئات الألوف هذه من الرجال والنساء؟ ما الذي جعلهم ينفقون هذا الإنفاق بهذا السخاء؟ لم جاؤوا بأولادهم حتى الصغار؟ إنه الإيمان والتصديق واليقين بحقية هذا الدين...ها هم المسلمون المعتصمون بكتاب ربهم، المرتبطون بنبيهم الأكرم صلى الله عليه وسلم يضربون بعرض الحائط كل دعاوى الشبهات، ودواعي الشهوات.
-انطلقنا إلى الحرم وجلسنا على السطح وصلينا المغرب والعشاء هناك، وقرأ علي بينهما الطالب الإندونيسي غازي مولانا الأوائل السنبلية بتمامها وكتبتُ له إجازة بها وإجازة عامة. وسمع بعضها محمد دوير (من مصر).
-كتبت في هذا:
🌴اتفاق لطيف:
أراد بعض الطلبة الإندونيسيين في المدينة المنورة اللقاء، وتعذر عليه لضيق الوقت، فتبعنا إلى مكة، وقرأ مساء يوم الجمعة، بين المغرب والعشاء، على سطح المسجد الحرام، كتاب (الأوائل الحديثية) للشيخ محمد سعيد سنبل المكي، بتمامه، واستحضرتُ يوم قرأت هذا الكتاب على الشيخ محمد ياسين الفاداني الإندونيسي الأصل، المكي، سنة (١٤٠٣)، وقد مر على هذا (٤٣) سنة، وهذه أول مرة يُقرأ عليَّ هذا الكتاب في مكة (حضورًا). ونسأل الله التوفيق والإخلاص والقبول.
السبت (7) مِن جمادى الأولى (1446)
-صلينا الفجر في الحرم في الطابق الأول، وجلسنا إلى الشروق وصلينا وانصرفنا.
-قرأ الإمام في المسجد الحرام اليوم في الركعة الأولى من صلاة الفجر آية المداينة، وفي الثانية أواخر البقرة، وقد حلق في تلاوة آية الدعاء، ويكاد يحسُّ المصلي أن الكون يهتز لتلك الدعوات... وحين سلمنا رأيت الدموع قد بللت العيون، وشعرتُ أن في حنايا الناس حاجات وكربات، وكانت تلك الدعوات متنفسًا لهمٍّ طال مقامُه...
ما أروع سماع القرآن في الحرمين حيث نزل، وما أعظم نفاذه إلى القلوب، ومخاطبته الضمائر! وقد وددتُّ والله لو أطال الإمامُ لتمسح تلك الآيات ما تراكم في الجوانح من كربات.
-🌴يُقال:
مكة رمضان، والمدينة العيد.
مكة تطهير، والمدينة تعطير.
مكة جلال، والمدينة جمال.
مكة تشذيب، والمدينة تهذيب.
وللجلال السيوطي: "الحجج المُبينة في التفضيل بين مكة والمدينة". كنا قرأناه في مجلس في مكة المكرمة.
-🌴 غادرنا مكة المكرمة بعد الظهر إلى جدة، وأنا أردد أبياتًا سابقة لي مطلعها:
اتركوني في أرض مكة يومًا ... أغسل الهم عن فؤادي الحزينِ


العمرة. الحرَمان.


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع