مدونة د. طه أحمد الزيدي


فتوى بشأن (اجتماع الجمعة والعيد في يوم واحد)

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


23/04/2023 القراءات: 354  



س: ما حكم صلاة الجمعة إذا اجتمعت في يوم مع صلاة العيد؟ أرجو التفصيل مع الادلة.
ج: بناء على طلب السائل ستكون هذه الفتوى مؤصلة موسعة.
عند اجتماع صلاتي العيد والجمعة في يوم واحد، فتقام الصلاتان من قبل إمام المسجد؛ ولكن يسقط وجوب حضور صلاة الجمعة عمن شهد صلاة العيد، وحضورها أولى لأهل الحي خروجا من الخلاف، وكذلك يرخص فيها لأهل القرى التي ليس فيها مسجد ، والأماكن البعيدة عن المسجد الذين يشق عليهم الرجوع إلى البلد أو المسجد لصلاة الجمعة، وتجب على من لم يحضرها صلاة الظهر.
أما إقامة الصلاتين فلما ثبت عن النعمان بن بشير رضي الله عنهما أنه قال: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ  يَقْرَأُ فِي الْعِيدَيْنِ وَفِي الْجُمُعَةِ بِسَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ قَالَ وَإِذَا اجْتَمَعَ الْعِيدُ وَالْجُمُعَةُ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ يَقْرَأُ بِهِمَا أَيْضًا فِي الصَّلَاتَيْنِ. أخرجه مسلم.
فدلالته واضحة على أنه  كان يصلي العيد والجمعة ويصلي معه الصحابة الكرام ممن شهدوا معه العيد.
وأما إسقاط وجوب حضورها والترخص لمن شهد صلاة العيد لما ثبت عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: «قَدِ اجْتَمَعَ فِي يَوْمِكُمْ هَذَا عِيدَانِ، فَمَنْ شَاءَ أَجْزَأَهُ مِنَ الْجُمُعَةِ، وَإِنَّا مُجَمِّعُونَ». أخرجه أبو داود، وابن ماجه وصححه الحاكم والألباني
وعَنْ إِيَاسِ بْنِ أَبِي رَمْلَةَ الشَّامِيِّ، قَالَ: شَهِدْتُ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ رضي الله عنهما، وَهُوَ يَسْأَلُ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ رضي الله عنه، قَالَ: أَشَهِدْتَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِيدَيْنِ اجْتَمَعَا فِي يَوْمٍ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: فَكَيْفَ صَنَعَ؟ قَالَ: صَلَّى الْعِيدَ، ثُمَّ رَخَّصَ فِي الْجُمُعَةِ، فَقَالَ: «مَنْ شَاءَ أَنْ يُصَلِّيَ، فَلْيُصَلِّ»، أخرجه أبو داود، والنسائي، وابن ماجه، وهو صحيح وبوب له النسائي باب الرُّخْصَةُ فِي التَّخَلُّفِ عَنِ الْجُمُعَةِ لِمَنْ شَهِدَ الْعِيدَ.
وقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: شَهِدْتُ العِيدَ مَعَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ رضي الله عنه، فَكَانَ ذَلِكَ يَوْمَ الجُمُعَةِ، فَصَلَّى قَبْلَ الخُطْبَةِ، ثُمَّ خَطَبَ فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّ هَذَا يَوْمٌ قَدِ اجْتَمَعَ لَكُمْ فِيهِ عِيدَانِ، فَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَنْتَظِرَ الجُمُعَةَ مِنْ أَهْلِ العَوَالِي فَلْيَنْتَظِرْ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَرْجِعَ فَقَدْ أَذِنْتُ لَهُ» أخرجه البخاري
وتجب صلاة الظهر على من تخلف عن الجمعة لحضوره العيد عند السادة الشافعية والحنابلة، واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية بقوله (في مجموع الفتاوى، 24/ 211) "إن من شهد العيد سقطت عنه الجمعة؛ لكن على الإمام أن يقيم الجمعة ليشهدها من شاء شهودها ومن لم يشهد العيد،... ولأنه: إذا شهد العيد حصل مقصود الاجتماع ثم إنه يصلي الظهر إذا لم يشهد الجمعة فتكون الظهر في وقتها"..
وذهب السادة الحنفية والمالكية إلى أنه إذا وافق العيد يوم الجمعة فلا يباح لمن شهد العيد التخلف عن الجمعة، ويرون أنه لا تجزىء واحدة منهما عن الأخرى فينبغي على المسلم أن يصلي العيد وأن يصلي الجمعة لأن عموم الأدلة التي أوجبت الجمعة لم تخص بدليل يصلح لذلك عندهم، ومع وجاهة هذا القول وحرص أصحابه على إقامة شعيرة صلاة الجمعة وأن الفرض أولى بالأداء من التطوع، إلا أننا نرى أن حديث زيد بن أرقم وحديث أبي هريرة رضي الله عنهما قيد مطلق الوجوب، فتكون كمن سقط وجوبها عنه لعذر شرعي من سفر أو مرض.
وما نقل عن بعض العلماء من إسقاط الجمعة والظهر أيضاً، فمرجوح وقد نسب إلى عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما من الصحابة وإلى عطاء بن أبي رباح من كبار التابعين، وفي نسبته إليهما نظر.


الجمعة والعيد- صلاة الجمعة- صلاة العيد - وجوب الجمعة - طه الزيدي- فتاوى الصلاة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع