من الأحلام إلى البقاء: غزة بين الأمس واليوم
د. رائد محمد حلس | Dr-Raid Mohammed Helles
06/01/2025 القراءات: 104
بقلم
د. رائد حلس
باحث ومختص في الشأن الاقتصادي
قبل اندلاع الحرب على غزة، كانت الحياة تمضي رغم التحديات، وكان الناس ينسجون أحلامهم ببصيص من الأمل في غد أفضل، كانوا يتحدثون عن المستقبل بشغف لا يخلو من التطلع، أحدهم كان يحلم ببناء منزل صغير يحتضن أسرته، وآخرون يخططون لشراء قطعة أرض لاستثمارها أو بدء مشروع جديد يعزز أوضاعهم الاقتصادية.
التعليم كان أولوية للكثيرين، سواء لتحقيق طموحاتهم الشخصية أو لضمان مستقبل أفضل لأبنائهم، وبالنسبة للبعض، كانت الحياة الأسرية المستقرة حلمًا قائمًا على الحب والتفاهم، كانت غزة تعجّ بأفكار ابتكارية وأحلام كبيرة تتجاوز حدود الحصار والمعاناة.
لكن الحرب غيّرت كل شيء، باتت الأحلام الكبيرة شيئًا من الماضي، وحلّ مكانها همّ البقاء على قيد الحياة، لم يعد الناس يتحدثون عن المستقبل، بل عن احتياجاتهم الآنية واليومية، انكمشت الخطط وانحصرت في كيفية تأمين مأوى يحمي الأسر من قسوة الشتاء أو الحصول على شادر جديد بدلًا من القديم المهترئ، أصبح الحديث عن أبسط الأمور مثل تأمين طرد غذائي يحتوي على الدقيق أو الزيت مسألة حياة أو موت، حتى المواد الصحية باتت رفاهية يبحث عنها الناس ليحافظوا على ما تبقى من كرامتهم وسط الدمار والخراب.
إنها حرب قاسية بكل ما تحمله الكلمة من معنى، لم تكتفِ بقتل الأرواح وتدمير المباني، بل امتدت لتقتل الأحلام وتغلق أبواب الأمل، تركت سكان غزة عالقين في صراع يومي مع أبسط متطلبات الحياة، تحولت حياة مليئة بالطموح إلى حياة محكومة بالخوف من المجهول والبحث عن الأمان.
ومع ذلك، ورغم كل الألم، يبقى شعب غزة مثالًا للصمود في وجه المحن، فبينما تقتل الحرب الأحلام، يظل الأمل حاضرًا ولو خافتًا، في عيون أطفالهم وقلوبهم، قد تكون الحرب قتلت أحلام اليوم، لكنها لم ولن تقتل إرادة البقاء، وربما من بين هذا الدمار يولد غد جديد يحمل وعدًا بحياة كريمة، تسودها الحرية والكرامة الإنسانية.
الحرب على غزة - الاحلام - الصمود - البقاء
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع