مدونة حسين سالم مرجين


قراءة نقدية للمؤتمر الإقليمي الخامس للشبكة العربية لضمان جودة التعليم العالي

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


11/12/2023 القراءات: 371  


تم عقد فعاليات المؤتمر الإقليمي الخامس للشبكة العربية لضمان جودة التعليم العالي في مسقط، سلطنة عمان، خلال الفترة من 6 إلى 7 ديسمبر 2023. تمحور المؤتمر حول موضوع "استشراف مستقبل جودة التعليم العالي: أثر التقنيات الذكية والبعد الدولي على منظومة جودة التعليم". تمت إقامة المؤتمر من قبل الشبكة العربية لضمان جودة التعليم العالي بالتعاون مع هيئة الاعتماد وضمان جودة العمانية.
وخلال فعاليات المؤتمر التي استمرت لمدة يومين، تم رصد عدد من الملاحظات المهمة التي أود أن أشير إليها واختصار بعضها، وهي كما يلي:
• لوحظ تنسيق وتنظيم عالي الجودة في إدارة وتنظيم المؤتمر، بالإضافة إلى اختيار المكان المناسب وتوفير جميع الإمكانات اللوجستية المطلوبة. حيث تم التعاطي بشكل جيد مع مضمون المؤتمر، مثل توفير شاشات عرض متقدمة، واستخدام تقنيات الباركود في المادة العلمية للمؤتمر وطرح التساؤلات.
• لوحظ وجود مشاركات خارجية متنوعة، مما يُعَد موردًا قيمًا للمؤتمر. وقد فتح هذا الأمر الباب أمام المشاركين للاطلاع على أفضل الممارسات والتجارب الناجحة في هذا المجال.
• كان هناك تمثيل جيد من معظم الدول العربية، وهذا يُعَد إشارة إيجابية تعكس التزام الدول العربية بتعزيز وتطوير المعرفة في مجال الجودة وضمانها.
• تمكن المؤتمر في بعض الأحيان القليلة من تجاوز حدوده المحددة مسبقًا وأصبح منبرًا لمناقشات متميزة وعميقة. حيث قدم المشاركون من الدول العربية تساؤلات حول مخاوفهم واهتماماتهم بضمان الجودة في التعليم العالي، مما يدل على مستوى الوعي لدى المشاركين واهتمامهم العالي بتطوير وتحسين التعليم العالي. ومع ذلك، يمكن القول بأن مداخلات المؤتمر ككل كانت بحاجة إلى مزيد من الوقت للمناقشات وتبادل الأفكار.
• يُلاحَظ أنَّ واقع مؤسسات التعليم العالي في المنطقة العربية لا يزال بعيدًا عن تطبيق مسار البعد الدولي في ضمان جودة التعليم العالي، وذلك بسبب التحديات التي تهدد مسألة تكافؤ الفرص وإتاحة الوصول إلى التعليم. بالإضافة إلى ذلك، وحسب اعتقادي بأن هذا المجال لا يزال بحاجة إلى مزيد من الكشف والبحث لرصد التحديات المستقبلية والاتجاهات المتوقعة في هذا الصدد.
• بعض المداخلات كانت غير واضحة في تحديد مؤشرات تحقيق أهدافها. إن ما يدعم وجهة النظر هذه هو ما يُلاحظ عن غياب المعالجات المطلوبة للتحديات المطروحة وتحديد المؤشرات التي يمكن استخدامها لقياس تحقيق الأهداف.
• كذلك، برزت الحاجة إلى ضبط المفاهيم والمصطلحات في بعض المداخلات والمناقشات لضمان الفهم الصحيح والمشترك.
• طُرح سؤال مهم في إحدى المداخلات حول أيهما أكثر كفاءة: الاعتمادات الدولية أم الاعتمادات الوطنية؟ . وأظهرت المداخلة العلمية بأن الاعتمادات الوطنية أكثر مهنية وموثوقية. وهذه الجزئية غاية في الأهمية ومع ذلك، يجب مناقشة والبحث عن كيفية استخدام الاعتمادات الدولية في تحسين أداء البرامج الأكاديمية وسمعتها وتعزيز التبادل الطلابي الدولي.
• طُرحت موضوعات مهمة تتعلق بكيفية مساهمة الجامعات العربية في تنمية المجتمعات المحلية وتحسين جودة الحياة، وكيفية تطوير القيادات المحلية وتعزيز الحوكمة في المجتمع من خلال التعليم العالي. ومع ذلك، حسب اعتقادي بأن هذا الأمر لا يزال يشكل تحدي كبير لبوصلة الجامعات العربية، وهذا يعني الحاجة إلى الكشف والبحث عن العراقيل التي تعترض تنفيذ تلك المهام وتحديد مؤشرات تطبيقها بشكل أكثر عمق؛ لتساعدنا مستقبلا على تفعيل تلك المهام بشكل أفضل.
• أوضحت فعاليات المؤتمر أهمية توعية المجتمع ومؤسساته بأهمية دور أصحاب المصلحة وتشجيعهم على المشاركة الفاعلة في جودة التعليم العالي. وحتى نقرب المعنى أكثر يمكن أن نشير إلى أن الأمر بحاجة إلى فهم وتحديد الأدوات والموارد التي يمكن استخدامها لتفعيل وتطوير مشاركة أصحاب المصلحة في ضمان الجودة والاعتماد.
• بينت جل المداخلات على أهمية قيام الدول العربية باتباع نهج شامل ومتكامل لتعزيز الجودة في التعليم العالي، وتشجيع التعاون والتنسيق بين مؤسسات التعليم العالي والحكومات والمجتمع المحلي لتطوير معايير الجودة وضمان تحقيقها. فضلا عن وضع خطط لتعزيز التعاون بين الدول العربية وتحديد المعايير والمبادئ التي تحكم عمليات تقييم مؤسسات التعليم العالي العربية، بالإضافة إلى استراتيجيات تعزيز البحث العلمي والابتكار.
• لوحظ بأن المداخلات العلمية التي تناولت استخدامات التقنيات الذكية في التعليم العالي كانت بحاجة إلى توضيح وضبط مفهوم التقنيات الذكية في التعليم العالي، فضلا عن كيفية توظيفها في المجال الأكاديمي والإداري للمؤسسات التعليم العالي، وكذلك توضيح آليات دمج التقنيات الذكية وخاصة الذكاء الاصطناعي في المناهج التعليمية والتعلمية، وأخيرًا الحاجة إلى وجود آليات تقييم لاستخدامات التقنيات الذكية في تحقيق أهداف التعلم المحددة.
• بالرغم من المناقشات المستفيضة والمعمقة، إلا أنني أعتقد بأن الأمر كان بحاجة إلى أن يصدر عن المؤتمر بيان أو توصيات محددة. خاصة فيما يتعلق بنتائج المؤتمر؛ كون ذلك يسهم في توعية مؤسسات الاعتماد العربية بأهمية التقنيات الذكية والبعد الدولي في جودة التعليم العالي، ويمكن أن يوجههم إلى الممارسات والمؤشرات المهمة في هذا الصدد. كما يمكن أن يسهم أيضًا في وضع إطار قياسي للتقنيات الذكية والبعد الدولي في منظومة جودة التعليم العالي العربية، بما في ذلك تحديد المعايير والمؤشرات التي يجب أن تأخذها مؤسسات الاعتماد العربية في الاعتبار أثناء تقييم الجودة والاعتماد.
وأخيرًا، يمكن القول بأن هذه الملاحظات بمجملها تعكس الفرص والتحديات التي تواجه الجودة وضمانها في المنطقة العربية، وهذا يعني ببساطة بأن هناك حاجة إلى توفير بيئة عربية محفزة وعادلة تلتزم بتطبيق المعايير الجودة وضمانها. فضلا عن الحاجة إلى تعزيز التعليم الجيد على أساس الاستدامة والجودة. وأن يكون للمعايير الجودة والاعتماد الدور الأساس في تطوير التعليم العالي في المنطقة العربية.



الجودة وضمانها - الاعتماد - الشبكة العربية لضمان جودة التعليم العالي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع