السلالم الحجاجية في قوله تعالى: { وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا } [هود /113]
صباح علي سليمان | . Sabah A. Sulaiman
07/01/2025 القراءات: 11
السلالم الحجاجية في قوله تعالى: { وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ} [هود /113]
أ.د. صباح علي السليمان / العراق
يعدُّ السّلم الحجاجي مجموعة من الأقوال مرتبة ومنسقة مذ بدايتها ، أي بداية الحدث إلى نهاية السلم ، ويعتمد على أنَّ كلَّ قولٍ يعتمد على دونه ، وكلَّ قول في السلم يعطي دليلاً أقوى وهكذا.
ومن الآيات التي سأدرسها آية 113 من سورة هود ؛ إذ جاء الركن بمعان مختلفة وهي الميل ، والرضا ، والالحاق ، والنكران عليهم ، والاعتماد ، والظلم ،و الاطمئنان . وجاء الفعل (ركن) مختلفاً في أبوابه ؛ إذ قال الفيومي : " رَكَنْتُ إلَى زَيْدٍ اعْتَمَدْتُ عَلَيْهِ وَفِيهِ لُغَاتٌ إحْدَاهَا مِنْ بَابِ تَعِبَ وَعَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى {وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا} [هود:] وَرَكَنَ رُكُونًا مِنْ بَابِ قَعَدَ قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَلَيْسَتْ بِالْفَصِيحَةِ وَالثَّالِثَةُ رَكَنَ يَرْكَنُ بِفَتْحَتَيْنِ وَلَيْسَتْ بِالْأَصْلِ بَلْ مِنْ بَابِ تَدَاخُلِ اللُّغَتَيْنِ لِأَنَّ بَابَ فَعَلَ يَفْعَلُ بِفَتْحَتَيْنِ يَكُونُ حَلْقِيَّ الْعَيْنِ أَوْ اللَّامِ وَرُكْنُ الشَّيْءَ جَانِبُهُ وَالْجَمْعُ أَرْكَانٌ مِثْلُ: قُفْلٍ وَأَقْفَالٍ فَأَرْكَانُ الشَّيْءِ أَجْزَاءُ مَاهِيَّتِهِ وَالشُّرُوطُ مَا تَوَقَّفَ صِحَّةُ الْأَرْكَان عَلَيْهَا. "
فجاءت معانيها تدلُّ على المشاركة في الظلم ؛ ولعظيم هذا الأمر جاء الله سبحانه وتعالى بحجج كثيرة فالأول ربط الجملتين بشرط مربوطتين بالفاء السببية ،والثاني النهي عن الركون ، والثالث مجيء فعل الشرط وجوابه مضارعين ؛ لدلالة الاستمرار ، والرابع مجيء الفعل ركن من دون مرادفاتها التي ذُكِرت، أي جعله ركنا شديداً ذا عِزّةٍ ومَنْعَة ، فرُكن الشَّيء: جانبه الأقوى، والخامس مجيء الاسم المجرور اسم موصول؛ لأهمية الموقف، وبيانه من خلال صلة الموصول ، والسادس تقديم خبر ما الحجازية وهو تقديم ما حقّه التأخير؛ لغرض التوكيد ، والسابع زيادة من الجارة في اسم ما المؤخر ، وهي من حروف التوكيد ، والثامن نفي النصرة بالفعل المضارع الدال على الاستمرار ، والتاسع مناسبة النهي بلا في عدم الركون للظلم، ومجيء النفي بما الحجازية بأنّهم ليس لديهم أولياء من دون الله تعالى ، ثم مجيء النفي وهو توكيد يعتمد على النهي والنفي في عدم النصرة من أحد ، والعاشر مناسبة العطف بين عدم وجود أولياء لهم ثم النصرة ، فجاء العطف هنا لتراخي ، أي بعد هذا لا تجدون ناصراً لكم وهو عطف جملة فعلية على جملة أسمية. لذا تجد أنَّ الله سبحانه وتعالى جاء بسلالم حجاجية متوالية ؛ كيلا يبقى أي شك عند المخاطب ؛ لخطورة هذا الأمر على حياة الناس .
( ينظر : جامع البيان 12/600، و 15/ 501، ومعجم مقاييس اللغة 2/ 430 ، و المصباح المنير 1/ 237 ، وإعراب القرآن وبيانه 4/ 440 ، والسلالم الحجاجية وقوانين الخطاب – مقاربة تداولية - ، د. حمدي منصور ، مجلة مقاليد ، ع13،2017 ، ص2).
السلالم - الحجاجية - سورة هود
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع