مدونة محمد كريم الساعدي


جماليات البناء الأنطولوجي للشكل الفني / الجزء الأول

أ.د محمد كريم الساعدي | Mohamad kareem Alsaadi


08/02/2024 القراءات: 98  


إنَّ جماليات البناء الشكلي في الصورة الفنية هي من الضروريات التي تعطي للعمل الفني في مختلف الفنون وجودها الفعلي كون العمل الفني في ذاتياته يرتكز على المضمون بوصفه معطى ميتافيزيقي والصورة الفنية وبنائها الشكلي قيمتها الفيزيقية التي تحدد اشتغالها البصري على مستوى تأكيد المضمون وما يرمي إليه في تكوين المعنى في العمل ذاته ليصل الى المتفرج المتبني لفعل الإيجاد البصري من حيث البنى المعرفية المتشكلة في الأفاق الثلاثة ابتداءَ من أفق العمل الفني وصولاً الى أفق التلقي وما بينهما من أفق تواصلي مبني على الأفقين السابقين وداخل بينهما .
ويتمظهر السؤال المتبنى في هذا المجال المعرفي ذات البعد البصري في كون المبتغى من هذه الجماليات هل هي ذات مغزى معلن غايته دفع التفكير في ذات الموضوع الجمالي ؟ أم أن الغاية المبتغى من هذا الفعل الجمالي في البناء الشكل ه إيجاد مساحة معرفية أخرى تجعل المتفرج قادراً على استنباط المرمى المعرفي ذات الإيديولوجية المعينة في التمظهر الجمالي المبتغى من الفعل الفني في البناء الشكلي للمنطلق الجمالي ذاته؟.
إنَّ الفنون المتنوعة ينطلق منها البناء الشكلي في الصورة الفنية والإطار الشكلي فيها من عناصر ، ويذكر ها الدكتور (زكريا ابراهيم) ،إذ يرى الآتي : " ذهب بعض علماء الجمال الى أن ثمة عناصر ثلاثة لابد أن تدخل في تكوين العمل الفني . ألا وهي على التعاقب : المادة ، الموضوع ، التعبير"(1) ، وهذه العناصر الثلاثة التي تشكل العمل الفني بما فيها العمل المسرحي ، تدخل أثنان منهما في البناء الشكلي للصورة الفنية وهما المادة والتعبير ، والثالث يدخل في البناء الداخلي لما يريده القائم على العمل في تشكيل معنى صورة العمل المسرحي ، سواء أكان نصاً ،أم عرضاً مسرحياً .
إنَّ الجمال في الفن المسرحي ينطلق من السؤال عن الهدف الأسمى للعمل المسرحي ، وهذا السؤال الجمالي الذي تمظهر في صور متعددة على مستوى مخاطبة الجمهور بمستويات متعددة من أجل إيجاد مساحة معرفية إبداعية يتخللها الفعلي الجمالي على مستوى البناء الشكلي والفني في العمل ذاته ، لذا فإن هذه المسيرة الجمالية في الفن المسرحي تعد في جوهرها بحثاً جمالياً من أجل إيجاد إبداع مسرحي يتمثل في جميع أشكاله " في إعادة ابتكار مفهوم الجمهور بحيث يكلف هذا الأخير عن أن يكون متلقياً سكونياً ليتحول الى مشارك في العمل الفني بوجوده ، وبمحسوسيته ثم باندماجه في دينامية هذا العمل أو ذاك " (2). إنَّ ما يريده الشخص المعني من عمله الفني المسرحي هو بناء معنى داخلي للعمل يتمحور في إطار شكلي فني جمالي غايته جمهور متفاعل ، وليس غايته العمل ذاته فقط ، فإن الجماليات في البناء الشكلي إذا ما ارتبطت في العمل الفني ذاته دون غايات أخرى سيفقد العمل الفني مشروعيته الجمالية التي يسعى اليها المتبني للرؤية الجمالية في المسرح .
إنَّ ما يهدف اليه الفاعل المسرحي في توفير رؤياه الجمالية هو خلق منظومة تعبيرية ذات واقع دلالي في العمل الفني المسرحي ، كون هذا العمل الفني المسرحي سواء في النص وهو القاعدة الفعلية لإنتاج المنعى الجمالي في قاعدته الأولى ، أو في البناء الأنطولوجي ذات الجوانب البصرية التي يستهدفها القائم على البناء المسرحي في العرض المسرحي وعناصره الفنية ذات البعد الجمالية فيه ، ومن هذا المعنى الجمالي تولد الصورة في أوسع معناها الفني الجمالي ، إذ تعد هي " منظومة تعبيرية ذات رصيد دلالي قيمي ، لأنها تحمل معنى وتمارس وجوداً دائماً من طرف ثاني ، وهذا ما يجعلها واقعاً قابل للتثبات والاستعادة ، طالما بقيت مرجعاً مهما لها تاريخها ودورها الحتمي " (3) ، ومن ثم فإن الاشتغال على تكوين العمل البصري لابد من الأخذ فيه بجمال الصورة الفنية على فق البناء الأنطولوجي للشكل الفني في العمل ذاته في غاية يكون فيها للجمهور المشاهد للعمل الفني إنتاج المعنى الجمالي المكتسب من هذا البناء الشكلي الجمالي .


الجمال الانطولوجيا الشكل


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع