إيقاع النشيد الوطني المصري والعراقي
سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat
25/06/2023 القراءات: 269
الغالب على الأناشيد الوطنية العربية مجيئها على إيقاع (الرمل)و هو بحر حربيٌّ بٱمتياز ،وطربيّ بٱمتياز على ما يتضح من تفعيلة(فاعلاتن)المستوحاة من قرع الطبول ،و أيضا فمن معاني الرمل المشي أو العدو السريع .و بما أن الحس العسكري طاغٍ على شعوب المنطقة ،و بما أن شعوبنا على عهد دائم مع الحروب و الانقلابات و مع العدو السريع في ما لا يسرّ و الى ما لا يسرّ ،فليس لأناشيدنا الوطنية إلّا أن تخفّ''على حس الطبل'' كما يقول العراقيون...
وقد شذّ عن هذا البحر نشيدانِ:النشيد الوطني المصري، والنشيد الوطني العراقي:
#أولًا:النشيد المصري
يشذّ النشيد الوطني المصري عن ذلك قليلا، إذ ينتهك حرمة الرمل في مواطن كثيرة ،فمرة يلقي بنفسه بين احضان المتقارب،ومرة في أحضان المقتضب ، ومرة يكاد يقترب من الخفيف،وكأنه يريد أن يذهب بذاته بعيدّا،و ولكن أين له ذلك والرمَل كالليل الذي هو مدركنا!.
فضلًا عن أنَّ لغة النشيد تكاد تقترب من العامية ،على ما يبدو ممّا فيه من إيثار التسكين ،و عدم مرعاة قواعد النحو....
ولك تقطيع أبيات النشيد:
*بلادي بلادي بلادي(فعولن×٣)
*لكِ حبي و فؤادي(فعلاتن×٢)
*مصر يا أمّ البلاد(فاعلاتن فاعلاتْ)
*انتِ غايتي و المرادْ(فاعلاتن مستفعلن)؟. تلفظ(أنتِ غَيْتي)
*وعلى كلّ العباد (فعلاتن فاعلاتْ).
*كم لنيلكْ من أيادي (فاعلاتن فاعلاتن)
*مصر أنتِ أغلى درّهْ(فاعلاتُ فعلن فعلن)؟.
*في جبين الدّهر غرّهْ(فاعلاتن فاعلاتْ).
*يا بلادي عيشي حرّه(فاعلاتن فعلن فعلن ْ)و إذا حذفت من عيشي(فاعلاتن فاعلاتن).
*مصر يا أرض النعيم(فاعلاتن فاعلاتْ)
مقصدي دفع الغريم(فاعلاتن فاعلاتْ).
و على الله ٱعتمادي(فعلاتن فاعلاتن)
مصر أولادك كرام(فاعلاتن فاعلاتْ)
أوفياء يرعوا الزمام(فاعلات مستفعلان)و إذا حذفت همزة أوفياء(فاعلاتن فاعلاتْ).
نحنُ حربٌ وسلام(فاعلاتن فعلان)
و فداكِ يا بلادي(فعلاتُ فاعلاتن).
يقال إن هذا النشيد مقتبس من إحدى خطب الزعيم الراحل مصطفى كامل و أنَّ الشاعر لم يغير من كلمات الزعيم الشيء الكثير ،إذ حافظ على جلال الخطبة أولًا،و راعى الذوق العام ثانيا بأن أراد مجيء الكلمات سهلة يسيرة على اللسان ......
و يقال ،أيضا،:إن لغة النشيد تكاد تقترب من لغة الأزجال و الموشحات التي قد يستقيم إيقاعها بالغناء ....
هذا النشيد أحبه كثيرا ، وأنجذب اليه،و أحفظه كما أحفظ النشيد العراقي.
#ثانيًا:النشيد الوطني العراقي
( الإيقاع و الاستفهام الوجودي)
على أي بحر كُتِب النشيد الوطني العراقي؟.
ما دلالة الاستفهام في هذا النشيد ؟.
النشيد الوطني العراقي جاء على تشكيلة وزنية جديدة مستحدثة،فقد مرج شاعرنا الفلسطيني البحرين يلتقيان،و لكن ليس بينهما أي برزخ ،لأن كلا البحرين أصلهما واحد ....فهذه التشكيلة الوزنية هي نتاج مزج المتدارك الذي تمتاز وحدته(فاعلن) بالخفة و الانسياب ،و بين المتقارب الذي مُنِيَتْ ،هنا،وحدته (فعول)بزحاف القبض الذي يلوي المصارين حد الوجع، و هكذا هي حياة العراقيين تلين لهم أزمانٌ،و تلوي مصارينهم أزمان!.
وعلى أي حال ،ليس في هذه التشكيلة ما يشذ عن الذوق العربي ،و ليس فيها ما يصكّ طبلة الأذن، لأن(فاعلن)مقلوب (فعولن)أو العكس: (فعولن=علن+فا) (فاعلن=لن+فعو)و هذا هو سرّ ايقاع القصيدة الآسر ،و سرّ انسيابها و سهولة حفظها و جريها على اللسان .
هاك تقطيع النشيد:
*موطني موطني
(فاعلن _فاعلن).
*الجلال و الجمال و السناء و البهاء في رباك
(فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعلن_فاعلن_نْ) .
*و الحياة و النجاة و الهناء و الرجاء في هواك
(فاعلن_فعول_فاعلن _فعول_فاعلن_فعول_فاعْ)
*هل أراك سالمًا منعّمًا و غانمًا مكرّمًا
فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فعْ.
*هل أراك في علاك تبلغ السماك
(فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعْ) .
*الشباب لن يكلّ همه أن يستقلّ أو يبيدْ
(فاعلن_فعول_فاعلن _فعول_فاعلن_فعول_فاعْ).
*نستقي من الردى و لن نكون للعدا كالعبيد .
(فاعلن_فعول_فاهلن_فعول_فاعلن _فاعلن.نْ) .
*لا نريدُ ذلّنا المؤبدا و عيشنا المنكّدا.
(فاعلن_فعول_فاعلن_فهول_فاعلن _فعول_فعْ)
*لا نريدُ بل نعيدُ مجدنا التليدْ
(فاعلن _فعول_فاعلن_فعول_فاعْ).
*الحسام و اليراع _لا الكلام و النزاع_ رمزنا.
(فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فعْ).
*مجدنا و عهدنا و واجب الى الوفا يهزّنا
(فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فعْ) .
*غاية تشرّف{و} راية ترفرف. (عند إثبات واو العطف)
(فاعلن_فعول_فعلن_فعول_فاعلن) .
غاية تشرف ... راية ترفرف.(بحذف الواو).
(فاعلن فعول_فعول_فاعلن_فعو).
*يا هَناكَ في علاك قاهرا عداك.
(فاعلن_فعول_فاعلن_فعول_فاعْ).
ملحوظة /لا يختل الوزن عند تكرار عبارات(في رباك_هل اراك_في هواك) ......
أما عن دلالة الاستفهام في النشيد ،فالاستفهام هنا تتراوح دلالته بين(الاستفهام الحقيقي _والتمني_و ربما التوكيد وتفسيره ب''قد'') ...
و لكن أحد الإخوة فسّر هذا الاستفهام بنبرة عبثية ب(النفي)، ربّما لأنه يعرف أن الشاعر الفلسطيني إبراهيم طوقان هو من كتب هذه الكلمات ،و يعرف جيّدًا أن العراق و فلسطين قد قطعا منذ الأزل عهدا مع الأوجاع .
إن كان إبراهيم طوقان(يستقي من الردى) فما ذنبنا نحن ؟.
وإن كان إبراهيم طوقان يتوسّم ب(الحسام بجنب اليراع) فكيف له أن يتخلص من( الكلام و النزاع) ....
يا هَناك في علاك لو وضعت الحسام جانبًا يا وطني،و أنا مؤمن لو أنك بقيت أعزلَ يا_ وطني _ لبادروا إليك مدججين ....
كُتبت على صفحتي الشخصية في :٢٥ /٦ /٢٠١٨
إيقاع النشيد الوطني المصري والعراقي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع