مدونة سيف بن سعيد العزري


طوفان الأقصى، مواقف وعبر، (٩) الصبر والاحتساب

سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI


19/10/2023 القراءات: 955  


لقد رأينا جبالاً تنهارُ بفعل الزلازل، وجبالاً تذوب بفعل البراكين،،،
وفي معركة #طوفان_الأقصى رأينا جبالاً تزلزلُ زلزالاً ولا تنهار، وجبالاً تأتي عليها براكينُ ولا تذوب، إنّهم أبطالُ غزة رجالاً ونساءً صغاراً وكباراً، هذه الجبال راسخة على ما تشعرُ به من تزلزلِ الأرض من تحتِ أقدامها، وهذه الجبالُ متماسكة على ما ترى من تدميرِ الوحدات السكنيّة على ساكنيها، وهبوطِ المستشفيات على مَن فيها، وتفجير المدارس والمساجد على رائدِيها،،،
وكم رأينا من الصورِ والمقاطع:
- ممرضة تتفاجأ حين تستقبل زوجها من ضمن الشهداء، فتصبر.
- أم تفرح أيما فرح وهي تستقبل خبر استشهاد ابنها مقبلاً غير مدبر في طليعة المقاتلين، وقد أبلى بلاء حسناً، وتعطي بموقفها بل بمنطقِها درساً تنحني أمامَه رؤوسُ الأحرار.
- رجل يحمل ابنته الشهيدة على ركام منزلهم، وهو يؤكّد بأنّهم ما هم بمنهزّين، ويتوعّد تلّ أبيب.
- رجلٌ يحملُ أشلاء أبنائه المتبقية على كيس.
- طفل صغير يجلس على ركامِ منزلِهم يدعو الله بالنصر.
- رجلٌ يفقدُ في قصفٍ زوجتَه وأولاده السبعة، ويصبر.
- طبيب يحتضنُ حفيدَه الطفل شهيداً.
- رجل يعرضُ بعض أشلاء أطفاله أمام المصوّرين، ويصرخ ليُرسلَ للعالم رسالة.
- طفل مصاب يلقّنُ أخاه المثخّنَ في جراحِه الشهادة.
- أبٌ يودّع أولاده الشهداءَ، ويخاطبُهم بأنْ ينتظروه، فإنّه سيلحقُ بهم قريباً.
- وغير ذلك كثير.

مشاهدُ تشيبُ منها الولدانُ ألماً، وينفطر لها القلب دماً، ولكنّها لدى أولئكَ الأبطالِ هي بوابةٌ إلى جناتِ اللهِ العالية، {وَلاَ تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاء عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُون. فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُواْ بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلاَّ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون}، كما أنّ ذلك بوابةٌ إلى نصرٍ من الله وفتح مبينٍ،،،

وهم في ذلك سائرون على نهجِ الخنساءِ تماضر بنت عمرو، كان لها ‌أربعة بنين شهدوا معركة القادسية، فجعلت تحرضهم ليلة المعركة على الثبات، ومما يُروى من قولِها لهم: "واعلموا أنّ الدار الآخرة خير من الدار الفانية، {اصْبِرُواْ وَصَابِرُواْ وَرَابِطُواْ وَاتَّقُواْ اللّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون}، فإذا رأيتم الحرب قد شمّرت عن ساقيها وجلّلت ناراً على أوراقها فتيمّموا وطيسَها وجالدوا رسيسها تظفروا بالغُنم والكرامة في دار الخلد والمقامة"، فلمّا حميَ وطيسُ المعركة واشتدَّ أُوارُها جعلوا يذكّر بعضُهم بعضاً بوصيّة أمّهم، فأقبلوا ببسالة وقاتلوا بشجاعة، حتى استشهدوا جميعًا فقالت: "الحمد لله الذي شرّفني بقتلهم، وأرجو من الله أنْ يجمعني بهم في مستقرّ رحمتِه"

فالعبرة من ذلك:
أنّ علينا أن نمضي في طريق النصر بعد الأخذ بالأسباب والتوكلّ على الله، وأن نصبر على ما نلاقيه من بأساء،، وأن نحتسب ما نفقده أجراً وثواباً عند الله.


سيف بن سعيد العزري
عشيّة الخميس 4 ربيع الثاني 1445هـ،
الموافق له 19أكتوبر 2023م


طوفان الأقصى، فلسطين، غزة، مجزرة مستشفى المعمدان


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع