مدونة ياسر جابر الجمال


الإيقاع بإعتباره من العتبات النصية المتجددة

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


25/07/2023 القراءات: 466  


الإيقاع لغة من : وقعَ يقعُ ، وقوعًا وإيقاعًا ، والإيقاع هو : إيقاع اللحن والغناء ، وهو أن يوقع الألحان ، وسمى الخليل كتابًا من كتبه بذلك العنوان ، وهو كتاب الإيقاع.
ويعرف اصطلاحًا بأنه " النغمة التي تتكرر على نحو ما في الكلام ، أو في البيت ، أى توالي الحركات والسكنات على نحو منتظم في فقرتين أو أكثر من فقر الكلام ، أو في أبيات القصيدة ، ويعد أرسطو من أوائل النقاد الذين تحدثوا عن الإيقاع وربطوه بالانسجام الذي تطلبه الطبيعة الإنسانية، فهو نتيجة لانغراسه في الحقيقة العضوية والنفسية للإنسان أصبح قادرًا على أن يحيل إلى تجارب عاطفية ومعرفية، فبوساطته يتغلغل الشعر في اللغة إلى أعمق جذور لها في الطبيعة العضوية والوظيفية للإنسان، فالإيقاع عنصر متحرك يكون بمنزلة الدم الساخن الذي يبعث الدفء والتوتر داخل لغة الشعر، وحركة تسير مع النص ، وتنهض في نسيج مكوناته لتوليد الدلالة لما يمتلكه من قوة إيحائية ، يضفيها على السياق الذي يتكون من ألفاظ يختارها الشاعر لإيمانه بتمكنها من إثارة النفس و العواطف لدى المتلقي، ويعد الإيقاع العنصر الذي يميز الشعر عما سواه ، فهو حين يتغلغل في بنية العمل، فإن العناصر اللغوية التي يتشكل منها ذلك العمل تحظى من تلك الطبيعة المتميزة للفظة بما لا تحظى به من الاستعمال العادي، ولا سيما أن الشعر لا يمكن أن يوجد دون إيقاع يتجلى فيه جوهره ، وجوه الزاخر بالنغم ، إيقاع يؤثر في أعصاب السامعين بقواه الخفية التي تشبه قوى السحر ، قوى تنشر في نفوسهم موجات من الانفعال والانسجام ، وذهب بعض الدارسين إلى أبعد من ذلك إذ جعله عنصرًا أساسيًا في مظاهر الحياة كلها ، "لما له من أثر في حركة الكون ، وتعاقب الفصول ، ودورة السنين"( ) ، فهو يمثل نبض الكون وجوهره الذي يسري في كل عصر ، وفي كل إنسان ، إنه قوة موضوعية، وهذه القوة وحركتها موجودتان دائماً ، سواء أكنا نعي ذلك أم لا، وبما أن الإيقاع يوصف بأنه نظام ، فإنه ما يزال في طروحات كثيرة من النقاد يفتقد إلى الدقة والشمول ، لما يحيطه من غموض مفهومي ناتج عن اختلاف وتباين وجهات النظر النقدية فيه، الأمر الذي ساعد ـــ أيضًا ـــ في ظهور أنواع شعرية عدة لدى العرب وغيرهم مثل : الدوبيت ، والموشحات ، والمخمسات ، وغيرها وعملية التطوير هذه ستبقى مستمرة ، لأنها"تأتي استجابة لرغبة الشعراء في جعل أشعارهم تتلون بلون حالاتهم النفسية واختلاف مقصدياتهم، وكذلك رغبة منهم في كسر حال الجمود التى قد تصيب شعرهم ، إذا استمروا في نظم شعرهم على القوالب القديمة نفسها فعملية التطوير في الإيقاع ستبقى مستمرة ما دام هنالك مبدع يحاول أن يوصل انفعاله إلى المتلقي من دون أن يجعل الأخير يحس عند قراءة نتاجه بأى نوع من الملل


الأدب، النقد، الإبداع


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع