مدونة د. أسماء صالح العامر


مبادئ وأصول جامعة في دراسة العلاقات بين العلوم🎄🌼

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


29/12/2023 القراءات: 537  


مبادئ وأصول جامعة في دراسة العلاقات بين العلوم:

من المهم التأكيد على مبادئ ضابطة ومؤسِّسة لفهم وتصور طبيعة هذا المجال البحثي، فمن ذلك:

أولا: مَبدَأ الصِّلة:
التخَصُّصات ليست كالجزُر النائية عن بعضِها لا يمكن الاتّصال بينها، بل المعرفة في الأصل مترابطة ومركّبة، وما تكاثرت العلوم إلا لسدِّ حاجة واقعيّة، أو مزيد تدقيقٍ في قضية علميّة من خلال نظم مسائل متعدّدة ومتلائمة يجمعها غرض واحد.
ومِن لطيف معنى مفردة «بين» دلالتها اللغوية على الوصل، فالصلة قاعدة هذا الباب وأساسُه، فـ«التعاريف جميعها لا تخرج عن اعتبار تداخل المعارف تبادلًا أو حوارًا بين المعارف والعلوم؛ إنْ على مستوى التحليل أو المنهج أو المفاهيم أو النظريات، بين علمين فأكثر، مما يحقّق الثراء والإبداع، عبر المقاربة الشموليّة والمتكاملة للظواهر المعرفيّة المتداخلة العناصر والمكونات»( ).

ثانيا: مَبدَأ الاستِقلال:
لبُّ الفكرة التي يقوم عليها هذا النوع من البحث البينيّ: هي التعامل الأمثَل مع تعدّد العلوم، وتنوّع سياقاتها، وخصوصيّة منهجها، فالدراسة تتأسَّس على خلفية الوعي بتمايز التخَصُّصات؛ لأنّ «البَينيَّة» كشفٌ للصّلة والتناسب بين عِلمين لكلّ منهما مقامُه ورجاله، فحين يقال بأن هذه المعارف علمٌ مستقلّ، وتلك ليست بعلم، فليس هذا من قبيل التحكّم والهوى، بل وضَع العلماءُ لذلك معايير مُحْكَمة تتابعوا عليها وقرَّروها بالمقال أو الحال، وذلك مثل: الموضوع المحدَّد، والغرض من العلم ووظيفته، والمنهج، وغير ذلك( ).
ولكي نعرف العلاقة بين أمرين لا بدَّ من تحقُّق انفصالهما شكلًا ومضمونًا، ثم معرفة الكليّ الذي يجمعهما، ونمط العلاقة إن ثبتت تأثّرًا وتأثيرًا.

ثالثا: مَبدَأ التعاوُن:
النمَط العامّ والعادة المطَّرِدة للعلوم والمعارف أنها تتناسَل فيما بينها، ويتأثَر المتأخِّر منها بالمتقدِّم، بل إنَّ الكاتب قد يجعل العلم الأوّل أمام ناظرَيه كأنموذج يهتدي به في البناء والتقرير، وهذا مِن أظهر صوَر التكامل بين العلوم وتداخلها الإيجابي، وهو من المبادئ العريقة في التراث الإسلاميّ، فالتكامل كمعنى ومفهوم كان سائدًا من زمن مبكِّر، وكان طابعًا عامًّا تصطبغ به المؤلفاتُ الأولى التي ظهرت في العلوم الإسلاميّة، وللإمام الغزالي رحمه الله (ت:505هـ) عبارةٌ تُعدّ أصلًا في هذا الباب؛ إذ يقول: «فإنَّ العلوم متعاوِنة، وبعضها مرتبط ببعض»( )، وقبله ابن حزم رحمه الله (ت: 456هـ) نصّ على أنَّ العلوم «متعلِّق بعضها ببعض.. محتاجٌ بعضها إلى بعض»( ).




أصول-دراسات-علوم


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع