يجوز للمحكمة تطليق المرأة على زوجها إذا ثبت الضرر
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
09/07/2023 القراءات: 359 الملف المرفق
أيّها الأصحاب: رأيت أن أطرح بعض المسائل التي وردت في الحكم القضائي بعد طرح ملخص الدعوى والحكم والعبرة منها، وذلك لغرس الثقافة الشرعية والقضائية لدى الناس عامّة ولدى المتخصصين خاصّة،
من ضمن المسائل في هذا الحكم:
هل للمحكمة أن تحكم بتطليق المرأة على زوجها:
"من المعلوم فقهاً أنّ أهل العلم اختلفوا في مشروعية تطليق الحاكم للإساءة، والمحكمة ترتضي القول بجواز ذلك؛ لأنّ الضرر الذي يتعذّر معه استمرار العلاقة الزوجيّة من شأنه أن تتلاشى معه كل دواعي السكينة وتنتفي كل وشائج المودة والرحمة التي جعلها الله تعالى هدفاً من الحياة الزوجية في قوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُون} الروم:21، فحين تتلاشى كل دواعي السكينة وتنتفي كل وشائج المودة والرحمة يكون لزاماً فصم أواصر العلاقة الزوجية لقوله تعالى: {الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ} البقرة: من الآية: 229، وقوله: {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النَّسَاء فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلاَ تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لَّتَعْتَدُواْ} البقرة: من الآية231، وقوله: {فَلاَ تَمِيلُواْ كُلَّ الْمَيْلِ فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ} النساء: ١٢٩، كما أنّ الله تعالى أعقب ذكر الحض على الصلح بين الزوجين عند خوف النشوز والإعراض وكذا ذكر النهي عن ودع المرأة كالمعلّقة أحد خيارين؛ إما الإصلاح أو التفريق، حيث قال: {وَإِن تُصْلِحُواْ وَتَتَّقُواْ فَإِنَّ اللّهَ كَانَ غَفُورًا رَّحِيمًا (129) وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللّهُ كُلاًّ مِّن سَعَتِهِ وَكَانَ اللّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)} النساء: ١٢٩ -١٣٠، فلا معنى لاستمرار زوجين في ظلّ حياة زوجيّة لا يجنيان منها إلا النكد والشقاء، وما يزيدهما قربهما إلا عداوة وبغضاء، فعلى كلٍّ من الزوجين حينها التزامٌ شرعيٌّ حسب الحالة ومن تكون منه الاساءة؛ فحين تكون الإساءة من قبل الزوجة فلا يجوز لها طلب الطلاق لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلمّ -: (أيّـما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأسٍ فحرام عليها رائحة الجنة)، ومع هذا إذا كرهت زوجها فخافت ألا تؤدي حقه عليها جاز لها أن تطلب الخلع بمقابل تدفعه لقول الله تعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ} البقرة: من الآية229، وجاز له أخذ المقابل ويخلي سبيلها، وعلى هذا جاء حديث أول خلع في الإسلام بين ثابت بن قيس وزوجته حبيبة بنت سهل، وحين تكون الاساءة من الزوج فعليه تلافي التقصير واجتثاث أسباب الخلاف سعياً في الإمساك بالمعروف، وإلا كان التسريح بإحسان بأن يطلقها، وليس له -فيما إذا أساء إليها بغية مضارّتها حتى تعرض الخلع -أن يأخذ منها شيئاً من المال وإلا كان سحتاً لقوله تعالى: {وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ} البقرة: من الآية229، أما إذا تعسّف كلٌّ منهما في استعمال حقه، وَرَفَع المتضرر الأمر إلى القضاء نظر القاضي في أمرهما سعياً في رفع الظلم عن المظلوم، بحكم ولايته العامّة في رفع الضرر عن الناس للقواعد الشرعية: "لا ضرر ولا ضرار" و"الضرر مرفوع"، فإن أدى الأمر إلى التفريق بين الزوجين فذلك جائز له شرعاً، وقانوناً على ما جرى قانون الأحوال الشخصية حيث نصت المادة (أ/101) أحوال شخصية على أنه "لكلٍّ من الزوجين طلب التطليق للضرر الذي يتعذر معه دوام العشرة بينهما ...، إذا عجز القاضي عن الإصلاح وثبت الضرر حكم بالتطليق مع مراعاة المادة (107) من هذا القانون"،
فالخلاصة أن للمحكمة أن تحكم بالتطليق إذا ثبت الضرر.
حكم قضائي، تطليق للضرر، حكم شرعي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع