علم القيمة وعلم الثمن........................
ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal
09/02/2024 القراءات: 443
في الوقت الحاليِّ والوقت القادم لا يمكن أن تبقى المعايير كما هي في ظل التحول الرهيب في كل شيء، ومن كل شيء، والتحلل من كافة القيود، من الكتابة إلى الصورة، ومن الصورة إلى الرقمنة، ومن الرقمنة إلى ما لا نعلمه .
هذا وبالإضافة إلى إمكانية فعل أي شيء، وشراء أي شيء؛ فالآن أصبحت المادة هي القيمة المقوِّمة لكل شيء، وهذه هي الحقيقة التي نسير إليها بخطًى سريعةٍ وثابتة، لا يمكن في النهاية أن نخطئ الطريق طالما اختارنا أن تكون المادة هي القيمة المقوِّمة لكل شيء .
فالعلم يباع ويشترى، و الإنسان –أيضًا- يباع ويشترى، وهكذا بقية الحياة، هي مجرد سلعة تباع وتشترى، لا يمكن لك أن تحقق مشروعا إذا غفلت عن هذه الحقيقة التي تصرخ فيك صباحَ مساءَ.
العالم من حولك من أقصاه إلى أقصاه يتعامل وفق هذه الرؤية، وأيُّ إهمال لها يعني السقوط.
نحن في سياق الانتقال من القيمة إلى الثمنيَّة أو السعر، وكل ما له سعر يمكن شراؤه، والأشد من ذلك وجود البدائل، فكل من له بديل فلا سعر له .
الانتقال من حالة القيم إلى حالة البيع والشراء وفق معايير الشرائيَّة فقط، سيكون تحول مريع في كل شيء حتى في الإنسان نفسه!
الحديث عن السرديات الأخلاقية وعالَم القيم والمبادىء أصبح من ركام الماضي ، وكسدَتْ سوقُه في الأوساط كافةً؛ فالقائم هو الثمنيَّة التي يمكن من خلالها فعلُ أي شيء ، ومع أي شيء ،وفي أي وقت وفي كل وقت .
تحضرني قصة قديمة تخلص تلك الفكرة بصورة واقعية حدثت مع شاعر النيل حافظ إبراهيم: فقد كان يجلس على القهوة لايجد من يدفع له ثمن كوبٍ من الشاي، وكانت أشعاره تدور حول معاني الفقد وضيق اليد، وأن الحياة بخَسته، وهكذا ، حتى حصل على وظيفة وأصبح ميسور الحال ، فقد تغيَّرت رؤيته للحياة بالكليَّة، وظهر ذلك على قصائده وأشعاره .
هذا الملمح يؤكد لك الحقيقة التي جُبل عليها بنو الإنسان ، وإنَّ مسألة الكتابة من أجل القيمة لم تَعد موجودة ؛ بل الآن السؤال المحوريُّ الذي يجب الإجابة عنه: ماجدوى هذا ؟ وهل يستطيع أن أُطعم اطفالي من خلاله أم لا ؟ وإلَّا فلْيذهب كما ذهبَتْ أم قَشْعَمِ.
الثمن .. القيمة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع