مدونة عبدالحكيم الأنيس


أخطاء المحققين في تراجم الأعلام (1)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


13/12/2022 القراءات: 1028  


هذه جملة غير قليلة من الأخطاء التي وقعتْ للمحققين في تراجم الأعلام، في أكثر من (35) كتابًا، وقد يكون في الكتاب الواحد أخطاء متعددة، أسوقها للتنبيه والتوقي عند إرادة ترجمة أي علم تُراد ترجمته في المحققات، وقد رتبتها على الحروف:
***
1. الإبانة لأبي الحسن الأشعري (ت: 324)، تحقيق د. فوقية حسين محمود.
مِن شيوخ الأشعري أبو خليفة الفضل بن الحُباب الجُمحي (206-305)، وقد ترجمتْ الدكتورة فوقية في مقدمة "الإبانة" للجُمحي هذا على أنه عبدالرحمن بن عبدالسلام، وأرختْ لوفاته بـ (303)، والصوابُ أن هذا توفي سنة (231)، وهو يكنى بأبي حرب. تنظر ترجمته في "سير أعلام النبلاء" (10/650). وعليه فلا يمكن أنْ يكون هو المقصود. انظر: بحثي "الأشعري بين شيوخه وتلاميذه" ضمن أعمال الملتقى الخامس لرابطة خريجي الأزهر الشريف، وكان هذا الملتقى عن الأشعري (1/91-92).
2. إحكام الفصول في أحكام الأصول للباجي (ت: 474)، تحقيق: د.عبدالله الجبوري، مؤسسة الرسالة، بيروت، ط1(1409-1989).
نَقل المؤلف فيه عن الرازي (ص: 459) وترجمه المحققُ على أنه الفخر الرازي المتوفى سنة (606)!
3. إخلاص الوداد في صدق الميعاد للعلامة مرعي الكرمي المقدسي (ت: 1033)، تحقيق: خالد بن العربي مدرك.
جاء (ص: 28) في انتظار النبي إسماعيل صلى الله عليه وسلم رجلًا: "قيل: انتظره ثلاثة أيام، وقيل: فعل مثله نبيُّنا صلى الله عليه وسلم قبل بعثه، ذكرَه النقاش".
وعرَّف المحققُ بالنقاش فقال: "لابن النقاش الشافعي (ت: 763) تفسير "السابق واللاحق" وصفه الحافظُ السخاوي بأنه تفسير مطول التزم فيه بألا ينتقل حرفًا واحدًا من تفسير متقدم ولكنه لم يكتمل. انظر "وجيز الكلام". ولا يزال في عداد المفقود من تراثنا، فلعل الزمن يكشف عنه في إحدى الخزائن التراثية من بلاد العالم".
قلتُ: وليس هذا هو المراد، وإنما المراد النقاش المتقدم، وهو مفسر مشهور، توفي سنة (351)، وله "شفاء الصدور"، وقد ورد هذا عند القرطبي في "تفسيره"، (11/ 115): «وقيل: انتظره ثلاثة أيام. وقد فعل مثله نبينا صلى الله عليه وسلم قبل بعثه، ذكره النقاش». والقرطبي متوفى سنة (681)، قبل ابن النقاش صاحب "السابق واللاحق" بزمن.
4. أم القرى "مؤتمر النهضة الإسلامية" للشيخ عبدالرحمن الكواكبي (ت: 1320)، دراسة وتحقيق: د. محمد جمال طحّان، صفحات للدراسات والنشر، دمشق (2008م).
جاء فيه (ص: 127): "وروى الحاكم البيهقي أن الشافعي رضي الله عنه كان يقول: إذا صح الحديث فهو مذهبي، وفي روية: إذا رأيتم كلامي يخالف الحديث فاعملوا بالحديث واضربوا بكلامي عرض الحائط، وأنه قال يومًا للمُزني: يا إبراهيم لا تقلدني فيما أقول، وانظرْ في ذلك لنفسك، فإنه دين. وكان يقول: لا حجة في قول أحدٍ دون رسول الله صلى الله عليه وسلم". وعرف المحقق بالحاكم البيهقي فقال: "الحاكم البيهقي: أحمد بن علي أبو جعفر البيهقي (470-545هـ = 1077-1150م) لغوي، ولد ومات بنيسابور له: المحيط بلغات القرآن، وتاج المصادر، وغيرهما".
أقول: الذي جاء في المصادر: "الميزان الكبرى"، و"حجة الله البالغة"، و"عقد الجيد في أحكام الاجتهاد والتقليد"، و"الإنصاف في بيان أسباب الاختلاف"، و"قواعد التحديث من فنون مصطلح الحديث": "وروى الحاكم والبيهقي" بإضافة واو، أما البيهقي فالمناسب في مثل هذه النقول أن يكون الإمام الحافظ أحمد بن الحسين البيهقي (ت: 458)، وقد روى في «معرفة السنن والآثار» (2/ 454) عن عبدالله بن أحمد بن حنبل: قال أبي: قال لنا الشافعي: "إذا صح عندكم الحديثُ، فقولوا لنا حتى نذهب إليه". وعزا مقولة: "لا حجة في قول أحد مع النبي صلى الله عليه وسلم" إليه في "السنن الكبرى" (9/ 521). وأبو جعفر البيهقي يغلبُ عليه الاشتغالُ باللغة.
5. أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -كرم الله وجهه- في مناقبه ومشاهده وحكمته لمحمد حبيب الله الشنقيطي، تحقيق: د. عبدالله أنيس الطباع، دار ابن زيدون، بيروت، ط1(1409-1989).
ساق المؤلفُ نسبَ علي، وفيه (ص: 48): "النضر بن كنانة بن خزيمة". فقال المحققُ: "ابن خزيمة أبو بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة من الحفاظ فقيه شافعي طاف طلبًا للعلم فهو جامع بين الفقه والحديث. توفي 312-925"!
وقال المؤلفُ (ص: 50): "قال الشيخ أحمد البدوي الشنقيطي إقليمًا علامة علم أنساب العرب...". وترجم له المحقق على أنه أحمد البدوي الصوفي الشهير المتوفى سنة (675).
وقال المؤلف (ص: 57): "وذَكَرَ الطائي في "الأربعين"...". ووضع المحقق للطائي ترجمتين فقال: "مصطفى الطائي من الفقهاء على مذهب أبي حنيفة. توفي سنة 1192". "الطائي: عبدالله بن أبي بكر من الفقهاء، سمع الحديث وحدث وسمع منه، له كتاب الخرقي في الفقه. توفي سنة 681"! وهذا النقلُ عن الطائي كان قد ساقه الطبريُّ (المتوفى سنة: 694) في "الرياض النضرة في مناقب العشرة" (3/ 104) فقال: "‌وذكر ‌الطائي ‌في "‌الأربعين" أنه صلى الله عليه وسلم نزع قميصه وألبسها إياه وتولى دفنها واضطجع في قبرها، فلما سوى عليها التراب سئل عن ذلك فقال: "ألبستها لتلبس من ثياب أهل الجنة، واضطجعت معها في قبرها لأخفف عنها من ضغطة القبر، إنها كانت أحسن خلق الله صنيعًا إليَّ بعد أبي طالب. وبكى وقال: جزاك الله من أم خيرًا، فلقد كنتِ خير أم". فالطائي المقصود قبل هذا التاريخ.
وذكر المؤلفُ (ص: 68): "جبريل". فترجم المحقق له فقال: "من الملائكة، ملاك مقرب من الله، منه أخذ النبي صلى الله عليه وسلم رسالته إلى الإسلام، وهو الروح الأمين"!


أخطاء المحققين. تراجم الأعلام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع