مدونة .. أ. د. خالد عبد القادر منصور التومي


كيف نغتنم شهر رمضان الكريم

أ.د. خالد عبد القادر منصور التومي | Prof. Dr. Khaled A. Mansur Tumi


19/03/2024 القراءات: 210  


كيف نغتنم شهر رمضان الكريم

يُعتبر شهر رمضان من أهم الشهور في الإسلام، ويُعتبر شهر الرحمة وشهر المغفرة وشهر للصيام والقيام، وشهر ليلة القدر، ويُعتبر صيام هذا الشهر إلزامي لكل مُسلم، وفيه من الأعمال الصالحة التي يسعى كل إنسان من خلالها جعل هذا الشهر الفضيل مختلفًا عن غيره من الشهور، وذلك بإكثار الصلاة وإطعام الطعام وقيام الليل والصدقة وغيرها من الأعمال الصالحة حتى يفوز براحة الدُنيا وبجنة عرضها السماوات والأرض في الأخرة، ومن هذه الأعمال الصالحة ما نأتي على سرده تباعًا:

1. قراءة القرآن:
قال النبي صلى الله عليه وسلم الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة، يقول الصيام: أي ربِ منعتُه الطعام والشهوة فشفِّعني فيه، ويقول القرآن: منعتُه النوم بالليل فشفِّعني فيه، قال: فيُشفَّعان رواه أحمد (6589)، شهر رمضان هو شهر القرآن فينبغي أن يُكثر العبد المسلم من قراءته، وقد كان حال السلف العناية بكتاب الله.

2. قيام الليل:
عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه. رواه البخاري (37)، ومسلم (759). وعن أبي ذر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن الرجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة. رواه الترمذي (806) وقال: حسن صحيح، والنسائي (1364)، وأبو داود (1375)، وابن ماجه (1327).

3. الدعاء:
وقد كان مجيءُ قوله تعالى: ﴿وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ﴾ (البقرة:186)، بين آيات الصيام دليلاً واضحًا على أهمية هذه العبادة في هذا الشهر، أي يُعد الدعاء من العبادة، وهو يدل على افتقار العبد إلى ربه وحاجته إليه في كل حال، وقد سماه الله تعالى عبادة في قوله تعالى:" ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ﴾ (غافر:60).

4. الاعتكاف:
عن ابن عمر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان. رواه البخاري (1921)، وقال ابن القيم رحمه الله؛ مُبينًا بعض الحِكم من الاعتكاف "لما كان صلاح القلب واستقامته على طريق سيره إلى الله تعالى متوقفًا على جمعيته على الله، ولم شعثه بإقباله بالكلية على الله تعالى؛ فإن شعث القلب لا يلمه إلا الإقبال على الله تعالى، وكان فضول الطعام والشراب، وفضول مخالطة الأنام، وفضول الكلام، وفضول المنام؛ مِما يزيده شعثًا ويشتته في كل واد، ويقطعه عن سيره إلى الله تعالى أو يضعفه، اقتضت رحمة العزيز الرحيم بعباده أن شرع لهم من الصوم ما يذهب فضول الطعام والشراب ويستفرغ من القلب أخلاط الشهوات المعوقة عن سيره إلى الله، وشرع لهم الاعتكاف الذي مقصوده وروحه عكوف القلب على الله تعالى، والخلوة به، والانقطاع عن الاشتغال بالخلق، والاشتغال به وحده، بحيث يصير ذكره وحبه والإقبال عليه في محل هموم القلب وخطراته فيستولي عليه بدلها".

5. الجود:
عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه في كل ليلة من رمضان فيدارسه القرآن؛ فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة. رواه البخاري (6)، ومسلم (2308).

6. العمرة في رمضان:
عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأة من الأنصار: ما منعك أن تحجي معنا؟ قالت: كان لنا ناضح فركبه أبو فلان وابنه - لزوجها وابنها - وترك ناضحًا ننضح عليه، قال: فإذا كان رمضان اعتمري فيه؛ فإن عمرة في رمضان حجةً. رواه البخاري (1690)، ومسلم (1256). "الناضح: بعير يسقون عليه".

7. ترك الغيبة والنميمة والمعاصي:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مَن لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه. رواه البخاري (1804). بيد أن الصيام فرصة لترك الصحبة الفاسدة والسهر على المعصية، وذلك حين يمتنع عن الطعام والشراب ويسهر في بيوت الله تعالى في صلاة وعبادة.

8. إطعام الطعام:
قال الله تعالى: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا﴾ (الإنسان:8)، ﴿إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلا شُكُورًا﴾ (الإنسان:8)، فعن زيد بن خالد الجهني قال: قال صلى الله عليه وسلم: مَن فطَّر صائمًا كان له مثل أجره غير أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء. رواه الترمذي (807)، وابن ماجه (1746)، وصححه الألباني، وقد كان السلف الصالح يحرصون على إطعام الطعام ويقدمونه على كثير من العبادات، وقد قال بعض السلف: "لأن أدعو عشرة من أصحابي فأطعمهم طعامًا يشتهونه أحب إليّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل".

9. الإكثار من الذكر والاستغفار:
يجب على المسلم أن يتعلم، وأن يعمل بما تيسر له من الأذكار والأدعية، فالأذكار يُضاعف أجرها في هذا الشهر، ويكون الأمل في قبولها أقرب، ويجب على المسلم أن يستصحبها طوال عمره، ليكون من الذاكرين الله تعالى، وممن يدعون الله تعالى ويرجون ثوابه ورضوانه ورحمته‏، فذكر الله بعد الصلوات مشروع، وكذلك عند النوم، وعند الصباح والمساء، وكذلك في سائر الأوقات‏،‏ وأفضل الذكر التهليل والتسبيح والتحميد والاستغفار والحوقلة وما أشبه ذلك، ويُندب مع ذلك أن يُؤتى بها وقد فهم معناها حتى يكون لها تأثير فعال، فيتعلم المسلم معاني هذه الكلمات التي هي من الباقيات الصالحات، وقد ورد في الحديث تفسير قول الله تعالى‏:‏ ﴿وَالْبَاقِيَاتُ الصَّالِحَاتُ خَيْرٌ عِندَ رَبِّكَ ثَوَابًا وَخَيْرٌ أَمَلًا﴾ (الكهف:46)‏.

10. صلة الرحم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَن سره أن يُبسط في رزقه وينسأ في أجله فليصل رحمه" رواه البخاري (1468)، معنى "ينسأ" أي يؤخر.


رمضان، شهر رمضان، شهر الرحمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع