النثرُ والشِّعرُ حول موضوع الأندلس: "(الفردوس المفقود)"
د/ بكاري مختار | Dr. BEKKARI mokhtar
21/12/2023 القراءات: 369
أولاً : النثر :
يعود سبب تسمية الأندلس إلى بعض القبائل الهمجية التي جاءت من اسكندنافيا ، وهجمت على منطقة الأندلس وعاشت فيها فترة من الزمن ، وكانت تُسمّى قبائل الفندال أو الوندال باللغة العربية ، فسُمّيت هذه البلاد بفانداليسيا ، ومع الأيام حُرّف الإسم إلى أندوليسيا فأندلس .
وتاريخ بلاد الاندلس عريق جدا ، فقد مرت بها عصور مختلفة وفتوحات كثيرة لكنها ظلت صامدة امام كل هذه الثورات والحروب ... وقد حكمها الرومان ، وكانت مطمع الاسبان والبرتغال
لكن بعد المؤامرة عليها بين بني الاحمر الخائنين للاسلام وتضامنهم مع النصارى تم اجلاء المسلمين وتشريدهم والاستيلاء على غرناطة ثم على اكبر ولاية وهي اشبيلية
التي اشتهرت بمرافقها السياحية الكثيرة والمدهشة وجامعها الاكبر ...
اما غرناطة فتمتاز بعلو قممها وبقصر الحمراء الجذاب والمميز بنقوشه واسواره العالية وحدائقه الخلابة كما تمتاز بمتاحفها الثقافية التي تحكي عن عمق التاريخ وعن الفن الادبي والشعري وكل الفنون الجميلة آنذاك ...
وهناك الكثير والكثير مما تمتاز به اندلسنا الغناء الساحرة فان اردت الوصف فلن استوفي حقها ولن اجد متسعا من الزمن لأصف كل محاسنها وكل ما تزهو به بلاد الاندلس الراقية المنسية ...
وكأن مضمونها الحضاري التاريخي شد انتباه بصيرة الشاعر واحساسه فانسكب حبره بفوهة ريشته يتفنن في رسم مشاعره التي غارت من زخرفة تاريخ ومعالم الاندلس فلم
يكد يتوقف ولو لهنيهة حتى يأخذ أنفاسه ويتريث في كتابته وكأنه يسابق الزمن الذي مضى ... وكأنه يحكي الجروح التي خدشت جمال المساجد الاسلامية والقصور الزاهية التي مازالت شامخة رغم غدر المدمرين وتلك الحدائق الغناء التي لازالت تترنم برقي اغراسها وتزهو بسحر فردوسها الجذاب والاسوار القديمة لأغلب مدن الاندلس المنسية التي كان للمسلمين النصيب الاكبر في تشييدها ، وكأنه يضم تلك المعالم الى صدره ، فتهدّئ من روعها وتقول له كم اشتاقك وكم يحز في نفسي هذا الألم الذي أدمى فؤادك ...
ومازالتِ الأندلس في قلوب المعجبين راسية وصامدة لم تضمحل ولم تغبْ ...
☆ ☆ ☆ ☆ ☆
ثانياً : الشِّعر :
☆ أهفو لأندلسٍ ☆
(الفردوس المفقود)
ما زرتُ أندلساً ، لكنني غَرِمُ
قد شاقَني حُبُّها ، والقلبُ مُضطرِمُ
بالعزِّ تاريخُها قد صالَ مُفتخِراً
يَزهو بلا صَلَفٍ ، إذ يُرفَعُ العلَمُ
أَكرِمْ بتلك الفتوحاتِ التي بَسَطتْ
للعُربِ دولتَهمْ ، وانصاعت لهمْ أممُ
هذي حواضرُها : شمسٌ على قمرٍ
وأنجُمٌ لَمعتْ ، تَشدو بها قِممُ
غرناطةٌ تاجُها ، والقصرُ (١) لؤلؤةٌ
والعِلمُ قرطبةٌ ، والمسجد (٢)العلَمُ
مجريطُ في وسَطِ والأختُ مرسيةٌ
والمِريَةُ اشتهرتْ ، قد ذاعَ فضلُهُمُ
سَرقوسةٌ ، مَلَقا ، أشبيلِيا ، تَرَزا ،
كذا فِلنْسِيةٌ ، والكُلُّ قد نعِموا
بِجَوِّ رغْدٍ ، وأحوالٍ مُرفَّهَةٍ
أنعِمْ بما عَمَّهُمْ في العَيشِ إذ غنِموا
ماذا أعدِّدُ من أحوالِ سُؤدُدِهِمْ ؟
فالفكرُ يَذكرُهمْ ، والعِلمُ والقلَمُ
في كلِّ آثارِهمْ أمجادُ مَنْزِلةٍ
حتّى السِّياحةُ قد سارتْ بها القَدَمُ
قد طالَ عِزُّهُمُ إذ قاموا بنَهضتِهِمْ
حتّى أناختْ بهمْ أعطافُ إبْلِهِمُ
وجاء شاعرُهُمْ في ذلِّ دولتِهِمْ
وصَوَّرَ الحالَ إذْ همْ طارَ ريشُهُمُ
" لكلِّ شيءٍ إذا ما تَمَّ " مَنقَصةٌ
فلا يُهَنَّا بهذا العَيشِ مَنْ هَرِموا
وتلكَ آثارُهمْ تَغدو مُنبِّئةً
عن حالِ نَهضَتِهِمْ أو ما بهِ عَظُموا
والآن تُجْبِيهِمُ في أرضهِمْ عجَباً
قد شَعَّ ممّا بنَوْا أنوارُ فَنِّهِمُ
منها الزخارِفُ في البُنيانِ ساحرةٌ
وفي القِبابِ نقوشٌ ما بها ثَلَمُ
ثُمَّ الخُطُوطُ بأشكالٍ مُزخرفةٍ
تَكادُ تَفتِنُ مِن سِحرٍ وتَنتظِمُ
حَقٌّ لأندلُسٍ : نَشتاقُ زَوْرتَها
إذ إنَّها حُلُمٌ تَسمو بهِ الهِمَمُ
" للهِ دَرُّكُمُ يا أهلَ أندلُسٍ"
هذي طبيعتُكُمْ خضراءُ بَينَكُمُ
دانتْ لهمْ شُهرةٌ في كلِّ مَأثرةٍ
أنعِمْ بها زمَناً ، تاريخُهُ هَرَمُ
عِلمٌ يُزَيِّنُهُمْ في كلِّ مُفترَقٍ :
شِعرٌ وفلسَفةٌ ، والطِّبُّ والكَلِمُ
هذا ابنُ حزمٍ ورُشدٍ والخطيبِ معاً
والقُرطُبيُّ ، وزيدونٍ ، وغيرُهُمُ
قد سابقوا في مجالاتٍ مُحدَّدةٍ
زانوا مَجالسَهُمْ والكُلُّ مُعتَزِمُ
وَلّادةُ (٣) اشتُهِرَتْ من ذِكرِ شاعرِها(٤)
واللهُ زادَهُمُ في "نَفْحِ طِيبِهِمُ "(ه)
فِردَوْسُنا المُرتَجى ، حَقّاً نُراقِبُهُ
النثرُ ،الشِّعرُ، الأندلس
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع