مدونة د. أسماء صالح العامر


المشتغلون بالعلم والانزلاق في متاهات النقاشات العقيمة)

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


22/11/2023 القراءات: 434  


#لطلبة_العلم:

(المشتغلون بالعلم والانزلاق في متاهات النقاشات العقيمة)

من خلال متابعة لكثير من الأحداث والظواهر تأكد عندي أن كثيرا من المشتغلين بالعلم الشرعي من الشيوخ وطلبة العلم لديهم قابلية شديدة إلى الانزلاق نحو النقاشات العقيمة.

فترى بعضهم يكتب بحثا هزيلا ضعيفا، متضمن لكثير من الضعف العلمي، فضلا عن الكذب والتدليس والتشويه، أو ترى بعضهم ينشر مقطعا عن شيخ فيه ما فيه من الأغلاط الظاهر البينة.

فما الذي يحصل؟

الذي يحصل أن يثور غبار النقاشات بين طلاب العلم في القروبات ووسائل التواصل، وكثير منهم يشارك بما ينقدح ذهنه، ويطيل في المناظرة حوله، وربما يحصل شقاق وافتراق بين المتحاورين، فضلا عما يقع في تلك الحوارات من تطاول واتهام وظلم وبغي وغيبة ونميمة وغيرها من القبائح.

كل ذلك بسبب ملف هزيل علميا ينشره أحدهم، أو بسبب مقطع ينشره أحدهم عن شيخ أخذه على غرة، أو مقطع لشيخ تكلم بكلام لم يحسب حسابه.

ولو أن الشيوخ وطلبة العلم حين يرون تلك الملفات الهزيلة أو المقاطع الغريبة تذكروا حرمة العلم الشرعي وألجموا أنفسهم قليلا، واشتغلوا بالبحث والتنقيب والقراءة والتأمل والتأكد بأنفسهم في المواضيع المثارة في تلك الملفات والمقاطع، ثم بعد ذلك شاركوا في النقاش بما عندهم من علم لكان ذلك أكثر نفعا للعلم، وأكثر بيانا للحقيقة، وأقوى حفاظا على حرمة العلم الشرعي.

ولكن الواقع خلاف ذلك عند كثير من الشيوخ وطلبة العلم، فما إن يرون ملفا مكتوبا أو مقطعا منشورا إلا وبادروا إلى نشره وإثارة غبار النقاش حوله من غير بحث ولا تحرير ولا تأكد.

ولو أن الأوقات التي يبذلها المشتغلون بالعلم في النقاش حول ما يثار في تلك الملفات والمقاطع والجهود التي يقضوها في الكتابة والحديث والنقاش بذلت في تحرير المسائل نفسها، وجمع كلام العلماء حولها، وتدقيق الاستدلال عليها لكان في ذلك نفعا عظيما للعلم نفسه، ولكن كثيرا من الحوارات والنقاشات بين المشتغلين بالعلم إنما تكون حول العلم لا في العلم نفسه وفي مسائل!!

وصيتي لإخواني من المشتغلين بالعلم الشرعي من الشيوخ والطلاب اتقوا الله في أنفسكم، واتقوا الله في حرمة العلم الشرعي، فإن العلم الشرعي له قدسية عظيمة وحرمة جليلة، فلا تخوضوا فيه إلا بحقه.

ووصيتي لكم جميعا ألا تستجيبوا لأصحاب الأصوات المرتفعة، الذين ما زالوا منذ زمن بعيد يرهقون المشتغلين بالعلم الشرعي بعنترياتهم وتصرفاتهم القبيحة.

ووصيتي لطالب العلم أنك إذا رأيت قضية نُشر حولها بحث أو مقطع فلا تبادر إلى تبني رأيا معينا، ولكن احرص على أن تقرأ في المسألة وتبحث فيها، وتتدارس ما طرح حولها مع زملائك، فإنك إن فعلت ذلك ستجد فرقا كبيرا ونفعا عظيما.

لا تجعلوا العلم الشرعي ضحية الخصومات والتحزبات، ولا ميدانا لتصفية الحسابات، ولا شماعة لإظهار الحقد والحسد، ولا عكازة للتطاول والبغي، فالعلم الشرعي أشرف من هذا كله، وأعلى قدرا، وأرفع منزلة.

ثقوا تمام الثقة أن من أقوى ما يذهب بركة العلم عدم حفظ حرمته، والخوض فيه بلا بينة ولا برهان، واستغلاله فيما لا يليق به.


النقاشات العقيمة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع