مدونة ياسر جابر الجمال


أقنعة السيمياء.............

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


15/01/2024 القراءات: 430  


تمثل المرأة معادلًا موضوعيًا واضحًا في الشعر بخاصة الشعر الحديث، وخصوصًا عند الرومانسيين، فهي " لم تغب عن أي نص ، سواء أكان نصًا مقدسًا أو شعريًا أو غير ذلك من أنواع النصوص المختلفة، ولعل هذا الحضور الكثيف في مختلف أنواع هذه النصوص، يعود إلى ما وقر في الوعى الإنساني من تأثيرها في كل مراحل التاريخ الإنساني، فقد ظهرت في النص القرآني المقدس في أكثر من صورة ، وفي أكثر من موقف حياتي أو ديني، ولعل من أشهر هذه التجليات، صورة الإغراء والمراودة، وهذه الصورة اكتسبتها عبر ارتباطها التاريخي بالتفاحة، وما تمخض عن هذا الارتباط من آثار لحظية تجلت في قصة الهبوط المعروفة في الإسلام، قال تعالى : ﴿ فَأَزَلَّهُمَا ٱلشَّيْطَٰنُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ ۖ وَقُلْنَا ٱهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ ۖ وَلَكُمْ في ٱلْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٍۢ ﴾ [البقرة: 36 ]، وآثارٍ أخرى بعدية تجلت في رواية المراودة الشهيرة في الإسلام ، قال تعالى : ﴿ وَرَٰوَدَتْهُ ٱلَّتِى هُوَ في بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلْأَبْوَٰبَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ ۚ ﴾ [يوسف: 23 ]، وأما على صعيد الموروث الشعري فلابد من التنويه أولًا إلى المشاهد الجذابة التي تفجر ينابيع وخزانات الشعر كثيرة ،لكن أكثرها جاذبية وإثارة هو مشهد المرأة ، فالمرأة إذن هي ملهمة الشعراء وأرباب الفكر منذ عهود الآداب القديمة وحتى يومنا هذا ،وهذا المصدر الإلهامي الذي نهضت به على المستوى الشعري قد تجسد في علاقة فنية ، وهذه العلاقة الفنية في بعض أو كل تجلياتها لا يمكن أن تنفك عن فلسفة المجتمع وطبيعة الذات الشاعرة المتأرجحة وظروف الحياة المختلفة ، فهذه العوامل لعبت دورًا ملحوظًا في تفاوت واختلاف موقف الشعراء من المرأة "( ‏).
كما كان ظهور الاتجاه الرومانسي كرد فعل على إقصاء الشعر بعيدًا عن الالتزام بقضايا الواقع، ثم حدث تدخل عبر البعد الرومانسي والبعد الرمزي لاتقاء بطش السلطات .
و لعل من الصواب القيام برصد موقف الشعراء من المرأة، وكيف أصبحت معادًلا موضوعيًا في عديد من القضايا .
المرأة في النصف الثاني من القرن العشرين تتباين عن المرأة في العصور السابقة، من حيث تناول الشعراء لها " فالشاعر الحديث لم يعد يكتب غزلاً خالصًا، إنما قصيدة حب، من خلالها يخرج ما في نفسه لا على الصعيد العاطفي وحسب –كما قلنا- بل الفكرى أيضًا ، ولهذا كانت المرأة محورًا أولاً رئيسًا في قصيدة الحب , لكنها لم تكن المحور الوحيد"( ‏).
فالقصيدة الحديثة لم تعد بالصورة الكلاسيكية المعهودة عن القصيدة القديمة من حيث الأغراض والدلالات والبناء، ولذلك " كانت أكثر عمقًا وثراءً , لا لشيء إلا لأنها قد جمعت بين هذين الأمرين - علاقة الحب, والتغني الفردي- في قصيدة واحدة , لا تفصلها خطوط أفقية قائمة على تنوّع الأغراض, ولا يربطها حسن تخلّص, كما كان الأمر في القصيدة العربية الكلاسيكية، فالشاعر الحديث لم يعد يرى في المرأة مجرد كائن جميل, يطيب له أن يكلّمه ، ويتكلّم عنه عبر قصائده، بل رآها جنب تلك الرؤية الواقعية، رؤية رمزية، فحاور من خلالها وطنه، ووجوده، وهواجسه الفكرية، وذلك يفسّر غياب الصراع بين الرجل والمرأة في أمور العشق، من وصل، وفراق، وشك, وغيرة، وخيانة, وكبرياء ... إلى آخر تلك الثيمات التي اشتهرت بها القصائد التي عالجت العلاقة بين الرجل والمرأة قديمًا"(


أقنعة السيمياء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع