كتب ملهِمة (1):
د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees
12/03/2023 القراءات: 738
استوقتني في التاريخ والتراث كتبٌ ملهمةٌ، ألهمت العلماء أن يقتدوا بها ويعارضوها وينسجوا على منوالها، ورأيتُ أن مِنْ حق هذه الكتب أن تُستخرج ويُنوه به ويُذكر مؤلفوها، وهذه طاقة منها، استخرجتُها على عجالة، والمجالُ مفتوح للزيادة والاستكمال، وينفع في ذلك البحثُ باستعمال الكلمات الآتية: اقتفى. عارض. احتذى. تبع. اقتدى. وأشباهها. ويمكن أن يُذكر أول كتاب في كل فنٍّ من الفنون تابعَ العلماءُ التأليفَ فيه. ونجد في الشعر معارضات كثيرة لا سيما القصائد الشهيرة كالبردة والبرأة والبديعية، وقد ذكرتُ طرفًا منها.
وقد قال ابنُ رجب في ترجمة ابن الجوزي في «ذيل طبقات الحنابلة» (2/488): «كان -رحمه الله تعالى- إذا رأى تصنيفًا وأعجبه صنَّفَ مثله في الحال، وإنْ لم يكن قد تقدَّمَ له في ذلك الفن عمل؛ لقوة فهمه، وحدّة ذهنه، فرُبَّما صنَّفَ لأجل ذلك الشيءَ ونقيضَه بحسب ما يتفقُ له من الوقوف على تصانيف مَنْ تقدَّمه».
وكنتُ قلتُ في مقال: "تاريخ الكتاب في ضوء كشف الظنون" وأنا أسردُ الأفكار المتعلقة بتاريخ الكتاب: "وما هي الكتبُ الملهِمةُ المتبوعةُ المعارَضةُ، والكتبُ التابِعةُ المُتمِّمةُ أو المقلِّدةُ؟".
***
1. أخبار الوزراء لإسماعيل بن عبّاد الصاحب (ت: 385). ولأبي الحسن محمد بن عبدالملك الهمداني (ت: 521). ولإبراهيم بن موسى الواسطي (ت: 692). عارضَ فيه محمد بن داود الجراح (ت: 296) في كتابه للوزراء. كشف الظنون (1/ 30). وألف في ذلك آخرون.
2. أطباق الذهب لشرف الدين عبدالمؤمن بن هبة الله المعروف بشقروه الأصفهاني. مختصر أوله: "اللهم إنا نحمدك على ما أسبلتَ علينا ... الخ"، ذكرَ فيه أنه أشار إلى تأليفه ولي من أولياء الله، فألفه كـ (أطواق الذهب) للزمخشري، ورتبه على مئة مقالة. كشف الظنون (1/ 116).
3. الأربعين البلدانية لشيخ الجماعة والمتقدم في الصناعة أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصفهاني (ت: 576). جمعَ فيه أربعين حديثًا عن أربعين شيخًا في أربعين مدينة، أبان بها عن رحلة واسعة، وأظهر فيها رتبة عالية.
ثم الشيخ الإمام محدث الشام أبو القاسم علي بن حسن بن عساكر الدمشقي (ت: 571) اقتدى بسننه وزاد على ما أتى به الغرابة بأن جعلها عن أربعين من الصحابة، فصار أربعين، من أربعين، لأربعين، في أربعين، عن أربعين. إذا اعتُبرتْ تخرج في أربعين بابًا، كل حديث إذا جُمع إليه ما يناسبه صار كتابًا، أوله: الحمد لله القادر القاهر القوي المتين ... الخ.
وتبعه شرفُ الدين عبدالله بن محمد الواني (ت: 749) في جمع الأربعين البلدانية... كشف الظنون (1/ 54-55).
4. الاقتفا في فضائل المصطفى عليه الصلاة والسلام لناصر الدين أحمد بن محمد بن المنيّر (ت: 683). عارض به (الشفا) للقاضي عياض، ورتّبه على قسمين: الأول: في فضائله، والثاني: في سيره. وبسط قصة المعراج بسطًا في أربعة أبواب، وفيه فوائد كثيرة. كشف الظنون (1/ 136).
5. الباهر في الأخبار لأبي القاسم جعفر بن محمد بن حمدان الموصلي. عارضَ فيه كتاب (الروضة) للمُبرد. كشف الظنون (1/ 219).
6. الجواهر الثمينة على مذهب عالم المدينة في الفروع لأبي محمد عبدالله بن محمد بن نجم بن شاس الجذامي المالكي (ت: 616). وضعَه على ترتيب "الوجيز" للغزالي. والمالكية عاكفة
7. الأمالي للقالي. عارَضه صاعد في "الفصوص".
8. البدور السافرة عن أحوال الآخرة للسيوطي (ت: 911). ألَّف الميموني (ت: 1079) على منواله "نتيجة الفكر ونخبة النظر في جمع الآيات الدالة على الحشر". وهو في تفسير آيات الحشر والنشر والجنة والنار. وفي "الكشف" (2/1926): "ساير فيه كتاب "البدور السافرة" للسيوطي، وبعض رسالة "الآيات العشر في أحوال الآخرة في الحشر" لابن كمال باشا". مخطوط في عارف حكمت برقم (263). انظر فهرس مكتبة الملك عبدالعزيز (ص: 329).
9. بديع البديع في مدح الشفيع لأبي سعيد محمد بن داود المصري الشاذلي. عارض بها الصفي الحلي. كشف الظنون (1/ 235).
10. بديعية للشيخ الأديب صفي الدين عبدالعزيز بن سرايا. أملاها في مجالس، آخرها في سلخ شعبان سنة (757). وسمّاها: (الكافية البديعية). ثم شرَحها شرحًا حسنًا أوله: "الحمد لله الذي حلل السحر البيان ... الخ". ذكر فيه أن السكاكي لم يذكر من أنواع البديع سوى تسعة وعشرين نوعًا.
وجمع مخترعُها الأولُ ابنُ المعتز سبعة عشر نوعًا.
وعاصره قدامة بن جعفر الكاتب فجمع منها عشرين نوعًا، توارد معه على سبعة منها، فتكامل لهما ثلاثون نوعًا، ويعرف كتابه: (بنقد قدامة).
ثم اقتدى بهما الناسُ في التأليف، فكان غاية ما جمع منها: أبو هلال حسن بن عبدالله العسكري (ت: 395) سبعة وثلاثين نوعًا، ويعرف كتابه: (بكتاب الصناعتين).
ثم جمع منها حسن بن رشيق القيرواني (ت: 456) في (العمدة) مثلها، وأضاف إليها خمسة وستين بابًا في أحوال الشعر، وأعراضه.
وتلاهما شرف الدين أحمد بن يوسف التيفاشي، فبلغ بها السبعين.
ثم تصدى لها الشيخُ ركن الدين عبدالعظيم بن أبي الإصبع فأوصلها إلى التسعين. وأضاف إليها من مستخرجاته ثلاثين، سُلم له منها عشرون، وأجرى تلك الأنواع في الآيات القرآنية، وسماه: (التحرير)، وهو أصح كتاب صنِّف فيه، لأنه لم يتكل على النقل دون النقد، وذكر أنه وقف على أربعين كتابًا في هذا العلم.
قال الحلي: وطالعتُ ممّا لم يقفْ عليه ثلاثين كتابًا، فنظمتُ مئة وخمسة وأربعين بيتًا في بحر البسيط، تشتمل على مئة وواحد وخمسين نوعًا. كشف الظنون (1/ 233). وهو فاتح باب البديعيات.
11. درة التنزيل. أفاد ابنُ الزبير الغرناطي في النهوض لتأليف كتابه "ملاك التأويل" مِن ورود كتاب "درة التنزيل". انظر كلامه في "ملاك التأويل" (1/146).
12. درة الغوّاص للحريري. قال البغدادي "هدية العارفين" (1/521) على "تقويم اللسان" لابن الجوزي: "تقويم اللسان في سياق درة الغواص".
13. زاد المسافر وغرة محيا الأدب السافر في التاريخ لأبي البحر صفوان بن إدريس الكاتب (ت:598). عارضه ابنُ الأبّار بكتابه "تحفة القادم". كشف الظنون (2/946).
الكتب الملهمة. الإبداع.
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع