مدونة د. أسماء صالح العامر


الباحث- من هو؟ وماذا عليه؟

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


11/11/2023 القراءات: 272  


الباحث:
شخص توافرت فيه الاستعدادات الفطرية والنفسية، بالإضافة إلى الكفاءة العلمية المكتسبة التي تؤهله مجموعة للقيام ببحث علمي.
فالتأهيل العلمي المسبق في مجال البحث، والتزود من المعارف بقدر كافٍ مطلبٌ أساسي لإيجاد الباحث، وتكوين شخصيته العلمية.
الباحث الأصيل هو الذي يتطلع إلى المجهول للخروج بالجديد من الأبحاث والأفكار، وهو يبدأ من حيث انتهى السابقون، وفي سبيل تحقيق هذه الغاية يبحث عن المصادر الأصلية، ويركز اهتمامه عليها.
وهو يتميز بالمرونة الفكرية التي تحمله على تقدير أعمال الآخرين، وتفهم اجتهاداتهم -وإن خالفوه الرأي- في تقدير واحترام، وإنصافهم -نقلًا لآرائهم، أو تفسيرًا لمواقفهم- دون تحيز أو تحامل.
الباحث هو مَن له القدرة على تنظيم المعلومات التي يريد نقلها إلى القارئ تنظيمًا منطقيًّا له معناه ومدلوله، مرتبًا أفكاره ترتيبًا متسلسلًا في أسلوب علمي رصين، بعيد عن الغموض والإطالة، فـ"العلم بالشيء وحده لا يُكوِّن باحثًا بالمعنى الحديث، قد يكون المرء علَّامة في الأدب: أعلامه، عصوره، شعره، مصادره، وفي اللغة نحوها: صرفها، فقهها، تاريخها ... ؛ ولكن ذلك لا يعني حتمًا أنه يستطيع أن يكتب بحثًا منهجيًّا، ولا ينفعه مع علمه ما له من صبر وتتبع وحافظة، وأنه زاول البحث في الكتب والمصادر مرارًا، إنه يبقي حيث هو.
والسبب معروف؛ ذلك أن المقدرة على التنظيم أمر لا يُستهان به، ولا يستغنى عنه، وما كل امرئ بمستطيع تبويب المادة، وتوحيد أجزائها، ووضع كل منها في مكانه اللائق به بقدره المناسب، بعد طرد ما هو تافه وخارج عن الموضوع.
إنك الآن تبني، وتُكوِّن من موادك الخام عمارة، ولَا بُدَّ أن تكون مهندسًا بارعًا ليجيء عملك متناسقًا مترابطًا متكاملًا من دون زيادة هنا أو نقص من هناك، ومن دون اضطراب أو تفكك...."1.
والأمانة العلمية المتمثلة في نسبة الأفكار والنصوص إلى أصحابها -مهما تضاءلت- هي عنوان شرف الباحث؛ بل الشعار الذي يعلنه في كل خطوات البحث.
والصبر على متاعب البحث ومشكلاته رياضة يأخذ بها الباحث نفسه؛ تجعل البحث شغله الشاغل في جميع الأوقات، يبعد بعد الملل عن نفسه، فمن ثَمَّ تتكشف له جوانب البحث، وتَتَابع الأفكار، وتنقاد له المعاني.
والتأني لازم من لوازم البحث العلمي، وصفة جدير أن يتحلي بها الباحث؛ حتى يتمكن من تكوين الانطباع السليم، وتأسيس أحكام وتقديرات صحيحة.
والإخلاص للبحث هو رُوح العمل العلمي وسر الإبداع؛ حيث لا يضن الباحث في سبيل كماله بمال، أو جُهْد، أو وقت، أو تفكير.
هذا كله في الحقيقة مظهر الحب الصادق، والرغبة الطموح في البحث بشكل عام، والموضوع الذي وقع عليه الاختيار بشكل خاص، "فالعلم لا يعطيك خالص الحكمة حتى تعطيه خالص المحبة".
إن اكتساب القدرة على القيام ببحث علمي منهجي مكتمل الجوانب ليس بالأمر السهل؛ ولكن التدريب المتواصل، والاستعداد الفطري والعلمي، والإصغاء إلى توجيهات الأساتذة المتخصصين، كفيلة أن تنمي مواهب الطلاب، وتضاعف قدراتهم على البحث بصورة مستقلة، وهو الهدف الأساسي في برامج البحوث في الدراسات العليا بالجامعات.


الباحث- البحث العلمي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع