مدونة د. أسماء صالح العامر


الصحابية الغميصاء بنت ملحان المكناة بأم سليم (الجزء الثاني)

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


30/12/2023 القراءات: 377  


فقالت: والله ما مثلك يرد يا أبا طلحة، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذاك مهري ولا أريد منك صداقا غير الإسلام.
فقال: دعيني حتى أنظر في أمري. ومضى ...
ولما كان الغد عاد إليها وقال: أشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.
فقالت: أما وإنك قد أسلمت، فقد رضيتك زوجا ... فجعل الناس يقولون: ما سمعنا بامرأة قط كانت أكرم مهرا من أم سليم إذ كان مهرها الإسلام.
****
نعم أبو طلحة بما كانت تتحلى به أم سليم من كريم الشمائل (1)، ونبيل الخصائل، ثم زاده سعادة بها أنها وضعت له غلاما غدا قرة عينه، وفرحة قلبه.
لكنه بينما كان يتأهب لسفر من أسفاره اشتكى الطفل الصغير من علة ألمت به، فجزع عليه جزعا شديدا كاد يصرفه عن السفر.
وفي غيبته القصيرة ذوى (1) الغصن النضير (2)، ثم وري الثرى (3)، فقالت أم سليم لأهلها:
لا تخبروا أبا طلحة بموت ابنه حتى أخبره أنا.
****
عاد أبو طلحة من رحلته فتلقته أم سليم هاشة باشة فرحة مستبشرة؛ فبادرها بالسؤال عن الصبي فقالت:
دعه فإنه الآن أسكن ما عرفته.
ثم قربت إليه العشاء، وجعلت تؤنسه وتدخل على قلبه السرور، فلما وجدت أنه شبع واستراح قالت له:
يا أبا طلحة أرأيت لو أن قوما استرجعوا عارية أعاروها لآخرين أفمن حقهم أن يخطوا عليهم أن يمنعوها منهم؟.
قال: لا.
قالت: إن الله استرد منك ما وهب، فاحتسب ولدك عنده ...
فتلقى أبو طلحة قضاء الله بالرضا والتسليم.
ولما أصبح غدا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحدثه بما كان من أم سليم، فدعا له ولها بأن يعوضهما الله خيرا مما فقداه، وأن يبارك لهما في العوض؛ فاستجاب الله جل وعز دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم -، وحملت أم سليم، ولما أتمت حملها كانت عائدة إلى المدينة من سفر هي وزوجها مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فلما دنوا من «يثرب» جاءها المخاض فتوقف أبو طلحة معها ومضى النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم - يريد دخول المدينة قبل أن يجن عليه الليل، فرفع أبو طلحة طرفه إلى السماء وقال:
إنك لتعلم يا رب أنه يعجبني أن اخرج مع رسولك إذا خرج، وأن أدخل معه إذا دخل وقد منعني من ذلك ما ترى.
فقالت له أم سليم: يا أبا طلحة إني - والله - لا أجد من ألم المخاض بهذا المولود ما كنت أجده من قبل، فانطلق بنا ولا تتأخر عن صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.فانطلقا حتى إذا بلغا المدينة وضعت حملها، فإذا هو غلام، فقالت لمن حولها:
لا يرضعه أحد قبل أن تذهبوا به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.
فلما أصبح حمله إليه أخوه أنس بن مالك (1)، فلما رآه النبي - صلى الله عليه وسلم - مقبلا قال:
(لعل أم سليم ولدت).
فقال: نعم يا رسول الله ... ووضع الغلام في حجره، فدعا بعجوة من عجو المدينة ولاكها في فمه الشريف حتى ذابت، ووضعها في فم الصبي، فجعل يتلمظها (1)، ثم مسح وجهه بيده الكريمة، وسماه عبد الله، فجاء من صلبة عشرة من علماء الإسلام الأخيار.


أم سليم- صحابيات


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع