التفاؤل والطموح .........
فرج مراجع فرج بن موسى | FARAG MURAJIA FARAG BIN MOUSA
23/02/2023 القراءات: 511
ساعدني ربي ثمَّ التَّفاؤل الذي ملء نفسي أملاً وصدِيقي الذي كان رمزاً للْوفاء، هكذا امْتزج حديث رُوحي مع عقلي وقلبي، لقد بدأ الفصل الدِّراسي باكراً هذا العام في أقصى الشَّرق في دوْلة ماليزيا، فما كدت أضع حقائب سفري، حتى هطل المطر مُعْلِناً البركة والخير، فقد مسحت قطرات المطر قطعةً من عذاب السَّفر، وأنارت وجْهي الشَّاحب وحملت في طيَّاتها صوْتاً له دوي كنجاح الطُّلاب بالتَّراتيب الأُولى، وأزالت بعض أحْزاني التي أحاطت بي كإحاطة الرُّوح بالجسم، فهلَّت التَّباشير مُسْرعة ومُعْلنة بهبوط الطائرة في مطار كوالالمبور، وكان في اسْتقبالي صديقي عبد الله وما إن وصلت حتى تطرَّز شعار جامعة ملايا، وانْبثق منه وميض لمس غشاء قلبي، فحافظ على سُكون الرُّوح، وصدر عنه بريق ملء الأُفق لمعاناً، فعلمت بأن هذا النَّعيم الذي أخبرنا به رسول الله عليه الصلاة والسلام من إجابة الدُّعاء أثناء سقوط المطر.
صعدت السيارة مع عبد الله، وبدأت أنظر إلى جمال الطبيعة في ماليزيا، شعرت بهدوء النفس وصدق المشاعر والحنين للجلوس على مائدة العلم، والأجْمل من ذلك الأخلاق الطيبة والحميدة التي يتميز بها أهل ماليزيا، فقد منحتني الثِّقة والإتْقان والرَّغبة في التَّميز، ونمو ثقافة البذل والطُّموح والتَّألق.
لم يتوقف عبد الله إلا أمام الفندق وأنزلنا الحقائب، وصعدت للغرفة رقم 16 في الطابق ال 30، ورأيت جمال ماليزيا عن قرْبٍ من هذا الارتفاع، اكتسى جمالها نوراً، تلألأت به، وبرز منه شعاع وصل لنوافِذ غُرفتي، عندها طرق عامل النَّظافة الباب، وابْتسم في وجْهي وهو يقول لي:
- كلَّما زاد حجم المعرفة لديك، لا تتعالى على أحدٍ من خلق الله.
- اعْلم بأن العلم ليس له وطن.
- وأخيراً يجب أن تعرف بأن البحث العلمي هو علاج لجراح الأمة العربية الإسلامية.
حتى إذا خرج موظف الفندق، لمس ضوء خافت زجاج نوافذي، وتسرب منه شعاع بسيط داخل حجرتي، مكتوب فيه عبارات التحفيز:
- كن قوياً أمام ضغوط الدراسة.
- لا تجعل للإحباط مدخلاً عندك.
- واجْعل سقف طُموحك عالِياً.
- واعْلم بأن النَّجاح ليْس بالصُّدفة، بل هو جهد واجْتهاد وعمل.
لم أسْتغرب من حديث عامل النَّظافة ولا العبارات المكتوبة عبر ضوء الأمل، لأن أبي وأمي قد جعلا هذا الكلام منهج عملٍ منذ سنوات طويلة.
رقَّ عزمي وتغيَّرت أنْفاسي، فلم أنتبه إلا على رنين هاتفي، كان صاحبي عبد الله يسْأل عني، ولم يُكمل مكالمته حتى انطفأ مصباح الغرفة، وظل النُّور الخافت يُزيِّنُ ويُعطر غُرْفتي، فأخذتُ وسادتي ولم أشْعر إلا والصباح قد بزغ، وإذْ بشعاع نور يصْدر من حقيبتي، عندها ارْتفع شُجون النَّفس وشغف القلب، فرأيت شعار جامعة ملايا يبرز من هذا النُّور، ليُشكل عِقداً فريداً وجميلاً، فارْتاح خاطري واسْتكانت نفْسي، وقدِ احْتضنْت الحاسوب والقلم، وسمعت صوتاً يُصْدِرُه ذلك الشُّعاع، وهو يردد ويقول:
أخو العلم حي بعد موته................ وأوصاله تحت التراب رميم
وذو الجهل ميت وهو مش على الثرى .............. يظن من الأحياء وهو عديم
الطموح، الصبر، بالعلم نرتقي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع