مدونة .. أ. د. خالد عبد القادر منصور التومي


المؤسسات التعليمية ودورها في التنشئة الاجتماعية

أ.د. خالد عبد القادر منصور التومي | Prof. Dr. Khaled A. Mansur Tumi


03/12/2023 القراءات: 953  


المؤسسات التعليمية ودورها في التنشئة الاجتماعية

بقلم: أ.د. خالد عبدالقادر منصور التومي،

مِمَا لا شك فيه أن كثيرًا من المشكلات النفسية والاجتماعية والسلوكية التي تُعاني منها شرائح عديدة في مجتمعنا "الأطفال والمراهقين والشباب والزوجين كبيئة حاضنة" هي نتائج – في جانب من جوانبها – لنقص المعارف والخبرات والمهارات الاجتماعية التي من شأنها أن تساعدهم في تسيير شؤون حياتهم بشكل صحي وصحيح.

لهذا تُعد كُلاً من الأسرة والمدرسة ووسائل الإعلام "التقليدي والحديث" من أهم وسائط عملية التنشئة الاجتماعية، إلا أن هذه الوسائط تواجه تحديات كبيرة تحول بينها وبين القيام بدورها المفترض في هذه المعملية.

ومن هنا .. هذه المهمة "التنشئة الاجتماعية" أصبحت اليوم أكثر صعوبة وتعقيدًا نتيجةً للتحولات والمتغيرات السريعة التي يشهدها العالم العربي في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية، هذا بالإضافة إلى عدم توفر المؤسسات والبرامج والخدمات الاجتماعية التي يمكن أن تساهم في رفع مستوى الوعي النفسي والاجتماعي لدى الأفراد كلبنة أولى لأي مجتمع، والتي تعمل على تزويدهم بالمعارف والخبرات والمهارات التي يحتاجون إليها للتعامل مع هذه التحديات بشكل صحيح، وتحصينهم في مواجهة المشكلات النفسية والاجتماعية المختلفة المترتبة عليها.

وبظرة أخرى .. من الملاحظ أن التعليم العام في مدارسنا لم يُعطى العملية التربوية نصيبًا كافيًا من الاهتمام والرعاية، فمثلاً: "مادة التربية الاجتماعية" إن أُخذت بعناية في نقلها إلى التلاميذ والطلبة من شأنها أن تُكسب أبنائنا وبناتنا المهارات الاجتماعية التي تساعدهم في تسيير شؤون حياتهم المستقبلية، إذ تُعد هذه المادة جد مهمة وضرورة مُلحة في مستقبل النشء بمختلف فئاته العمرية، إذ تساهم في تمكينهم من التعامل الصحي والصحيح في مختلف المواقف الحياتية كــ "التعليم والعمل والزواج والإنجاب وتربية الأطفال".

وعلى سبيل المثال .. لو تطرقنا إلى "ثقافة الاعتذار" ولدينا بعض التلاميذ أو الطلبة لا يُجيدون ثقافة الاعتذرا مع زملائهم؛ فهُنا يُطلب من التلميذ أو الطالب "إناث أو ذكور" أن يأتي بتعبير عن ثقافة الاعتذار، ومن المؤكد أنه سيطلب المساعدة من أحد الوالدين في تجهيز هذا التعبير، ويُعتمد التكرار عليه في ذلك مع الحرص على أن تكون فترات التكرار بمسافات زمنية متفاوته حتى لا يمل ذلك، وبهذا نكون قد أصبنا عصفورين بحجرٍ واحد، أقحمنا التلميذ أو الطالب "إناث أو ذكور" بشكل غير مباشر في أن يعمل بنفسه على تغيير نفسه إلى الأفضل، وكذا طبعنا بشكل غير مباشر في الوالدين "العمق الأسري" توجيهًا غير مباشر لـ "ثقافة الاعتذار".

بهذا .. نضع بعضًا من النقاط التي إذا ما أُخذ بها من شأنها أن تساهم في تحقيق المنفعة المرجوة لنجاح مادة التربية الاجتماعية والوصول بها إلى أهدافها، ومنها ما نأتي على سرده تباعًا:

1- حسن اختيار مفردات المادة "المهارات الحياتية" بحيث ترتبط بحاجات ومشكلات التلاميذ والطلبة النفسية والاجتماعية والسلوكية في المراحل العمرية والتعليمية المختلفة "الإبتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي".
2- حسن اختيار الوسائل التعليمية والإضاحية بحيث تكون مادة تطبيقة أكثر من أنها مادة نظرية، إذ تعتمد على التشويق والاستثارة والحوار والمناقشة والتمرين والتدريب وورش العمل.
3- حسن اختيار المعلمين والمعلمات ممن يمتلكون المعرفة اللازمة والخبرة والمهارة في إكساب التلاميذ والطلبة المهارات الحياتية النفسية والاجتماعية المقررة.
4- توفير جميع الأدوات والتجهيزات والإمكانيات اللازمة لتحقيق أهداف المادة.

ختامًا .. إن الدور المهم الذي تلعبه المؤسسات التعلمية في التنشئة الاجتماعية من شأنه أن يوفر بيئة بيولوجية سليمة للطفل منذ النشئة وحتى المرحلة الجامعية؛ فمن الواضح أن الطبيعة البيولوجية للإنسان تُكون تُشكل الجسم، وهي بذلك لها أثر كبير في التنشئة الاجتماعية، ولا يمكن عزل العوامل البيولوجية عن الواقع الاجتماعي.


المؤسسات التعليمية، التنشئة الاجتماعية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع