مدونة سعد رفعت سرحت


ثنائية(التفسير والفهم )في علم الاجتماع /من البحث عن قانون إلى البحث عن معنى

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


10/10/2022 القراءات: 1876  


.

إن علم الاجتماع أحد العلوم الإنسانية و غاية العلوم الإنسانية هي (فهم) الظواهر ، و لكن علماء الاجتماع الأوائل كانوا يريدون ادماج علم الاجتماع و معاملته معاملة العلوم الطبيعية التي غايتها (تفسير)الظواهر، و هذا صعب جدا لأن الظاهرة الإنسانية لا يمكن التعامل معها مثلما يجري التعامل مع الظواهر الطبيعية.




ينطلق فيبر من التمييز الذي أجراه كلٌّ من (ديلثي) و (شلايماخر)بين العلوم الطبيعية والعلوم الروحية الإنسانية، فالعلوم الطبيعية هي (الفيزياء - الكيمياء -الأحياء......الخ)أمّا العلوم الإنسانية فهي:(التاريخ -اللغة-علم النفسيه الاجتماع...... الخ).


و قد آثر فيبر ضرورة الجمع بين كلتا الطريقتين،فعلى الاجتماعيين أن يبدأوا أولًا بتفسير الظاهرة ،ثم بعد ذلك يتجهون الى فهمها ،و لهذا يقول (ماكس فيبر) إذا كانت وظيفة العلوم الطبيعية هي التفسير ،و وظيفة العلوم الإنسانية الفهم ،فإن علم الاجتماع يقع وسطًا بين الاثنين ، فوظيفته هي القيام بدراسة الظاهرة الاجتماعية و(تفسيرها) أولا، ثم ( فهمها) ثانيا... و هذا يعني أن علم الاجتماع علم طبيعي و إنساني في الوقت ذاته. والمقصود بالفهم هو (إيجاد معنى للظاهرة الاجتماعية)...حيث إن لكلّ ظاهرة اجتماعية معنى لابدّ من الباحث الاجتماعي الوصول إليه.


وهنا يظهر أنّ هموم السوسيولوجيا تحوّلت من البحث عن البنية الاجتماعية وشكلها إلى البحث عن معنى الفعل الاجتماعي،وبعبارة أخرى من(البحث عن قانون) إلى ( البحث عن معنى ) ويمكن توضيح ذلك بما يأتي:


#البحث عن قانون//
كان الهم الأوحد للمدارس الاجتماعية و الأنثروبولوجية القديمة هو الوصول الى القوانين الكامنة في البنية الاجتماعية التي يسير وفقها المجتمع ،إذ قامت المدارس الاجتماعية بتقليد و محاكاة العلوم الطبيعية كالفيزياء و الكيمياء و الأحياء و الهندسة ،و استطاع علماء الاجتماع من الوصول إلى نتائج مبهرة وصياغة قوانين اجتماعية رصينة ،بيد أن هذه القوانين التي صاغها الاجتماعيون تتسم بالنسبية و بالمرحلية، أي أنها تصدق أحيانا و تكذب أحيانا أخرى ،و لهذا فمن الحكمة أن لا تُععم على كل المجتمعات،لأنّ لكل مجتمع خصوصيته،ولكلّ ظاهرة اجتماعية سياقها.


#البحث عن معنى //
كان ماكس فيبر من أوائل العلماء الذين لاحظوا ضرورة اللجوء الى (المعنى )بدلا من صياغة (القوانين) ....فقد لاحظ العلماء أن الإنسان كائن معقد و غامض و أن المجتمع أكثر تعقيدا و غموضا ،بحيث إنه لا يخضع لقانون حتمي مثل الظواهر الطبية و الفيزيائية والتكنولوجية الميكانيكية ،و لذا ينبغي البحث عن معنى الظواهر بدلا من البحث عن قانون الظواهر ،و بذلك ينبغي مراعاة خصوصية كل ظاهرة اجتماعية وفهمها على حدة بحسب المجتمع .


وخلاصة القول: إنّ الدراسة الاجتماعية إمّا تتعلق بالبنية الاجتماعية، و إمّا تتعلق بالفعل الاجتماعي،فالدراسة المعنية بالبنية الاجتماعية مهمتها التفسير،و الدراسة المعنية بالفعل الاجتماعي مهمتها الفهم.





علم الاجتماع الفهم والتفسير، ،القانون والمعنى


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع