مدونة د. نكتل يوسف محسن


أهل الشام... وافدون الناس غداً

د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen


12/02/2023 القراءات: 400  


قبل الدخول في المقال أود الإشارة أن المقال لا يرتبط بأي توجه سياسي من هذا الطرف أو ذاك ولا ينتمي إلى أي منها، إنما هي محولة من بين الآف المحاولات للتحليل والربط بين تلك الاحداث الآنية والمورث الديني المتحدث عنها، علنا نفهم المغزى الأساسي مما حصل ولماذا تعرض الشعب السوري إلى : ( الموت والدمار والتشريد وجوع ومرض وأهلاك الحرث والنسل ومفارقة الأحبة وهجرة الأوطان... الخ).
أن المتتبع للأحداث التي تجري في سوريا اليوم أبتداءاً من الأزمة السورية ٢٠١١م ومروراً بتشريد المواطنين وموت عشرات الآف منهم من غير أن يكون لأحد ذنب في توجيه الفعل السياسي أو المشاركة فيه - وهنا أنا أقصد الشعب الذي طحن وسط الحروب - والذي ذاق الأمرين منذ بداية الأزمة ولحد الآن وتعرض لفقد الأحبة وترك الديار وضنك العيش في مخيمات اللجوء وأرض الشتات وانتهاءاً بزلازال كهرمان مرعش الذي أضاف للأسى السوري نكهة أخرى صعبت مهمته في الحياة وتركته ممازقاً شر ممزق.
كان المفروض بعد هذه الأحداث أن يخرج الفرد متجرداً من أي رابط ديني أو أخلاقي بسبب ما حصل من أحداث والتي تشيب لها الولدان، ولكن ما نراه اليوم من رضا بالقضاء والقدر وحمد الله في كل مطلع وقناعة تامة أن ما حصل خير من الله، ومن تلك الأمثلة : طفلة تبكي وهي متورمة الوجه لأنها علقت في الانقاض ستة أيام ولم تصلي، وطفل يقول مات اخوتي الثلاث وهو أمرا مقدرا من الله، وآخر يقول لو مت لم أمد يدي، والآخر يقول ليس المهم ان نموت بل المهم ان نموت على الالتزام وغيرها الكثير من الأمثلة المشرفة للمسلمين ، يجعلنا نتوقف قليلاً لنحلل إن كانت صفات هذا الشعب خيرة لهذه الدرجة فلماذا حصل معهم ما حصل؟
تأتي الإجابة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم والتعلق باشراط الساعة والتي تأخذ من أرض الشام ميدانياً لها قال تعالى ((سُبۡحَٰنَ ٱلَّذِيٓ أَسۡرَىٰ بِعَبۡدِهِۦ لَيۡلٗا مِّنَ ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡحَرَامِ إِلَى ٱلۡمَسۡجِدِ ٱلۡأَقۡصَا ٱلَّذِي بَٰرَكۡنَا حَوۡلَهُۥ لِنُرِيَهُۥ مِنۡ ءَايَٰتِنَآۚ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡبَصِيرُ )) الإسراء :١، والمعلوم أن سوريا تقع اليوم في مناطق حول المسجد الأقصى، كما دلت الأحاديث النبوية على أن الشام أرض المحشر وانها أرض الموقعة العظيمة يوم القيامة إذ حدد النبي صلى الله عليه وسلم الأعماق أو دابق أرضاً لملحمة آخر الزمان إذ ورد : ((لا تقوم الساعة حتى ينزل الروم بالأعماق أو بدابق، فيخرج إليهم جيش من المدينة، من خيار أهل الأرض يومئذ...)) صحيح مسلم
وهذه الأرض اليوم تمتد من حلب وتجاوز الحدود مع تركيا، وإن أهل هذه المنطقة الذين حشرو حشراً من غير أختيار هم من سيشاركون في هذه الملحمة، وهم خيار أهل الأرض يومئذ كما ورد في النص السابق.
إذن كيف يتم تنقية الصفوف وتمحيص الأفراد والجماعات إلا عبر تلك المحن والبؤس والشدائد والضنك وفقدان الأهل وغيرها ، وهل يصفى الذهب إلا بالنار، وهل نقيت صفوف الصحابة الأوائل إلا بعد تعذيب وتشريد وجوع وفراق وإتهام بالباطل حتى برزت لنا خير أمة أخرجت للناس وكانوا سادة الناس ورأس الإسلام أنذاك ولحد الآن .
وما يرى في هذا الصدد إن الله ينفرد بصنع أهل الشام لهذه الملاحم يصنعهم لها صنعاً، ينقيهم من السيء والمتخاذل ويبعد عنهم الفاسق المتطاول، لتسقر مجموعة صغيرة أختارها الله لأمر عظيم.
فيا أهل سوريا صبراً...
وانكم وافدون الناس غداً...
وهل بعد العسر إلا اليسر...
وهل بعد الشدة إلا الفرج...


الشام، مأساة، وافدون، محن، الخير


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع