مدونة د. أسماء صالح العامر


سفينة نوح (عليه السّلام) الجزء الثاني

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


16/12/2023 القراءات: 473  


فسأل سائل منهم قال (ما هذا القرآن؟)، فأجابه أحد القسيسين أنه كتاب اكتتبه رجل ادعى النبوة في جزيرة العرب أخذ كلامه من الإنجيل، فزاد عجب الرجل، إذ كيف يأخذه من الإنجيل وما موجود في الإنجيل فيما يتعلق بهذه المسألة لا يطابق الواقع الذي توصلوا إليه بالبحث المضني، بينما كان القرآن دقيقا في تحديد الواقعة والمكان. كيف يمكن لرجل من أهل الصحراء أن يعلم كل هذا إذن؟.
فكان هذا الرد البسيط من هذا الرجل أبلغ رد على من لا يعرف حقيقة التوحيد وعظمة الرسول صلّى اللّه عليه وسلم ويدعي أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلم قد اختط القرآن بيده - حاشاه - ناسخا من أحبار اليهود وقساوسة ورهابنة النصارى. إنه وحي اللّه تعالى وعلمه الأزلي بالأشياء، إنه كتاب اللّه المعجز الذي لا يعتريه التحريف لأنه في عهدة منزله سبحانه، أنظر إلى رد القرآن على أمثال هؤلاء المساكين:
أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ ولَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً (82) (النساء: 82) ..
وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّما يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وهذا لِسانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ (103) (النحل: 103) ..
وَما كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتابٍ ولا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَارْتابَ الْمُبْطِلُونَ (48) (العنكبوت: 48).
الخرائط والمخططات المبينة أدناه توضح المنطقة التي رست فيها سفينة نوح عليه السلام - جبل الجودي - والواقعة بين العراق وتركيا، والفرق بينها وبين منطقة آرارات التي ذكرت في العهد القديم والواقعة شرق الأناضول قرب أرمينيا وغرب إيران، والمنظر مأخوذ من ثلاث ارتفاعات وصولا للبعد الذي يحدد المنطقة جغرافيا بالضبط.
أما الصور التي تليها توضح الفريق البحثي الذي اكتشف المنطقة وحددها بالضبط.
ارتفاع 3500 كم عن سطح الأرض ارتفاع 1500 كم عن سطح الأرض جبل آرارات منطقة المثلث العراقي - الإيراني - التركي التي تحوي جبل الجودي جبل آرارات وجبل الجودي
منطقة جبل الجودي جنوب شرق تركيا قرب الحدود مع العراق (المنطقة المحددة بالدائرة - ارتفاع 1000 كم عن سطح الأرض) منطقة جبل آرارات شرق الأناضول (منطقة إكدير قرب الحدود مع إيران وأرمينيا) كما حددتها موسوعة إنكارتا 2003 م (ارتفاع 150 كم)
لاحظ شكل السفينة على التراب من وسط إلى أسفل الصورة رجال من الفريق البحثي يقفون أمام إحدى الصخور التي كانت مرسى للسفينة بجنوب تركيا
أشكال توضح آثار السفينة مع الفريق الآثاري الغربي الذي اكتشف موقع السفينة على جبل الجودي في تركيا وكما صرح القرآن الكريم.
وأما لما ذا هذا الاختلاف بين القرآن والإنجيل وهما من عند اللّه تعالى؟، فهذا هو السبب الرئيسي لتعهد اللّه تعالى بحفظ القرآن الكريم من أن يعتريه ما اعترى الكتب السابقة من تدخل البشر وتحريفهم لها، فهذه هي طبيعة البشر وديدنهم في تحوير القوانين حتى السماوية منها وفق أهواءهم وشهواتهم رغم تحذير الأنبياء عليهم السلام لهم من مغبة ذلك، فالأنبياء عليهم السلام يبلغون رسالات ربهم للناس، ولكن الناس هم الذين يحرفون كلام اللّه وتعاليمه ويزيدون وينقصون في كتبه المنزلة عليهم حسب أهواءهم، وهذا بالضبط ما حصل للتوراة والإنجيل. وقد صرح القرآن الكريم بهذه الحقيقة موبخا أصحابها ومتوعدا إياهم بالويل والثبور:
فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هذا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَناً قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ ووَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ (79)، (البقرة: 79).
أما القرآن الكريم فلا يمكن أن يتبدل ويحرف رغم كل محاولات اليهود القديمة والحديثة بذلك، كيف لا وقد تعهد بحفظه الرحمن الرحيم الذي أنزله على رسوله:
إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (9) (الحجر: 9).


نوح عليه السلام


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع