مدونة الجيلالي الساجعي


قصبة بولعوان وجلاء الاحتلال البرتغالي

الجيلالي الساجعي | Jilali essajai


31/12/2023 القراءات: 431  


قصبة بولعوان وجلاء الاحتلال البرتغالي:

تعتبر قصبة بولعوان مثالا فريدا للقلاع المحصنة التي تعود إلى القرن الثامن عشر، والتي بنيت بدكالة وفقا لمبادئ الهندسة المعمارية العسكرية الأوروبية التي كانت منتشرة في ذلك العصر؛ فمنذ تأسيسها اعتبرت حصنا مطلا على مجموعة من المناطق القبلية، كالرحامنة والشاوية ودكالة. وعدت القلب النابض لهذه المجموعات السكنية، فقد مثلث صلة وصل مهمة في مراقبة وحماية هذه القبائل. وقد ذكر الكانوني خلال حديثه عن تاريخ آسفي أن قصبة بولعوان "هي مسورة على الضفة الجنوبية من وادي أم الربيع من قبيلة دكالة تبعد عن البحر بنحو مسيرة يوم فأكثر قال الحسن الوزان أسسها السلطان عبد المؤمن بن علي الموحدي وكان فيها خمسمائة بيت من بيوتات الأشراف والأفاضل يحترفون بكسب الأنعام والفلاحة لخصوبة أرض دكالة ورغد عيشها وكان أقلهم يملك مائة من البقر أما الحبوب فكان البعض يملك ما بين الألف والثلاثة آلاف عبرة من الحبوب وبها كانت دار الأضياف يأكلون ويشربون على نفقة الجماعة.
وقد شملها احتلال البرتغال ثم انجلى عنها وبقيت مهملة فبناها السلطان المولى اسماعيل وجعلها أحد الملاجئ العسكرية، وكان لولده المولى عبد الله بها دار كان نازلا بها سنة 1157 في مطاردته أخاه المولى المستضيئ فمكث بها سنة ولا تزال الآن أسوارها ماثلة يسكنها بعض المعمرين الأورباويين( ) ومن انحاش إليه."( )
يبدو أن مدينة بولعوان ظلت مهملة، بعد أن انجلى عنها البرتغال، إلى أن شيد بها السلطان المولى إسماعيل قصبة عسكرية لحراسة الطرق التي كانت تربط عاصمته مكناس بمختلف نواحي المملكة.
تجثم قصبة بولعوان على قمة شاهقة من الصخر، تنزل عموديا على أضيق نقطة في منعطف مجرى نهر أم الربيع. وتشرف على المنعطف المذكور من كلتا واجهتيه ولا تربطها بالسهل المجاور إلا بقعة ضيقة من الأرض، ويعتبر هذا المكان من أكثر الأماكن توحشا. وعندما يرى الإنسان هذه القصبة من بعيد، تبدو له بأبراجها الشاهقة وأسوارها المسننة، عظيمة الهيكل، هائلة البنيان.
لقد كان لهذه القصبة في الماضي، باعتبار موقعها الذي يتحكم في أحد الممرات الرئيسية بين مراكش وفاس على نهر أم الربيع، أهمية إستراتيجية لا تنكر، بالإضافة إلى أن موقعها على الحدود المشتركة بين ثلاث تجمعات قبلية عظمى هي دكالة والشاوية والرحامنة كان يجعل منها من الناحية السياسية، مركزا ممتازا للمراقبة، ولئن اختفت الآن أهمية هذه القصبة من الناحية العسكرية والسياسية، فإن أهميتها الأثرية ما زالت قائمة، نظرا لما تتوفر عليه من الخصائص الجديرة بالعناية، من الناحية المعمارية، إذ أن الموقع الذي اختير لتشييدها والبرج الذي أقيم فيها وكذلك باب السر والحصن الأمامي المنحدر والمغطى، المفضي إلى النهر، وأبراج الدعم الجناحي التي تتوفر عليها والتي أحكم بناؤها بدقة ومهارة، كل ذلك يدل على أن تصميم هذه القصبة كان من وضع بعض المهندسين الماهرين في فن الهندسة العسكرية؛ وبذلك فهي تمتاز عن مثيلاتها باستحكاماتها الدفاعية.


قصبة بولعوان، الاحتلال البرتغالي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع