مدونة ياسر جابر الجمال


الفضاء الزمكاني في مذكرات السيد حافظ(2)

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


21/01/2024 القراءات: 144  


يرى "جيرار جيت" :" أن الزمن الروائى يرتكز على مظهرين رئيسين هما: زمن الشئ المروى - زمن القصة - وزمن الحكى ويقصد به زمن الخطاب"( ) ويؤكد "تدروف" :" أن زمن الخطاب خطى ولا يمكنه أبداً أن يكون موازياً أو متطابقاً مع زمن القصة الذى هو متعدد"( ) وهكذا نجد أنفسنا أمام زمانين في العمل الروائي أو المذكرات، الزمن الأول هو زمن الأحداث (زمن القصة)، ومن السرد( الحكي)، والزمن الأول يكون ممتد، وففي فترات متباعدة أو مختلفة بخلاف الزمن الثاني، زمن السرد والحكي فهو مكتنز أو زمن مختصر يجمع كثيرًا من الأحداث في فترة موجزة، معتمدمًا على التكثيف والضغط المعلوماتي والفكري، وهو بذلك لا يمكن أن يكون موازيًا للزمن الأول ، زمن الأحداث الحقيقية؛ لذلك جاءت به عديد من التقنيات الفنية كالآتي: يقول "السيد حافظ" :" سن عشرة إلى عشرين بدأت حياتي تتغير عندما شاهدت فيلم (بداية ونهاية) شدني الكاتب الكبير "نجيب محفوظ" عشت في جلبابه بعضا من الوقت"( ). فقد حذف الكتاب سنوات عديدة معتدمًا على الاختزال الزمني للأحداث، وهو بذلك يستخدم تقنية الحذف السردي . الوقفة: وفيها يحاول الكاتب تمديد الحدث من خلال الاسطراد في نقطة معينة كما يقول "السيد حافظ": " حاولت أن أنهض بوطني لأني أؤمن بالفقراء، أنا اشتراكي النزعة، أرى الإسلام اشتراكي، ومحمد - عليه الصلاة والسلام - النبي الوحيد الذي قسم بين المهاجرين والأنصار في البيوت والطعام حتى الزوجات، هو الاشتراكي الأول في التاريخ.. هذا شيء عبقري يجب أن نقف أمامه كثيرا لذلك أحببت الاشتراكية والمساواة والعدالة الاجتماعية واحببت عبد الناصر لأنه نصير الفقراء وعشقته . لذلك في سن عشرة حتى عشرين كانت فترة معذبة بالنسبة لي. ( ) الاستقبال: الاستقبال هو تقنية يعمد فيها الكاتب إلى استقبال وتوقع أحداثًا تقع في المستبقل، وهي تقنية تعمد على النظرية المستقبلية والتوقع الناتج عن قراءة واعية للواقع ، والسيد حافظ اعتمد على هذه التقنية في مذكراته، ومن ذلك قوله " . ثم فوجئت برسالة بها قصيدة من شاعر شاب من الإمارات يسمى " حبيب الصايغ" – رحمه الله – هو من قامات الشعراء واختلفنا حول القصيدة لأني نشرتها مرتان: أحدهما في مجلة (البيان) لـ"سليمان الشيخ"، والأخرى في جريدة (السياسة)، سألني يومها "سليمان الخليفي" الكاتب الكبير الآن والقاص والشاعر الكويتي من هو "حبيب الصايغ " والكلام الفارغ المكتوب فقلت له سوف يكون له شأنا عظيما وهو ما حدث بالفعل.. وهو قدَّر ذلك( ). الاسترجاع : يقول "السيد حافظ" مسترجعًا ذكرياته المؤلمة :" من عشرين لثلاثين بدأت المعاناة . معاناة النشر معاناة الكتابة معاناة الوجع معاناة أن اكتشف في القاهرة القاسية القلب على أبناءها وعلى فنانيها وعلى مبدعيها، شاهدتهم يسخرون من "يحيى الطاهرعبد الله" في مقهى وادي النيل وفي مقهى ريش، شاهدتم و يسخرون من بهاء طاهر لأنه مذيع مهذب. شاهدتهم وهم يسخرون من عبد العال الحمامصي. شاهدتهم وهم يسخرون من أخي ويضربونه تحت الحزام حتى يسقط. شاهدت قبح المثقفين حتى صرت شبه معقدا . ولكني قررت أن اقاوم واصير فنانا وكاتبا رغم كل الظروف".( ) دائمًا ما يسترجع "السيد حافظ" الأحداث بذكر عيد ميلاده على مدار ممتد من المذكرات، فيقول تحت عنوان (10) يوم ميلادي ومشوار حياة " اليوم عيد ميلادي الثالث والسبعين. ثلاثة وسبعون عاما فيها العشر سنوات الاولى من عمري من ميلادي في محرم بك بالإسكندرية، لم أذق فيها طعم الطفولة؛ فقد ولدت رجلا، شدني أبي من يدي للعمل معه، كان يملك ثلاث محلات في شارع شكور، وكان يحتاج إلى من يساعده، هرب أخي "محمد حافظ رجب" الكاتب العظيم، هرب ليحقق أحلامه، هرب من جلباب أبي ووظيفة أبي والتجارة إلى أحلامه والكتابة والإبداع الجميل. شدني أبي من يدي وأنا طفل فمن سن ميلادي وحتى عشر سنين لا أتذكر أني لعبت في الشارع والحارة.( ) المشهد: يعمد الكاتب في مذكراته إلى تقنية المشهد، وهو" المقطع الحوارى بين الشخصيات الذى يرد فى ثنايا السرد، وهو كتقنية زمنية يمثل اللحظة التى يكاد يتطابق فيها زمن السرد بزمن القصة من حيث مدة الاستغراق ذلك لأن الحوار المباشر بين الشخصيات يفضى إلى التوافق بين زمنى القصة والخطاب، فتبدو أحداث القصة وكأنها تجرى أمام عينى القارئ فى ذات الوقت الذى يقدمها له الخطاب فى شكلها الخطى مما يخلق لديه وهم التمثيل المباشر لما يحدث"( ) يقول السيد حافظ : "وفي إحدي الجلسات في الدوحة في قطر كان يجلس الكاتب المعروف "الراجعي" والإعلامي العظيم "محمد الجاسم" مدير قناة الجزيرة السابق ونخبة من المثقفين، فقال "الرجعي" لأصدقائه : هذا "السيد حافظ" والذي ما كتبه يوازي ما كُتب عنه من كتب. وهنا أقول في الحقيقة أن ما كتبته كثير جدًا من الكتب ولكن الله أعلم ما سيرتقي منها من كتب".( ) وفي موضع أخر يقول : "وفي أحد الأيام كان "منير فتح الله" ينزل من على سلم قصر ثقافة الحرية وكنت أصعد السلم نفسه، كان لا يعرفني ولا أعرفه فنادى علي أحد الشباب قائلا : انتظر يا "سيد حافظ" فإلتفت إلى "منير فتح الله " قائلا : من "السيد حافظ "؟ فقلت له: أنا ! فقال لي: أأنت من قمت بتأليف ( 6 رجال في المعتقل )؟! فقلت له: نعم.. فاحتضنني.. لا أنسى هذا، كان حضن الأب وكنت شاب عندي 25 عام، وقال لي : أنت كاتب عظيم وموهوب واندهشت وسألته هل قرأت لي شيئا ؟ فرد قائلا: قرأت لك مسرحيتك ( 6 رجال في المعتقل ) و


الفضاء الزمكاني


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع