مدونة عبدالحكيم الأنيس


مع العلامة الشيخ نور الدين عتر (4)

د. عبدالحكيم الأنيس | Dr. Abdul Hakeem Alanees


15/06/2023 القراءات: 435  


 وفي يوم الأربعاء (5) من صفر سنة (1442) الموافق (23/9/2020م) أعلن خبرُ وفاة الشيخ نور الدين عتر في دمشق، عن (86) سنة، وكانت ولادته في مدينة حلب يوم الأربعاء (17) من صفر سنة (1356) الموافق (28/4/1937م)، وقد شُيع تشييعًا حافلًا، ودُفن في مقبرة الشيخ رسلان الدمشقي، وكثر الثناءُ عليه والدعاءُ له من الأطياف والأطراف كلها.
وفي مساء هذا اليوم عقدتُّ في دبي مجلسًا علميًّا مفتوحًا عبر وسائل التواصل تكلمتُ فيه عنه، وقرأتُ فيه كتابه: "النفحات العطرية من سيرة خير البرية صلى الله عليه وسلم"، وأجزتُ به عنه، وقد حضر البثَّ جمعٌ غفيرٌ، وما هذا إلا لما وضع اللهُ تعالى للشيخ من القبول. رحمه الله رحمة واسعة.
- ولإلقاء مزيد من الضوء على شخصية الشيخ نور الدين أوردُ نصَّ رسالة منه إلى العلامة الشيخ مصطفى الزرقا، تتعلق بـ "الموسوعة الفقهية" التي كانت تبنتْ إصدارها وزارة الأوقاف الكويتية.
قال -رحمه الله، ورحم المرسل إليه، والمذكورين في الرسالة:-
(بسمِ اللهِ الرَّحمَنِ الرَّحيمِ
الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى اللهُ على سيدنا محمدٍ وعلى آله وصحبه وسلَّمَ تسليمًا.
فضيلة الأستاذ الكبير العلَّامة المحقِّق المدقِّق الشيخ مصطفى الزَّرقاء حفظه المولى وأدامه للإسلام وفقهه. آمين.
مِنْ نور الدِّين عتر.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فأحمدُ إليكم اللهَ تعالى، وأثني عليه بما هو أهله، وأسأله التوفيقَ لِما يُحبُّه ويرضاه، وأرجو أن تكونوا بتمام الصحة والعافية، والنشاط الموفور لخدمة الفقه الإسلامي العظيم نفعَ اللهُ بكم.
أستاذنا الكريم:
أشكرُ ما تضمنته رسالتُكم التي وصلتني في شهر آب من إيضاحات جيدة حول ما استشكلتُه من خطة الموسوعة وإن كنتُ أرى أنَّ النقاش قد يستمر كثيرًا؛ فإنني أحب أن أختصر وأقتصر في هذه الرسالة على التعليق حول الجانب الحديثي، فإنَّهُ رغم التقدُّم في تخريج الأحاديث، لا زال هذا الفن مغموطًا منتقصًا في البحث الثاني الذي أصدرته الموسوعة. وذلك لكون المخرِّج لا يرجع إلى المراجع الأصلية، بل يراجع كتب التخريج مثل "الجامع الصغير"، و"جمع الفوائد"، وغيرهما. وهذه الكتب لا تزيد على أن تكون فهارس مرشدة إلى مَواطن الحديث تُسهِّل للباحث مهمته، ولا يكفي الاعتمادُ عليها في عملٍ فقهي دقيقٍ فضلًا عن موسوعةٍ فقهية، ذلك أنَّ هذه المراجع لا تلتزم لفظَ الحديث، بل كثيرًا ما يكون لفظُ الحديثِ فيها غير موافقٍ لأيِّ مرجعٍ تعزو إليه.
وناحية أخرى هي أنَّ ألفاظ الحديث قد تأتي على صِيغ مُتعددِّة في المرجع الحديثي الواحد أو المراجع المتعددة، وبعضُ هذه الألفاظ يصلح للاستدلال في المسألة، وبعضها لا يصلح، بل قد يكون في بعضها ما يستخرج منه الاستدلال للمذهب المُخالِف أيضًا، فلا بُدَّ من تَحرِّي ألفاظ الحديث وبيان اللفظ المخرج لِمَن هو وما قيمتُه، وهذا عملٌ طويلٌ يستلزمُ جهدًا بالغًا من مُحدِّثٍ بارعٍ له اشتغالٌ في الفقه، ولا أرى مَن يصلحُ لذلك سوى هذين العالِمَين المُحقِّقَين: الأستاذ الشيخ عبدالفتَّاح أبو غدَّة، والأستاذ الشيخ حبيب الرحمن الأعظمي مُحدِّث الهند، بل مُحدِّث العالَم الإسلامي فيما نَعلَم، ولا أُزكِّي على الله أحدًا. وفي الأزهر علماء آخرون، لا أظنهم يجدون المُتَّسعَ لمِثل ذلك العمل.
وأشكر لكم أيضًا ما بذلتم من النُّصح والتأييد لدى إدارة إحياء التراث بما يوافق اقتراحي لشطب الانتقادات على أحاديث في "مختصر صحيح مسلم"، حيثُ انضمَّ صوتُكم يُؤيِّدُ صوتَ العِلم وكلمةَ العلماء أمام شطح المتعالِمِين المتهوِّرِين، وذلك منكم هو المأمول دائمًا؛ لأنَّ صاحبَ العِلم والتحقيق شأنه ذلك، حفظكم الله وجزاكم خيرًا.
أُبلغكم تحيَّات أخيكم خالي الشيخ عبدالله [سراج الدين]، وسائر أساتذة المعهد، آملًا أن تتقبَّلوا تحياتي، وتهانيَّ بعيد الأضحى المبارك، أعاده الله عليكم وعلى المسلمين بالخير واليُمن والبركة والنصر، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
حلب – الفرافرة 12/ذو الحجة/1390
أخوكم
نور الدين عتر).
***


نور الدين عتر


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع