مدونة د. نكتل يوسف محسن


قصة الحي الشعبي في غزة... موروث الماضي ونتائج الحاضر

د. نكتل يوسف محسن | Dr. Naktal yousif mohsen


20/11/2023 القراءات: 282  



بينما كان عبد الله طفل مستضعف يعيش في حي شعبي يسوده الفقر والجوع والعوز، وزاد هذا الأمر مضايقات مستمره تأتيه من شاب أرعن يدعى جاسر يكبره بسنوات عشر قد كثرت مشاكله في الحي، ولا يردعه عن فعل السوء رادع.
وفي يوم من الأيام تعرض هذا الشاب لعبد الله وضربه وكسر كرامته أمام أهل الحي الشعبي وهؤلاء الناس لا ينسون هذه الصورة فهي جزء من مخيالهم الاجتماعي الذي تكونه الحوادث فيرسخ في ذاكرتهم، لم يستطع عبد الله أن يفعل شيئا أنذاك ولكن الحادثة بقيت كالجمره بداخله تكبر وتكبر وتأكل ما تستطيع من احشائه، وفي يوم من الأيام لاحت لعبد الله فرصه للإنتقام من هذا الشاب ولكنها كانت فرصة محفوفه بالمخاطر فقد يجتمع عليه أهل الشاب فيؤذوه أكثر ما هو متاذي في حياته، ومع هذا لم يفكر عبد الله بهذا الشيء وذهب إلى هذا الشاب وضربه ضرباً مبرحاً شفا به غليله، ثم أنهالت عليه الضربات من أهل هذا الشاب فتاذى وتعرض لجروح في رأسه وجسده، وأستطاع سباب الحي أن ينفذوه من أيديهم بصعوبة.
ذهبنا به إلى المستشفى وكانت قريبة من الحي الذي نسكن بعد أن تلقى العلاج وأستمر يومين في المستشفى خرج فذهبنا لنزوره ونستبين منه عن السبب الذي دفعه لهذا فقال قائلنا يا عبد الله ألا تعلم أن لهذا الشاب أهل كثر وأنت وحيد وسينهالون عليك ويؤذوك حتى تصير على الحالة التي أنت عليها، صمت عبد الله مخفياً في صمته آلام كثيرة كان الشاب قد عانى منها فقال يا هذا أن الجمرة كانت في قلبي والآن تحولت جروحاً في جسدي وجرح الجسد يشفى أما جمر القلب لا يشفى.
لا أعلم لماذا أشبه هذه القصه بحالة أخواننا في غزة، لا يحق الكلام عنهم َقد كنا وما زلنا معزولون عن الحدث ولم نتعرض للاهانة والظلم الذي تعرضوا له ولم نعش واقعهم المرير، ولم ندفع ثمن صنيعهم الأخير.
فمن كانت جمرته في قلبه كان أجدر من غيره في تقرير مصيره.


الحي، عبدالله، جمرته، الشاب


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع