توجيه اليمين المتمّمة لاستحقاق الأرملة الصداق المؤخّر على القصّر بعد ثبوت فرضه
سيف بن سعيد العزري | SAIF BIN SAID ALAZRI
02/05/2024 القراءات: 694 الملف المرفق
فرضَ لها زوجها صداقاً مؤخّراً فلمّا تخرّمته يدُ المنيّة طالبت بصداقِها، ولكنْ لمـّا كان من الورثة أيتامٌ قصّرٌ من ورثة المتوفّى، تقدّمتْ بدعوى تطالبُ بذلك الصداقِ، وقدّمتْ إقراراً من المتوفّى بالصداق، ولمْ يمانع الورثة البالغون من تسليمِها الصداقَ، وفي حقِّ القصّر حكم القاضي بتوجيه اليمين المتمّمة إليها بأنّها لم تستلمْ ذلك الصداقَ ولم تبرأْ منه ذمّةُ المتوفّى، فأدّت اليمينَ، فحكمتْ لها المحكمة بالصداقِ.
وكانَ مما وردَ في الحكم:
"وحيث إنّه عن طلب المدعية بمؤخر الصداق، فإنّه من المقرّر شرعاً وقانوناً طبقاً للمادة (21) من قانون الأحوال الشخصية أنّ الصداق هو ما يبذله الزوج من مال بقصد الزواج، وأنه ركن من أركان عقد الزواج طبقاً للمادة (16)، وأنه "يجوز تعجيل الصداق أو تأجيله كلاً أو بعضاً حين العقد" طبقاً للمادة (24/أ)، وأنّه "يستحق المؤجل منه بالوفاة أو البينونة ما لم ينص في العقد على خلاف ذلك"، ومن المقرّر أنّ الأصل براءة الذمّة، ومن ادّعى خلاف ذلك فهو المدعي، فعليه يقع عبء الإثبات؛ إذ هو مدعي خلاف الأصل، عملاً بالقاعدة الشرعية المستقاة من الحديث الشريف التي تقضي بأن "البيّنة على من ادّعى واليمين على من أنكر"، فعلى المدعي في حال إنكار خصمه إثبات دعواه بالبيّنة المعتبرة، ومنها شهادة الشهود، وإلا كان له الحقّ في الاحتكام إلى ضمير خصمه بتوجيه اليمين الحاسمة إليه في الأحوال التي يصح فيها ذلك، فإن حلف خسر المدعي دعواه وإلا حكم للمدّعي بما يدّعي على القول المعتبر عند أهل العلم ما لم يردّها المدعى عليه إلى المدعي، وعلى هذا جاءت المواد (1) و(67) و(74) و(75) من قانون الإثبات، كما أنّه من المقرّر شرعاً أنّه يصحّ توجيه اليمين إلى مطالِب الميّت بحقّ احتياطاً في حقّ من لا يمكنه الدفاع عن نفسه، جاء في شرح النيل 13/2 ص 29-30 قوله: "وقسموا اليمين ثلاثة أقسام؛ الأول: يمين التهمة وهي اللازمة في الدعوى غير الحقة، والثاني: يمين القضاء استحسنها الفقهاء احتياطاً على حفظ من لا يمكنه الدفع عن نفسه كالغائب والصغير، والثالث: يمين المنكر التي في مقابلة دعوى المدعي محققا لدعواه"، ثم قال: "وأوجبوا يمين القضاء على طالب من مات أو غاب احتياطاً على أموالهما يحلف أنه بقي دينه إلى حين الحكم لم يقبض ولا أحاله على أحد ولا وهب منه شيئا ولا أمرت من يأخذه"، ويمكن اعتبار يمين القضاء هذه هي اليمين المتمّمة التي يوجّهها القاضي من تلقاء نفسه إلى أيّ من الخصمين ليبني على ذلك حكمه في موضوع الدعوى أو في قيمة ما يحكم به، ويشترط في توجيه هذه اليمين ألا يكون في الدعوى دليل كامل وألا تكون الدعوى خالية من أيّ دليل، وعلى هذا نّت المادة (77) من قانون الإثبات، ومن المقرّر أنّ الإقرار هو إخبار الإنسان عن حقّ عليه لآخر وأنّ الإقرار حجّة على المقرّ إن صدر من كامل الأهلية مختارا غير متهم في إقراره لقوله تعالى: (ياأيُّها الذين ءامنوا كونوا قوَّامين بالقسطِ شهداءَ لله ولو على أنفسكم) قال المفسرون: شهادة المرء على نفسه هي الإقرار، وأكّد ذلك المواد (57 -60) من قانون الإثبات.
لمّـا كان ذلك وكان المدعى عليهم الثاني والثالثة والرابعة أبدوا عن طريق وكيلهم عدم الممانعة من تسليم المدعية الصداق المؤخر من التركة، فالمحكمة تلزمهم بذلك على ما سيرد في منطوق الحكم، أما بالنسبة للمدعى عليهم الأولين فهم قصّر، ولا يقبل في حقهم إقرار الوصي عليهم في شيء لم يباشره، وقدّمت المدعية إقرار زوجها مورّثهم جميعاً بأنّ عليه لزوجته ثلاثمائة ريال عماني (300ر.ع) صداقها الآجل، والمحكمة تطمئنّ إلى ما ورد فيه، إلا أنّه لما كانت الدعوى في حق ميّت وعلى قصّر وكان من المحتمل أن يفي الزوج زوجته دينها المؤخّر أو أن تبرأ منه ذمّته بأي وجه من الوجوه فإنّ المحكمة حكمت بتوجيه اليمين المتمّمة إلى المدعية لتقسم بهذا اللفظ: "أقسم بالله العظيم بأنّ مؤخر الصداق وقدره ثلاثمائة ريال عماني (300ر.ع) الذي فرضه زوجي .... لم أستلمه ولا شيئاً منه، ولم تبرأ منه ذمة المتوفى"، فأدت اليمين باللفظ المذكور، وعليه يثبت حقها في ذلك، فتقضي المحكمة في حق القصّر المدعى عليهم الأولين بذلك على ما سيرد في منطوق الحكم.
ويمكنك أخي الكريم الاطلاع على الحكم وتفاصيلِه في الملف المرفق أعلاه.
حكم قضائي، صداق مؤخر، إثبات، يمين متممة، دعوى شرعية
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع