النقد الأيكولوجي .........
ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal
08/01/2024 القراءات: 604
نحن أمام سيل عارم من المصطلحات والنظريات المعرفية والأدبية التي تعنى بمعالجة النص الأدبي ، والبحث في فحواه من منظورات مختلفة، وهذه المناهج وتلك النظريات حصيلة الحداثة وما بعد الحداثة، أي كلها نظريات وافدة لها سياقات معرفية محددة في بيئتها التي نشأت أو نهضت فيها، وهذا يؤكد لنا قضية اختلاف النص طبقًا لاختلاف البيئة التي نشأ فيها وخرج ملائم لمكوناتها المعرفية والثقافية .
منذ القرن التاسع عشر ونحن أمام طوفان من النظريات التي تنهض لقراءة النص الأدبي سواءً على كافة المستويات .
ومن تلك المناهج المنهج الإيكولوجي الذي ظهر في السبعينيات من القرن المنصرم، و ما يعرف أيضًا بالنقد البيئي أو النقد الأخضر، وهو ما يعيد الاعتبار للبيئة في النص، كإعادة الاعتبار للمكان بصورة خاصة في الرواية أو ما يمكن أن نطلق عليه رواية المكان.
إن الحقيقة التي يجب التسليم لها هو قضية الإسراف في النقل عن الغرب في مناهج متعددة وبدون وعي أو دراية عن طبيعة المنقول واتخاذ موقف علمي منه، بل الأمر يتجاوز ذلك إلى تطبيقات عملية على نصوص لا حصر لها باسم الحداثة وما بعد الحداثة .
إن فكرة النقد الإيكولوجي موجودة في تراثنا ولها تمثلات كبيرة، وهنا نفرق بين ذكر البيئة أو الطبيعة في النصوص الأدبية لدى الشعراء والكتاب، وبين البيئة باعتبارها سياقًا له محددت معرفية وثقافية يمكن الاعتماد عليها في تحليل النصوص والانطلاق منها" فقدم النقد وما يزال رؤى وأفكاراً حول تحليل النصوص الإبداعية والمعنى الكامن خلف النص وقد انطلق من جذوة فلسفية أرسطية دخلت عالم النص وظروف الإنتاج لكنها لم تقارب الموجودات البيئية بوصفها كائنات حية بكل تفاصيلها وتجلياتها التي هي من مقولات النقد البيني ومبادئه. وهذه الأفكار تجعل الحاجة ماسة لمقاربة الإحساس بالبيئة بحيث يغدو المبدع جزءاً من البيئة يُؤثر ويتأثر بها، وهذا التصور أشار إليه بعض الباحثين غير أنه واجه معارضة كبيرة محكومة بارتباطه بمناهج نقدية وحركات فكرية مجاورة وهذه الإشكالية جعلت من الضروري مساءلة المنجز وكشف مواربته بوساطة قراءة التوجهات والآراء المعارضة وكشف دقتها وصحتها بوساطة فحصها بأليات نقدية وأدوات إجرائية مقتبسة من تجاور العلوم الإنسانية"
إنني هنا أريد أن أوأكد على مسار في غاية الأهمية وهو كلما كانت قراءة النص تعتمد على تصورات وافدة نهضت في بيئة غير بيئة النص فإن هذا من دواعي فقدان النص لأبعاده الجمالية والمعرفية والهدف منه، وبمعنى أدق فإن النص يصبح أسيرًا لما فرض عليه من قراءات ، وإذا سلمنا بأن النصوص أيضًا أصابها ما أصاب النقد من التغريب، فتصبح الطامة طامتين ، ولهذا فإن النقد الإيكولوجي مهما كان يتعاظم أثره في تقديم "الأفكار والآراء بأسلوب يثير شغف المتتبع ويتطور ليشكل استلهامه المعرفي بوساطة توظيف وسائل جديدة تسعى لبلوغ المعنى، وكشف الحقيقة، ومن هذه الاتجاهات النقدية يبرز النقد البيئي الذي يقع بين فكرتين مركزيتين النقد وقوته الواسعة، والبيئية وتنامي تشكيلاتها الجديدة المؤسسة على الموسوعية، لتفسير الظواهر والكشف عن مكنوناتها الإبداعية، وكل هذه التشكيلات تهدف لمعالجة النص الكوني، ليكون مؤثراً فاعلاً وترجماناً للقيم الإنسانية العالية، وهو ما يتواخاها ليعبر عن رؤى أو ليستنطق وعياً جديداً ذلك أنَّ التفكير النقدي لا يقر على ربوة فكرية بعينها، بل يجتاح المصطلحات التي تسهم في تأطير جديد يؤوب فيه للنظريات القديمة ويتحرر إلى مجالات مترامية الأجزاء تسعى إلى الإقناع والتغيير فيُؤثث النقد البيني قوانينه على المنطق والفكر الاجتماعي، والسيميائية وعلوم رافدة متنوعة فيأتي بوهج جديد ليبلور كل الرؤى، ويُحاط بدائرة من المعارف بين المختلف والموتلف لمقاربة الظواهر الكونية والأدبية المتحررة منها والمؤدلجة ليجترح مقولاته من حقول بينية تلتقي مع البنيوية التكوينية ومفهوم الغيرية وعلوم مجاورة أخرى، فيتوهج النقد البيني لتحليل الأبعاد الإنسانية في النصوص الأدبية المعنية بالطبيعة، والإحساس بها من الكاتب أو المبدع"
هذا كلام رائع وجميل في مدح المناهج الغربية واعتبارها الأساس الذي نؤسس عليه قراءات النصوص وتحديد جغرافيتها، وإذا كانت ثمة إضافة في هذه النقطة فإن النظريات النقدية الغربية لها تمثلات في التراث العربي، وليس معنى هذا البحث عن دور أو مكانة لتراثنا، الحقيقة التي يجب أن نبحث حولها ونفكر طويلًا فيها هي أن حركة الاستشراق هل كانت سارقة لتراثنا أو بمعنى أدق تم ترجمته وتغريبه وفق رؤية الغرب ونمطه المعرفي الحداثي ، ثم قدم لنا على أنه نظريات جديدة تناسب العصر والوقت الحال، مسألة تحتاج إلى نقاش وبحث دقيق دون تحيز
نقد أيكولوجي
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع