مدونة ياسر جابر الجمال


مذكرات السيد حافظ بإعتبارها وثيقة تاريخية تصنع المستقبل .

ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal


19/01/2024 القراءات: 170  


الكتابة أنواع متعددة منها مايتعلق بالشخص، ومنها ما يتعلق بالأخرين، وفي الحالة الأولى يطلق عليها السيرة الذاتية، وفي الثانية يطلق عليها السيرة الغيرية( )، وإذا كان العمل يجمع بين محطات من السيرة الذاتية ومواقف تاريخية أو أحداثًا تتعلق بقضايا كبرى فإنها في هذه الحالة تنتفل إلى مساحة المذكرات التي تعد في النهاية وثيقة تاريخية ، وشهادة على جزء من الأحداث بالصواب والخطأ وفق رؤية الكاتب وما لدية من معطيات وبراهين حول ما يقول ويوثقه .
"السيد حافظ" من الكتاب الذين عاصروا أحداثًا متعددة ، ومتنوعة عبر حقب زمانية مختلفة، بداية من المرحلة الجامعية والعهد الناصري ثم السادتي حتى الآن ، كما استطاع السفر خارج البلاد إلى عدد من الدول العربية كالكويت والإمارات العربية المتحدة، وهذا من أجل العمل، كما أنه سافر إلى أقطار أخرى من أجل مشروعه المسرحي، كالعراق والأردن وغيرهما...
ويمكن تقسيم ذلك إلى مراحل كما جاء في المذكرات :
• مرحلة الطفولة: إن البداية عند "السيد حافظ" كانت من الحارة والنادي وكذا الساحة الشعبية، ومن الأشكال المسرحية الشعبية كخيال الظل والقراقوز، لقد أدرك "السيد حافظ" منذ البداية أن القراءة هي السبيل الأمثل لاكتساب قلم جيد يجسد من خلاله أفكاره في مجال المسرح، والتي كانت تملأ ذاته وكيانه وليس له من ملاذ منها سوى السعي إلى تكريسها؛ إذ وعى وهو في الصف الأول الثانوي هذه الحقيقة المهمة (وهي ضرورة القراءة)خاصة وأنه على دراية تامة بأن المسرح فن قديم وثري، مرت عليه مراحل كثيرة واحتضنته اتجاهات ومدارس عديدة ومتنوعة وجب على المهتم ، اتصل "السيد حافظ" بقاعة المسرح في سن الثانية عشرة من عمره، حيث شاهد أول عمل مسرحي شبه تقليدي مكنه من مشاهدة نجوم كبار في فن المسرح( )
وفي ذلك يقول السيد حافظ: " فمن سن ميلادي وحتى عشر سنين لا أتذكر أني لعبت في الشارع والحارة." ( )
ويؤكد على ذلك بقوله " من سن عشرة الى عشرين بدأت حياتي تتغير عندما شاهدت فيلم (بداية ونهاية) شدني الكاتب الكبير "نجيب محفوظ" عشت في جلبابه بعضا من الوقت"( )

• مرحلة دخول المسرح : " ثم بدأت ادخل المسرح في سن 12 سنة. وفي هذا السن بدأت حياتي مع المسرح تتغير. قرأت لأستاذي الكبير"توفيق الحكيم" "( )
تقول الدكتورة "ليلى بن عائشة": " إن ولع " السيد حافظ " بالمسرح لم يكن ليجعله يقف مكانه متفرجا، بل إنه كان حافزا له على المبادرة بالوقوف على الخشبة أيضا، فهو لم يكتف بالوقوف على عتبة هذا العالم العذري-كما يعبر عنه- بل خطا خطواته الأولى إليه في سن مبكرة جدا فقادته بعد ذلك كل هذه الخطوات، صوب دخول اللعبة عن طريق مسرح الأندية الصيفية، وترك كل مادون ذلك من الأمور التي كانت تستهوي الأطفال في مثل سنه ككرة القدم وغيرها.وبولوجه هذا العالم كان ينتابه إحساس هو الأساس –كما نعتقد- في بناء حسه وذوقه وإدراكه الفني ويعبر عنه وعن هذه المرحلة بقوله:« ... تركت ملاعب الكرة وركضت على خشبة المسرح طفلا مشحونا بالعاطفة والإحساس باليتم ... والإحساس بأن العالم يحتاج إلى من يعبر عنه... كتبت الشعر العامي ثم الشعر الفصيح لكن القصة القصيرة بهرتني فكتبت أول قصة قصيرة وأرسلتها إلى الإذاعة ، ففوجئت بأن مقدم البرنامج الدكتور "علي نور" يشيد بالموهبة القصصية وبالطبع لم يذعها.
إذا حاولنا أن نحدد العلاقة بين "السيد حافظ" والمسرح فليس لنا إلا أن نقول بأن قصته مع المسرح قصة قديمة، إذ احتواه احتواء كليا، وقد عبر عن تلك العلاقة بقوله إنه -أي المسرح- أبي القديم وإبني الذي يجب أن أنقذه ... ومحاولاتي نسيج فرعوني كان يرتل سرا في المعابد ... شاهده هيرودوت سرا... لكنه الآن أصبح علانية. لقد كان "السيد حافظ" يهرب بموهبته ويخفيها لا لشيء إلا لأنه لم يجد من يحتضنها احتضانا يثلج صدره ويطمئن قلبه، فما كان منه إلا أن احتفظ بسر الكتابة المقدس لنفسه، ولكنه سرعان ما أعلن اعتناقه لها وإيمانه العميق بضرورة الدفاع عنها وعن حبه الأبدي لفن المسرح( ).
• مرحلة النشر والهجرة : يقول السيد حافظ " من عشرين لثلاثين بدأت المعاناة، معاناة النشر معاناة الكتابة معاناة الوجع معاناة أن اكتشف في القاهرة القاسية القلب على أبناءها وعلى فنانيها وعلى مبدعيها. "( )
ويقول في شأن الهجرة "أما في الفترة من عشرين إلى ثلاثين بدأت معاناتي بالهجرة إلى الخليج( )...
• مرحلة الكتاب في الصحف والمجلات : يقول " من ثلاثين إلى أربعين كنت أناضل في الحياة وفي جريدة (السياسة)، ففتحت أبواب الصفحات الثقافية التي توليت الإشراف عليها وصفحات الفن"( )
• مرحلة العودة إلى مصر، يقول " في الاربعين عدت إلى مصر.. من الأربعين إلى الخمسين خسرت كل أموالي في مؤسسة (رؤيا). ( )
• مرحلة السفر داخل الوطن، يقول "السيد حافظ"، "في سن الخمسين كنت بدأت أتدهور وسافرت إلى القاهرة لأبدا من الصفر وسكنت انا وأولادي في شقة حقيرة مفروشة، كانت معي أمي العظيمة تدعمني، ومعي أم أولادي وبدأت أكتب للتليفزيون المصري وأكتب مرة أخرى وأعود من خمسين إلى سبعة وخمسين سنة إلى أن حدثت لي المشكلة الكبرى . زلزال مرض زوجتي وابني وتخلي الأصدقاء عني وتخلي الوطن عني وتخلي الأقارب عني فأصبحت وحيدا مثل شجر السنديان( )
• مرحلة السفر إلى الخارج مرة أخرى : يقول الكاتب ". المهم سافرت إلى الإمارات في سن 57 سنة . ومن 57 إلى سن 63 عشت في الإمارات فترة صعبة. كنت محظوظا أن ساعدني بعض الرفاق القدامى( )
ومن ذلك يمكننا القول : إننا أمام تجربة متعددة الجوانب، الاجتماعية والمعرفية، أمام رجل يقدم لنا عصارة ستين عاما من الإبداع والانتاج المعرفي،


مذكرات السيد حافظ


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع