مدونة د. طه أحمد الزيدي


(طوفان الاقصى) في ضوء السياسة الشرعية (ح2) مسألة استهداف المستوطنين:

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


13/10/2023 القراءات: 753  


ثانيا: مسألة استهداف المستوطنين: من المعلوم أن كل جندي أو مستوطن صهيوني يعدّ محاربا، فهو إما مقاتل أو معد للقتال (احتياطا) أو معين للجيش الصهيوني، أو معتدٍ على الفلسطينيين وممتلكاتهم، فيجوز استهدافهم، بل صرح جمهور الفقهاء بأنه يجوز تبييت الكفار وهو كبسهم ليلًا وقتلهم على غفلة، ولو قتل في هذا التبييت من لا يجوز قتله من امرأة وصبي وغيرهما كمجنون وشيخ فانٍ، إذا لم يقصدوا (الموسوعة الفقهية 16/ 161)، عَنِ الصَّعْبِ بْنِ جَثَّامَةَ رضي الله عنه، قَالَ: سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الذَّرَارِيِّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ؟ يُبَيَّتُونَ فَيُصِيبُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ وَذَرَارِيِّهِمْ "، فَقَالَ: «هُمْ مِنْهُمْ» (أخرجه البخاري ومسلم) ، قال الإمام النووي رحمه الله ( وهذا الحديث الذي ذكرناه من جواز بياتهم ، وقتل النساء والصبيان في البيات : هو مذهبنا ومذهب مالك وأبي حنيفة و الجمهور ، ومعنى البيات ، يبيتون أي يغار عليهم بالليل بحيث لا يعرف الرجــــل من المرأة والصبي ) (شرح صحيح مسلم، 12/50). وقال الإمام أحمد رحمه الله: لا بأس بالبيات، وهل غزو الروم إلا البيات؟ قال: ولا نعلم أحدا كره تبييت العدو. (المغني 9/287)، ولذا أجاز الحنابلة: تبييت الكفار، ورميهم بالمنجنيق، ولو قتل بلا قصد صبي ونحوه . (الروض المربع للبهوتي، 1 /296). مع التأكيد على عدم جواز أن تقصد الأماكن التي وضعت للأطفال أو النساء ولا يكون فيها غيرهم الا إذا تترس بها العدو. وحتى من يرى حرمة قتل المدنيين وقتل النساء والأطفال، فقد استثنى الفقهاء من هذا الحكم العام صورا، منها: أن يشارك كل الأعداء في الحرب، فينتفي عنهم صفة المدنية, أو أن يقوم المدنيون بأعمال يساعدون بها الجيش، فيعد ذلك عملًا عسكريًا أو ملحقا به، ومعلوم أن الجيش في الحرب المعاصرة ينتمي إليه من غير المقاتلين، من تكون وظائفهم مكملة للأعمال القتالية، بل لا تقوم الحرب إلا بها ، وهذا الوصف متحقق في المستوطنين، فهم يشتركون في العدوان والحرب بالقتال أو التجنيد أو الرأي والمشورة أو التحريض أو الإعانة ونحوها، وبذلك يزول عنهم حظر القتل ، وما شرع لوصف يزول بزواله، والتابع تابع، وعليه يجوز قتلهم، في الحرب، يقول الإمام النووي رحمه الله: قوله (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان) أجمع العلماء على العمل بهذا الحديث وتحريم قتل النساء والصبيان إذا لم يقاتلوا فإن قاتلوا قال جماهير العلماء يقتلون وأما شيوخ الكفار فإن كان فيهم رأي قتلوا وإلا ففيهم وفي الرهبان خلاف قال مالك وأبو حنيفة لا يقتلون والأصح في مذهب الشافعي قتلهم) (شرح صحيح مسلم12/48)، وقد استدلوا بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال عندما رأى امرأة مقتولة ( ما كانت هذه لتقاتل ) فدل على أنها لو كانت تقاتل جاز قتلها، وفي الصحيحين أن دريدا بن الصمة قتل يوم حنين، وكان شيخاً كبيراً، لكنه كان ذا رأي وخبرة بالحرب، قال الطحاوي رحمه الله: وحديث دريد على الشيوخ الذين لهم معونة في الحرب كما كان لدريد , فلا بأس بقتلهم وإن لم يكونوا يقاتلون لأن تلك المعونة التي تكون منهم أشد من كثير من القتال،.. وهو دليل على أنه لا بأس بقتل المرأة , إذا كانت أيضا ذات تدبير في الحرب كالشيخ الكبير ذي الرأي في أمور الحرب. (شرح معاني الآثار، 3/ 224). أو أن يقتل الأعداء المدنيين من المسلمين، فتكون المعاملة بالمثل, وهذه الصورة ليست محط اتفاق بين الفقهاء، فمنهم من قيدها بأن تكون النساء مقاتلات، أو المعاملة بالمثل في الحروب القتالية الميدانية؛ لعموم قوله تعالى: (فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ) (البقرة: 194)، ولما في ذلك من كسر لقلوب الأعداء وإهانتهم، وفائدة هذا القيد حتى لا تكون ذريعة للجماعات المتطرفة بقتل المدنيين في الدول العربية والغربية، ولذا نرجح عدم قصد قتل النساء والأطفال والشيوخ العزل غير المشاركين بالجيش الصهيوني، وهذا ما فعلته المقاومة الإسلامية في معركة طوفان الاقصى، بل أمنتهم وتركت بعضهم يعود لمستوطنات آمنة، مع أن جيش الاحتلال الصهيوني يقتل النساء والأطفال العزل عبر الأعمال القتالية والقصف والغارات، وانتقاما من عوائل الاستشهاديين، أو قتلهم بالحصار وحرمانهم من الحقوق الأساسية التي تؤدي الى هلاك عدد منهم. ومن مبررات استهدافهم أن يكون المدنيون ارتضوا بغصب الأرض، فاليهود المستوطنون في فلسطين مهاجرون من بلاد شتى فلا حق لهم في الأرض، وسلبوا أرض المسلمين ومقدساتهم، فهم جميعاً غزاة محتلون مقاتلون محتلون مغتصبون معتدون، فتنتفي عنهم صفة المدنية، والإسلام يوجب تحرير أرض الإسلام من المحتلين الغاصبين، ولو حرم على المجاهدين الإغارة أو رمي أي مكان احتله العدو لاحتمالية فيه غير المقاتلة ، لأفضي ذلك إلى تعطيل الجهاد وترك تحرير الاراضي المحتلة.


طوفان الأ قصى- فتاوى القضية الفلسطينية- استهداف المستوطنين- طه الزيدي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع