مدونة جيهان رشاد


نوبات الغضب ( اضطراب نفسي أم مشاكل سلوك ) (التعريف / التشخيص الفارقي التمييزي )

جيهان رشاد | gahan rashad


08/07/2023 القراءات: 377  


نوبات الغضب هي انفجارات انفعالية عنيفة ردًا على الشعور بالإحباط / أو حدوث عائق للسلوك المرغوب في موقف محدد منتشرة في جميع المراحل العمرية من الطفولة للشيخوخة وهى من حيث التصنيف الفئوي تنقسم إلى حالة الغضب وسمة الغضب .
نوبات الغضب من الحالات شائعة الحدوث في مرحلة الطفولة المبكرة (بين عمر سنتين إلى أربع سنوات تقريباً ) وتعد سلوك نمو يقع ضمن خصائص المرحلة الطبيعية حيث تكون أسلوب تواصل لدي بعض الأطفال عندما يشعر بالإحباط أو التعب أو الجوع أو الألم أو لجذب الاهتمام وينصح الخبراء في المجال النفسي الإباء بالعمل على تشتيت انتباه الطفل مما يساعد في إيقاف نوبة الغضب ثم تدريب الطفل بعد الخروج من هذه الحالة على استخدام أسلوب تواصل اكثر فاعلية ( التحدث مع الإباء – التنفس – استخدام أساليب التعبير المناسبة للطفل ) هذا الأسلوب العقلاني التدريبي بما يحمل من نمذجة والدية كافي لحدوث النضج الانفعالي للأطفال حيث يلاحظ الإباء تناقص عدد حدوث نوبات الغضب وتصبح نادرة الحدوث بعد عمر خمس سنوات وهنا نطلق أشارة التحذير الاولي في هذا المقال إذا تكررت نوبات بعد سن الخامسة ,إذا استمرت نوبة الغضب لأكثر من 15 دقيقة , إذا حدثت نوبات عديدة في اليوم الواحد , إذا كانت مصحوبة بمشاكل في التنفس أو النوم أو الطعام أو سلوك العنف يجب استشارة الطبيب النفسي أو المعالج النفسي دون تردد في طلب الاستشارة النفسية .
لماذا ؟ لان نوبة انحباس التنفس breath- holding spell أثناء الغضب قد تكون مؤشراُ لحدث مخيف أو موقف انزعاج انفعالي شديد الحدة أو تجربة مؤلمة في حياة الطفل يجب الاكتشاف لها .
الفارق التمييزي بين النوبة الإرادية والنوبة غير الإرادية درجة شحوب الوجة وفقدان الوعي لدي الطفل . ويوصي الخبراء النفسيين الآباء عدم التوقف عن تصحيح السلوك الخاطئ خوفاً من حدوث النوبات لكن التصرف السليم نفسياً هو الاستعانة بأحد المتخصصين في علم النفس أو العلاج النفسي لتقديم خدمات الارشاد الاسري والتدريب على فنيات تعديل السلوك كما يوصي باستشارة طبيب الأطفال لإجراء كشف طبي شامل للطفل إذا تكررت هذه النوبات كثيراً للاستبعاد الأسباب الطبية مثل اضطرابات القلب والدماغ .
نوبات الغضب في المراهقين أيضاً جزء طبيعي من العملية الارتقائية وخصائص المرحلة سوف تنحصر تدريجياً نحو التناقص في مرحلة المراهقة المتأخرة مع النضج الجسدي والانفعالي للمراهق لكن أشارة التحذير الثانية في هذا المقال إذا تكررت نوبات الغضب مع السلوك العنيف الفجائي والحاد غير الاعتيادي من المراهق ومحاولات خرق القواعد فهناك فارق تمييزي بين الأخطاء السلوكية العرضية المؤقتة للمراهق وبين سلوكيات اضطراب السلوك التي تحتاج زيارة عاجلة لمعالج أو طبيب نفسي فالنوبات المتكررة وتدهور الأداء المدرسي والاجتماعي للمراهق علامات تحذيرية لا يجب التساهل معها أو الانتظار لمزيد من السلوكيات " الوقاية خير من العلاج" حيث يقدم المعالج النفسي خدمات الإرشاد حول الابوة المسؤولة Authoritative parenting كما يقدم التشخيص النفسي باستخدام الاختبارات النفسية التشخيصية لاضطرابات المراهقة وهي أدوات قياس نفسي عالمية يستخدمها اخصائي علم النفس الاكلينيكي المدرب فقط من أجل التشخيص لاضطرابات نقص الانتباه وفرط النشاط – اضطراب الاكتئاب – اضطراب المعارضة المتحدي – اضطراب التصرف أو المسلك – اضطرابات المزاج – اضطراب الفصام الوجداني – اضطراب سوء استخدام المواد المخدرة والعقاقير .
لماذا التشخيص الفارقي التمييزي باستخدام المقاييس النفسية المقننة على يد معالج نفسي مرخص من وزارة الصحة أو اخصائي علم نفسي اكلينيكي مدرب ؟ لان نوبات الغضب عرض شائع لدى عدد كبير من الاضطرابات النفسية منها اضطراب المعارض المتحدي oppositional defiant disorder – اضطراب طيف التوحد والإعاقات الذهنية – اضطرابات التعلم – اضطرابات الشخصية (النرجسية والحدية والفصامية ) – اضطراب الكرب بعد الصدمة – اضطراب نقص الانتباه وفرط النشاط الاندفاعية – اضطرابات القلق الاجتماعي – الاكتئاب واضطراب اختلال المزاج – اضطراب إيذاء النفس غير الانتحاري
أشارة التحذير الثالثة في هذا المقال هي الاضطراب الانفجاري المتقطع لدى البالغين حيث فترات متكررة وفجائية من السلوك الغاضب أو العدواني أو الاحتدادات الشفهية الغاضبة يكون رد فعل الشخص فيها مبالغ فيه لا يتناسب مع الموقف ويحدث فجأة عند قيادة السيارة أو داخل المنزل أو العمل حيث يظهر الفرد سلوك إلقاء الأشياء وتكسيرها، أو نوبات الغضب فجأة وبالاندفاعية القهرية وقد تؤثر سلبًا في علاقاتك أوعملك أودراستك ، كما يمكن أن يكون لها عواقب اجتماعية وقانونية بعدها قد يشعر الشخص بتأنيب الضمير والندم والإحراج.
ولان بيئات العمل مجهدة لمعظم الافراد ونسبة كبيرة من العاملين يشعرون بالتوتر والغضب وفقا لتقريرمنظمة الصحة العالمية نظرا لـ " التمييز وعدم المساواة، وأعباء العمل المفرطة، وضعف المشاركة في القرارات المتعلقة بالعمل وانعدام الأمان الوظيفي " نجد أن معظم نوبات الاضطراب الانفجاري المتقطع تحدث داخل بيئة العمل ، مما يشكل خطرا على الصحة النفسية ويعد عامل مؤثر في " الإنتاجية المهدرة " وحالات " الاستقالة الفجائية" لذا ندعوهيئات العمل المختلفة اتخاذ إجراءات فعالة للوقاية من مخاطر نوبات الغضب ، وحماية وتعزيز الصحة النفسية في بيئة العمل عن طريق تقديم دورات تدريبية نفسية للعاملين ، وتقديم الدعم العلاجي النفسي للعاملين الذين يعانون من اعتلالات الصحة النفسية بدل من قبول الاستقالة الفجائية من الموظف أو عقابة على الإنتاجية المنخفضة .


الغضب - العلاج النفسي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع