مدونة د. طه أحمد الزيدي


(طوفان الأقصى) في ضوء السياسة الشرعية ح (5) أهل غزة ومصرف في سبيل الله

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


18/10/2023 القراءات: 758  


(طوفان الأقصى) في ضوء السياسة الشرعية
ح (5) أهل غزة ومصرف في سبيل الله
لقد نظّمت الشريعة الإسلامية مصارف الزكاة؛ لتحقق مقاصد تشريعها، وقد حددت بثمانية أصناف، جاء ذكرها في قوله تعالى: ﴿إنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِى الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِى سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ﴾ (التوبة: 60)، والمتأمل في هذه الاصناف يجد أن الزكاة تصرف إلى أحد شخصين: محتاج إليها من المسلمين، كالفقراء والمساكين وفي الرّقاب وابن السبيل والغارمين لقضاء ديونهم التي تحملوها عن غيرهم، أو لمَن يحتاج إليه المسلمون كالعاملين عليها والغزاة في سبيل الله والمؤلَّفة قلوبهم.
وقد توقف الفقهاء عند المصرف السابع (في سبيل الله)، وقد اتفقوا على أن الأصل المراد في هذا الصنف هو الغزو، بل اقتصره جمهور الفقهاء عليه، وهو مذهب المالكية والشافعية، وقول أبي يوسف من الحنفية ورواية عند الحنابلة ، ورجحها ابن قدامة رحمه الله قال: " ولا خلاف في استحقاقهم، وبقاء حكمهم، ولا خلاف في أنهم الغزاة في سبيل الله؛ لأن سبيل الله عند الإطلاق هو الغزو". (المغني 9/ 326).
واستدلوا أن استعمالات (سبيل الله) التي وردت في القرآن الكريم تعلقت بالقتال والجهاد والانفاق في سبيلهما، وإذا أطلق في الكتاب والسنة فيراد به الجهاد والغزو، وقرنه النبي عليه الصلاة والسلام به، كما في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ إِلَّا لِخَمْسَةٍ: لِغَازٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ..) أخرجه أبو داود وابن ماجه وهو صحيح.
وذهب فريق من الفقهاء إلى شمول هذا المصرف: الجهاد بمعناه الواسع (باليد واللسان)، فيشمل ذلك القتال في سبيل الله، والدعوة إلى الله، وهو ما أقره المجمع الفقهي الإسلامي.
والتحقيق يؤيد أن مصرف في سبيل الله خاص بالمقاتلين في سبيل الله وما يستلزمهم من نفقات وما يحتاجون إليه من عدة القتال، فإذا وجد من يستحقه من هذا الصنف وأمكن صرفه إليهم فلا يعدل به عنهم.
وعليه فالمقصود بسبيل الله الغزو لنصرة الدين ودحر الكافرين المعتدين، وهذا يتحقق في المجاهدين المقاومين في فلسطين الذين يرفعون راية الإسلام ويصدون العدوان الصهيوني ويدافعون عن دينهم وأنفسهم ووطنهم وعرضهم .
وبناء على ما سبق تقرر لنا الآتي:
- إن المقاومة الإسلامية في فلسطين ولاسيما في غزة هم في سبيل الله، ويجب دفع مصرف في سبيل الله إليهم وهذا الواجب في حق جميع المسلمين.
- إن أهل غزة في ظل الحصار والقصف والتدمير تتحقق فيهم جميع مصارف الزكاة الثمانية، وينبغي تقديمهم على غيرهم في إخراج الزكاة إليهم في هذه الأيام لقيام الحاجة بل الضرورة إليها فيهم.
- إن الانفاق في سبيل الله فيما سوى الزكاة ينبغي دفعه إلى أهل غزة لقيام الحاجة إليه فيهم، وهم أولى من غيرهم باستحقاقه.
- إن واجب الوقت يتجلى في نصرة أهل غزة والتضامن معهم ودعمهم، ولاسيما بعد طلب قادتهم نصرتهم بالمال وغيره، فمن لم يتمكن الجهاد بيده معهم فلن يعدم الجهاد معهم بماله، فلا ينبغي أن نغفل عنه.
- إن المال ليقع من الله تعالى بمكان قبل أن يقع بيد مستحقيه من أهل غزة فلنطب به نفسا، وأن الله سيضاعفه لنا أضعافا كثيرة، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مَا تَصَدَّقَ أَحَدٌ بِصَدَقَةٍ مِنْ طَيِّبٍ، وَلَا يَقْبَلُ اللهُ إِلَّا الطَّيِّبَ، إِلَّا أَخَذَهَا الرَّحْمَنُ بِيَمِينِهِ، وَإِنْ كَانَتْ تَمْرَةً، فَتَرْبُو فِي كَفِّ الرَّحْمَنِ حَتَّى تَكُونَ أَعْظَمَ مِنَ الْجَبَلِ " (أخرجه مسلم).
اللهم هذا مبلغنا من العلم وهذا جهدنا في التبليغ ، اللهم فاشهد.
وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه اجمعين والحمد لله رب العالمين.


طوفان الأ قصى- فتاوى القضية الفلسطينية- مصرف في سبيل الله- طه الزيدي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع