مدونة د. طه أحمد الزيدي


فتوى بشأن ( التعامل بالعملات المجمدة)

د. طه أحمد الزيدي | Dr. TAHA AHMED AL ZAIDI


03/07/2023 القراءات: 1044  


حكم التعامل بالعملات المجمدة
د. طه احمد الزيدي
السؤال: يتداول الان في أسواق العملة ما يسمى بالدولار المجمد بنصف القيمة أو أقل وهذه العملة غير مزورة لكنها مجمدة في البنوك ولا يمكن التعامل بها عن طريق المصارف لكنها يتم تداولها في عمليات البيع والشراء وكل مفاصل السوق ولا يمكن كشفها إلا في المصارف عن طريق أرقامها التسلسلية، السؤال : ما هو الحكم الشرعي للتعامل بها ؟
الجواب:
هذه من القضايا المستجدة في أسواق العملة والصيرفة، وبعد التشاور مع المختصين بالمالية والاقتصاد، والاطلاع على مواقف الجهات المختصة من التعامل معها تبيَّن أن ما يسمى بالدولار (المجمد) لا تعد أموالاً على الحقيقة، فلا يجوز التعامل بها صرفاً، ولا بيعاً، ولا شراءً، لأنها تعدّ أموالا مجهولة المصدر أو معطلة فاقدة للرصيد النقدي وقد جُمدت أرقامها التسلسلية من قبل الجهات المصدرة لها، مما يجعلها غير قابلة للتداول الرسمـي وألغي التعامل بها في المصارف ومكاتب الصيرفة ، لكونها مسروقة، أو مصادرة بسبب تعاملات غير مشروعة كالتجارة بالممنوعات أو غسيل الأموال أو بطرق غير قانونية كالسطو المسلح على البنوك أو نتيجة العمليات الارهابية ، ولاسيما في البلدان التي تعاني اضطرابات أمنية، وبعض ما يتم تداوله تحت مسمى عملات مجمدة هي عملات مزورة من أجل الخداع والتضليل، ويصنف التعامل بها كنوع من الابتزاز والنصب والاحتيال النقدي المخالف لقانون العقوبات.
وبناء على ما سبق توصيفه لما يُسمـى بـ(العملات المجمدة)، وأن الأصل في العملات النقدية -ولاسيما الورقية- أنها تكتسب شرعيتها وقيمتها من الغطاء القانوني لها، وعليه فلا يجوز التعامل بهذه العملات أو تداولها؛ لأن ليس لها قيمة مالية حقيقية فهي منزوعة الغطاء القانوني وفاقدة للرصيد البنكي المركزي وأشبه بالعملات المزورة أو المزيفة، والتعامل بها احدى وسائل خداع الناس والتغرير بهم وغشهم وأكل اموالهم بالباطل، وقد نهت الشريعة عن ذلك، قال الله تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾ [البقرة:188]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي)، رواه مسلم، كما أنه لا يجوز شراء الأموال التي يغلب على الظن أنها منهوبة أو مسروقة ، سواء كانت من المال العام أو الخاص؛ لأنها مال غير مملوك لبائعه، فلا يصح البيع، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله (في مجموع الفتاوى، 29 / 323): "الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض، إن عرفه المسلم : اجتنبه ، فمن علمت أنه سرق مالاً ، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهراً بغير حق : لم يجز لي أن آخذه منه ، لا بطريق الهبة ، ولا بطريق المعاوضة ، ولا وفاء عن أجرة ، ولا ثمن مبيع ، ولا وفاء عن قرض ، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم" .
ولأن مآل التجارة بهذه الأموال وأرباحها تؤول الى جهات اجرامية تمول بها عمليات ممنوعة شرعا، فالتعامل بها اعانة على الفساد والعدوان وقد نهت الشريعة عن ذلك، قال تعالى: ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (سورة المائدة:2)، (وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ) (سورة القصص:77)، ومراعاة المآلات معتبر شرعا.
وهنالك محظور آخر وهو عند تبادل هذه العملات بجنسها لا بد من التساوي والتقابض في مجلس العقد، وبغير جنسها لا بد من التقابض، وهذا لا يحصل لأنها تباع بأقل من سعر العملة الحقيقية، وتتم عبر أكثر من وسيط وأكثرها في أكثر من بلد، لقوله عليه الصلاة والسلام عن التعامل بالأموال الربوية: (مِثْلا بِمِثْلٍ سَوَاءً بِسَوَاءٍ يَدًا بِيَدٍ ، فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الأَصْنَافُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ يَدًا بِيَدٍ ) (أخرجه مسلم).
كما أن في تداول العملات المجمدة تدميرا للاقتصاد الوطني، وتهريبا للعملة الحقيقية خارج البلاد، مما يتسبب بخسائر جسيمة للأفراد وللمؤسسات، ومن يتعامل بها يعرض نفسة للمساءلة والعقوبة، وحيثما وجد الضرر البحت وجد الحظر.


التعاملات المالية- العملة المجمدة- الدولار المجمد- الصيرفة- طه الزيدي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع