مدونة ياسر طرشاني


فوائد أصولية ومقاصدية من الآيات القرآنية (6)

الأستاذ الدكتور ياسر طرشاني | Prof. Dr. Yasser Tarshany


24/02/2023 القراءات: 609  


قال تعالى: {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا (95) دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 95، 96]
· عن البراء قال: لما نزلت: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين} قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ادع فلانا " فجاءه ومعه الدواة واللوح والكتف فقال: " اكتب: لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله " وخلف النبي صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم، فقال: يا رسول الله، أنا ضرير فنزلت مكانها: {لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر والمجاهدون في سبيل الله}، وفي رواية سهل بن سعد الساعدي: أنه رأى مروان بن الحكم في المسجد، قال: فأقبلت حتى جلست إلى جنبه، فأخبرنا أن زيد بن ثابت أخبره: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أملى علي: " لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون في سبيل الله ". فجاءه ابن أم مكتوم، وهو يمليها علي، قال: يا رسول الله، والله لو أستطيع الجهاد لجاهدت -وكان أعمى-فأنزل الله على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفخذه على فخذي، فثقلت علي حتى خفت أن ترض فخذي، ثم سري عنه، فأنزل الله: {غير أولي الضرر}.
· وضح الله أنه لا يستوي المجاهدون في سبيل الله مع القاعدين في الأجر والثواب.
· عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إن في الجنة مائة درجة، أعدها الله للمجاهدين في سبيله، ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض".
· المشقة تجلب التيسير، فاستثنى الله أولو الضرر من الجهاد.
· لا واجب مع العجز، ولا حرام مع الضرورة، فمن كان من أصحاب الضرر فلا حرج عليه.
· فرق بين العجز والكسل، والعجز خارج عن إرادة الإنسان، والكسل داخل في إرادة الإنسان، وكلاهما مذموم ففي الحديث :" اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل"
· ذكر الله في الآية لفظ المجاهد ثلاث مرات لأهميته لتحقيق مقاصد الشريعة.
· تقييد الجهاد بأن يكون في سبيل الله ، فالأمور بمقاصدها.
· تقديم الجهاد بالمال على النفس في موضعين في الآية فمن لم يجاهد بماله فلن يجاهد بنفسه فالنفس أغلى.
· الجهاد مقدم على القعود لما فيه من جلب المصالح ودرء المفاسد.
· أخبر سبحانه بقوله {وكلا وعد الله الحسنى} بعد تفضيل المجاهد على القاعد؛لأن القوي خير من الضعيف ففي الحديث:" المؤمن القوي خير وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير"
· الجهاد أشمل من مجرد القتال فقد يكون الجهاد تعليميا أو دعويا أو بالتبليغ أو غير ذلك من الوسائل الشرعية.
· لا تكليف بما لا يطلق فالعاجز مرفوع عنه الحرج فهو من أولي الضرر.
· النفع المتعدي أفضل من القاصر ولذا فضل الله المجاهدين على القاعدين.
· وضح الله أن التفضيل بينهما بالأجر العظيم وبرفع الدرجات والرحمة والمغفرة المجاهدين على القاعدين.
· ليسأل كل منا نفسه أهو من المجاهدين أم من القاعدين؟
· التكليف بحسب الوسع فالله لم يكلف القاعدين من أولي الضرر فوق طاقتهم.
· القادر بقدرة الغير ليس بعاجز، فمن كان من القاعدين واستطاع أن يساعد المجاهدين فليفعل ولا عذر له.
· ما جاز لعذر بطل بزواله فإن زالت أسباب القعود والضرر فلا حجة للقاعدين.
· المتعسر كالمتعذر ، فالأمر إن كان عسيرا على الإنسان بعد أخذه بكل الوسائل المشروعة فهو معذور فالعسير كالمتعذر.
· لا عتاب من المجاهدين للقاعدين فقد يكونوا من أصحاب الضرر الذين عذرهم الله.
· الحكم على الشيء فرع عن تصوره فلا يصح للمجاهد أن يحكم على القاعد، ولا العكس، فقد تكون هناك أسباب لا يعلمها الطرف الآخر.
· الاجتهاد لا ينقض بالاجتهاد، فاجتهاد المجاهدين لا يتعارض مع اجتهاد القاعدين فكل له مجاله وحسب ظروفه.
· الإسلام دين الواقعية فقد راعي أعذار القاعدين من أصحاب الضرر.
· الكلام يتم بآخره فقد ذكر سبحانه في نهاية المقارنة بينهما {وكلا وعد الله الحسنى}
· الاستثناء يخصص العموم فقد جاء استثناء أولي الضرر من عموم وجوب الجهاد عليهم.
· العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فإن كان للآية سبب نزول معين فالعبرة بالعموم لا بالخصوص.
· في الآية استحسان لفعل المجاهدين على قعود القاعدين.
· قد ينتقل الجهاد من فرض كفاية إلى فرض عين إذا لم تتحقق المصلحة، فقد يتعين على القاعدين في وقت من الأوقات ، ففرض الكفاية لا يسقط عند تكليفه لبعض المسلمين ، إنما العبرة بالقيام به على أكمل وجه وتحقق المصلحة منه.
· لا يصح قياس أحوال المجاهدين على أحوال القاعدين، فالوضع والظروف المحيطة مختلفة.
· ختام الآية غفورا رحيما مناسب لمغفرة القاعدين؛ لأنهم من أصحاب الأعذار، وكذلك الرحمة بهم بعدم تكليفهم فوق طاقتهم، ويزول العذر بزوال ضررهم.
اسأل نفسك:
• هل تحرص على أن تكون من النافعين للمجتمع في سبيل الله؟
التوصية:
• الحرص على أن تكون من النشيطين المجتهدين في الخير.
• نسأل الله أن ينصر الإسلام والمسلمين... اللهم آمين آمين آمين.


القرآن الكريم، مقاصد الشريعة، أصول الفقه، التفسير الأصولي والمقاصدي.