مدونة جيهان رشاد


الذكاء الاصطناعي في العلاج النفسي ( المفهوم - المخاطر - النقد العلمي للتطبيقات الذكية )

جيهان رشاد | gahan rashad


03/04/2023 القراءات: 388  


هل تطبيقات الذكاء الاصطناعي مثل chat gpt أو منصة " يوير " youper أو منصة "كوكو" كنموذج لغوي متطورقادر على التعلم الذاتي باستخدام خوارزميات ونماذج رياضية وبيانات قادر على العمل كطبيب نفسي - معالج نفسي - مرشد نفسي - اخصائي صحة عقلية ؟ هل يمكن باستخدام الهواتف الذكية ومواقع التواصل والدردشات في تشخيص مرض نفسي أو جلسات علاج نفسي ؟
الاجابة ( لا ) لعدد كبير من الاسباب تتضح فيما يلي : 1- تشخيص الأمراض النفسية يتطلب مجموعة كبيرة من المعلومات الذاتية المتغيرة المركبة المعقدة يقدمها المريض أو الاسرة في المقابلة الاكلينيكة أو أداة دراسة الحالة أوعن طريق تطبيق بطارية شاملة من الاختبارات والمقاييس النفسية المقننة للاغراض التشخيص وهي معلومات تحتاج الدقة وتعتمد في جزء كبير منها على خبرة الطبيب وفن الممارس العيادي في فهم النفس البشرية المعقدة وتعتمد على علم الطب النفسي وعلوم النفس بمختلف المدارس النفسية ومجالاته التطبيقية والعلوم ذات الصلة به " نقصد هنا توضيح شمولية وتكامل العلوم لخدمة الفهم العميق لتشخيص المرض النفسي ومسببات المرض داخل النفس البشرية وهي أسباب بيولوجية وعصبية وبيئية وثقاقية واجتماعية ... تختلف في الترتيب كسبب كمي وكيفي من شخص لآخر فيما يسمي علم الفروق الفردية / الحضارية / الثقافية ... " الامر الذي جعل أ.د. يحيى الرخاوى " استاذ الطب النفسي طب القصر العيني يقارب بين المقابلة الكلينيكية التشخيصية والبحث العلمى بمهارة فنية تتخطي حدود رصد الاعراض المرضية ووضع فئات التشخيص الكمي والدلالي " اسم المرض "
اثناء المقابلة الكلينيكية يحرص الطبيب النفسي أو المعالج النفسي على ‏الجمع‏ ‏بين‏ ‏الملاحظة‏ ‏وإعادة‏ ‏التنظيم للمعلومات الذاتية الفريدة المقدمة من المريض والاسرة وفن طرح السؤال ‏، ‏‏فلا‏بد‏ ‏من‏ ‏الانتباه‏ ‏مع‏ ‏الاهتمام‏ الدقيق بالتفاصيل‏ ‏جميعها ‏بطريقة‏ ‏تسمح‏ ‏برسم‏ ‏صورة‏ ‏واضحة‏ ‏المعالم‏ حيادية موضوعية علمية مهنية لمريض‏ ‏بذاته‏ فريد من حيث خصائصه الجسدية والنفسية والعقلية والثقافية والاجتماعية فكل معلومة ‏‏تعتبر‏ ‏ذات‏ ‏دلالة‏ ‏خاصة ‏تؤثر‏فى ‏التخطيط‏ ‏العلاجى النفسي الذاتي المتفرد فكل خطة علاج هي خطة تفصيلية لمريض واحد فقط تكاد لا تتكرر وان تشابهت ملامح الأهداف العلاجية ومسميات الفنيات العلاجية المستخدمة لكن تظل ممارسة العلاج النفسي فن ذاتي خاص جداً بين وعي المريض والطبيب أو المعالج النفسي "صورة‏ ‏متفردة‏ ‏لمريض‏ ‏بذاته " من تبادل‏ ‏الثقة‏ ‏والفهم والسرية والخصوصية والعلاقة المهنية المشروطة بميثاق مهني أخلاقي.
فن المقابلة الاكلينيكية من حيث الحصول‏ ‏على ‏تاريخ‏ ‏المريض‏ ‏والمرض‏ (‏الدراسة‏ ‏الطولية‏) ( الدراسة المستعرضة ) (دراسة الحالة الآن ) مع الحرص‏ ‏على ‏أن‏ ‏تكون‏ ‏المقابلة‏ ‏دافئة‏ ‏وإنسانية‏، ‏وفى ‏نفس‏ ‏الوقت‏ ‏رسمية‏ ‏لتأكيد‏ ‏طبيعة‏ ‏العلاقة‏ ‏المهنية‏ في الطبيب أو المعالج النفسي الذي يجب عليه أن يلاحظ‏ ‏ما‏ ‏يقوله‏ ‏المريض‏ ‏مع‏ ‏ما‏ ‏يظهر‏ ‏عليه‏ ‏أو‏ ‏ما‏ ‏يفعله من سلوك " فيهتم بـ لغة الجسد وميكانزمات الدفاع والتناقض الوجداني " وتحري الدقة والحياد في فهم المريض عن طريق المعلومات الذاتية التي ‏‏تعتمد‏ ‏على ‏مصداقية‏ ‏مصدرها وهو المريض والاسرة وعمق فهمه لذاته وطبيعة مشكلاته النفسية وادراكه الذاتي للاحداث الحياة المسببة لمرضه ، وهو أمر معقد ومركب دينامي في النفس البشرية ، كما ‏إن‏ ‏المقابلة‏ ‏تختلف‏ ‏حسب‏ ‏اختلاف‏ ‏الهدف‏ ‏منها‏ والاطار المرجعي للطبيب والمعالج النفسي وتنوع المدارس العلاجية والممارسة والخبرة والشهادات الاكاديمية ‏ومصدر‏ ‏التحويل وسبب‏ ‏التحويل ‏وهنا ينصح أ. د. يحي الرخاوي الممارس العيادى " ‏لا‏ ‏تسارع‏ ‏بتسمية‏ ‏كل‏ ‏ما‏ ‏يقوله‏ ‏المريض‏ ‏باسم‏ ‏عرَض‏ ‏بذاته‏ " ويؤكد على ذلك أ. د. محمود حمودة أستاذ الطب النفسي جامعة الازهر في كتابه " فن العلاج النفسي ومدارسه " انه يستطيع تعليم طلاب الطب والاختصاصين النفسيين علم الطب النفسي وعلم النفس لكن الدراسة النظرية العلمية لا تعلم الممارس العيادى فن العلاج والحدس الاكلينيكي الفريد للمعالج وهي مهارات لا تخضع للدراسة او التلقين . وهنا يتضح للقارئ الكريم للمقال ان العلاج النفسي فن وعلم معا .


العلاج النفسي / الذكاء الاصطناعي


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع