مدونة د. أسماء صالح العامر


رسالة طالبة من الاراضي الفلسطينية -غزة-📕🌺

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


01/01/2024 القراءات: 415  


إلى أُهيل البرامج العلمية، من قلب مدينة غزة أحييكم بتحية الإسلام الخالدة السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بعد أكثر من خمسين يوماً على اندلاع هذه الحرب على قطاع غزة -والتي لم أشهد مثلها خلال سنواتي العشرين كلها-، أتحدث إليكم بعزيمة أوقدها الحزن والألم، لأُخبركم أن غزة بخير كبير والحمد لله،
لا أخفيكم أن ما عشناه ورأيناه في الأيام الماضية كان أمراً مهولاً من الصعب على الذهن أن يتصوره؛ ألم، فقد، دمار، خوف، جوع، عطش، والأشد من ذلك والأنكى: شعور عميق بالخذلان.

لكن لأخبركم شيئاً:
والله وأيم الله وتالله وبالله، ما فتحه الله على قلوبنا من معاني الإيمان كان أشد من كل هذا وأعظم، كانت سورة آل عمران والأنفال والتوبة والأحزاب تتنزل على قلوبنا تسكنها مما أصابها بعدما زُلزلت زلزالاً شديداً.
كيف بك وأنت في قمة حزنك و همك و خوفك وأنت تقرأ قوله تعالى: (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين)، وغيرها آيات وآيات كثيرة كنت أقرؤها في الصلوات الجهرية على وقع الانفجارات الهائلة وتطاير الشظايا أثبت بها قلبي وقلوب من استطعت من أهلي.

لا أخفيكم أن شعور الخذلان يفُتّ العضد إلا أنه أيضاً يفتح على القلب فتوحاً لربما يغبطنا أهل النُهى عليه،
عندما تسجد بين يدي الله -جلَّ جلاله- باكياً شاكياً وهو سبحانه يعلم حالك وما لحق بك، فلا ترفع رأسك إلا وقد وهبك الله سكينة لا يعلم عظمتها إلا من ذاقها، تشكو تكالب الأعداء من كل جانب، و الحصار المطبق، و الخذلان العميق، فتخرج من هذه الشكاية بالآتي:
أنت في معركة حقٍ وباطل، وأنت في جانب الحق والحمد لله، والله ناصر الحق ولو بعد حين، وأنت إذ تشكو الخذلان ألا يُرضيك أن يرجع المتخاذلون برضى أربابهم من الفجرة، وترجع أنت برضى مالك الملك، وحُسن الظن بالله أنه لن يخذلك ولن يجمعك مع أهل الباطل في مكانٍ واحد يوم الفزع الأكبر، وهل عشنا في الدنيا إلا لهذا، فهنيئاً لك إذاً، فالزم الصبر واثبت حتى يحكم الله.

لذا ليس غريباً أن أقول: الحمد لله على نعمه، الحمد لله أنني من غزة، ووالله ما أحببت أن لي بشهود هذه الحرب و الثبات فيها مثل أُحدٍ ذهباً، فالحمد لله الذي أشهدنا يوماً أعز فيه الإسلام فدفعنا ثمن هذا العز من دمائنا وأموالنا وما جزعنا، فاللهم اجعلنا من الشاكرين لهذه النِّعَم العظيمة.

أما أنتم يا أُهيل البرامج العلمية:
فبعد انقطاع الانترنت عن منطقتنا لمدة خمسين يوماً، عاد الآن لأرى ما كنت أتوقع منكم فبارك الله فيكم، والله إني كنت أصبِّر أهلي بكم، وأقول لهم إن في العالم الإسلامي أناساً عقدوا العزم على نصرة الدين ولا أحسبهم بعد ما أصابنا إلا ازدادوا بأساً وعزماً.
فاثبتوا بارك الله فيكم، والزموا ثغوركم، واستعدوا لإمامة المسجد الأقصى فقد بات هذا أقرب من ذي قبل.

هذه رسالتي لكم أُربِّتُ فيها على أكتافكم بيدي الجريحة، أذكِّركم الله في أمتكم، ولا أدري ما يحدث لي بعد يومي هذا، فأوصيكم: أن استعينوا بالله ولا تعجزوا، (يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون).


✍🏻طالبة في البناء المنهجي3

#إسفار


رسالة-غزة


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع