مدونة سعد رفعت سرحت


معنى قول البلاغيين(لذاته)و(جامع مانع)عند تعريف الخبر والإنشاء

سعد رفعت سرحت | Saad Rafaat sarhat


29/04/2023 القراءات: 1676  




نقول في تعريف الخبر (ما يحتمل الصدق والكذب "لذاته")ونقول في تعريف الإنشاء(ما لا يحتمل الصدق والكذب "لذاته")...ثمّ يصف البلاغيون تعريفاتهم في حال اشتماله على عبارة"لذاته" بعبارة(جامع مانع) التي نسمعها كثيرًا في مباحثهم و نسمعها في المحاضرات اليوم أيضًا.


كثيرٌ من الناس يفسّرون كلمة"لذاته" بأنّ المعوّل عليه في قسمة الخبر والإنشاء (اللفظ في ذاته بمعزل عن قائله)غير أنهم حين يوغلون في الكلام لا يخرجون عن تفسير ذلك بالاحتراسٌ،أي خشية أنْ يشمل التعريف كلامَ الله والنبيّ وآثارَ آله والصحابة،فكلّ ما ثبت عنهم صدق و لا يليق بهم_بل بنا_ أنْ نصف كلامهم بالكذب لا حقيقةً ولا احتمالًا.


نعم هذا صحيح ،ولكن هذا التعليل عاميٌّ جدّا و ليس كافيًا،إذ يعرفه القاصي والداني ويعرفه المختص و الأميّ على حدّ سواء،ولو أنّي عرضت تعريف الخبر والإنشاء على أمّي أطال الله بقاءها_وهي أميّة بصمجية _ لتنبّهت إلى ما في تعريف الخبر والإنشاء من حاجة ماسّة إلى قيد لفظي يمنع سحبه على كلام الله ونبيه وأويائه.


إذن نحتاج إلى جواب كافٍ: لِمَ نقيّدُ تعريف الخبر والإنشاء بعبارة "لذاته"؟.

تعرفون جيّدًا أنّ تمييز الخبر من الإنشاء من منطلق(الصدق والكذب)يثير إشكالات كثيرة،لأن مبدأ(الصدق والكذب) ليس الوسيلة المثلى لمعرفة الخبر و فرزه عن الإنشاء،وقد تنبه العلماء إلى ذلك منذ وقت مبكّر.


فممّا يثيره مبدأ(الصدق والكذب) أنّ تعريف الخبر ب(احتماله الصدق والكذب)قد يشمل الإنشاء أيضًا،لأنّ الإنشاء أيضًا يحتمل الصدق والكذب إذا راعينا قائله،خذ مثلًأ الاستفهام: فالذي يستفهم عن شيء لا يعلمه يصح أنْ نقول عنه(إنّه صادق)والذي يستفهم عن شيء يعلمه علم اليقين يصح أنْ نقوله عنه(إنّه كاذب)،و ذلك أنّ الأصل في الاستفهام أنْ يكون عن جهل المستفِهم.


و خذ مثلًا السؤال، وخير مثال عليه(المتسول)الذي يسألك (اعطني)في الوقت الذي يمنعك فيه رفيقك من أن تعطيه بدعوى أنّه (يكذب)، فالسؤال الحقيقي لا يكون إلّا عن العوز والحاجة،فإذا كان السائل مستغنيًا فإنّه كاذب.


ولهذا رأى العلماء أنّ الإنشاء يُضمر خبرًا،أي أنّ هذا الخبر نابعٌ من دلالة التزام و ليس من" ذات" الإنشاء.

ولكي نأمن الخلط ينبغي أنْ نقيّد التعريف بعبارة"لذاته" تعبيرًا عن أنّ اتصاف الإنشاء بالصدق والكذب ليس "ذاتيًّا"،بل نابعًا من دلالة التزامية.


#هذا هو معنى قولهم(لذاته) .


بناءً على ذلك:

إذا خلا تعريف الإنشاء من عبارة"لذاته" فإنّه يوهم بعدم دخول هكذا إنشاء فيه،وعندئذٍ لا يكون تعريفًا(جامعًا)


وإذا خلا تعريف الخبر من عبارة"لذاته" فإنّه قد يوهم بإمكان دخول هكذا إنشاء فيه،وعندئذٍ لا يكون تعريفًا(مانعًا).



هذا هو معنى قولهم (جامع مانع)


معنى)لذاته( و (جامع مانع( ..الخبر الإنشاء


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع