مدونة أ.د.إبن عزوز أبو القاسم آل فرح الإدريسي


إصلاح جودة التعليم الجامعي

أ.د.إبن عزوز أبو القاسم آل فرح الإدريسي | Prof.dr.benazouz farah


03/06/2023 القراءات: 604  


​​الحديث عن إعادة إصلاح نظام التعليم العالي في الجزائر يثير الكثير من القلق، حيث يأتي وزير ويغادر والجميع يشكون من حال التعليم العالي. فقد أصابت الركود الجامعات التي تعد قاطرة التنمية لمؤسسات المجتمع، وتشكلت الفجوة بين التعليم العالي وخطط التنمية المجتمعية. إنه ليس جلدًا للذات، فالنظم الحية إذا لم تتجدد وتتطور ستتراجع وتندثر، ولذلك يرغبون في العودة إلى المقدمة واتباع الاتجاه الصحيح، مما سيعود بالنفع على الأجيال القادمة في الجزائر. لن تكون عملية الإصلاح سهلة لكوادر وزارة الجامعات أو مدراء الجامعات في الجزائر، ولكن إذا أرادوا التغيير فلابد من العزم و وضوح الرؤية والرغبة في تحقيق التغيير المطلوب. ولتحقيق ذلك، تحتاج المؤسسات التعليمية العالية إلى دعم من الجهات المعنية لتحفيز ورفع المستويات الاجتماعية والاقتصادية في البلاد، مما سيعود بالنفع على المهنيين والإداريين والأساتذة على حد سواء. لذلك، يحتاجون إلى حل المشكلات الإدارية للوصول إلى الهدف المطلوب.

وبشكل عام فإن مشروع إصلاح منظومة التعليم العالي يقوم على أربعة أسس، الأولى تتمثل في استقلالية الجامعات، والثانية تتجلّى في الحوكمة الرشيدة في إدارة الجامعات، والثالثة تتمثّل في توفير الحوافز اللازمة لتحسين أداء من يقدمون الخدمات التعليمية واستجابتهم، سواء أكانوا من أعضاء هيئة التدريس، أم من الكوادر الإدارية، أم من الموظفين، أم من غيرهم، والرابعة والأخيرة هي المشاركة الفعّالة للأطراف المعنية بالعمليّة التعليمية في عمليات الإصلاح، وهنا لا بد من التنويه لبعض النقاط التي يجب أن تأخذ بعين الاعتبار في قضية الإصلاح:

• وضع إستراتيجية فاعله بخطوات تنفيذية متكاملة لعملية الإصلاح بحيث يكون الإصلاح نظامي مؤسسي لا يتأثر بتغيير الإدارات.

• التخلص من التركة الثقيلة للوزارات السابقة التي اختزلت عملية إصلاح التعليم العالي بعملية تثبيت أو تغيير وتعيين رؤساء الجامعات، والعودة إلى التعيين المباشر من خلال آلية معينة، تحفظ ماء الوجه لرؤساء الجامعات والأساتذة الجامعيين، وبنفس الوقت يكون لديها مصداقية وشفافية لتكون الكفاءة المعيار الأول لاختيار رؤساء الجامعات.

• وضع قوانين وأنظمة تنتج آلية فعالة لاختيار الإدارات الجامعية على مبدأ الكفاءة فقط ومتابعتها ومحاسبتها، بدءا من رئيس القسم ونواب العميد، والعميد، ونواب الرئيس والرئيس، لان واحدة من معضلات التعليم العالي في الجزائر، بل أهمها الإدارات غير المؤهلة، والتي تشكل إحباطا وقتلا لكل المبادرات والإبداعات عند الزملاء، ووجود هذه الإدارات المتخلفة يؤدي بالكفاءات إلى الانسحاب وعدم المشاركة لان الأجواء غير المناسبة والمحبطة تقتل الدافعية وتحجب الطاقات.

• إعادة صياغة القوانين والأنظمة التي تحكم التعليم العالي، وتطويرها بما يتناسب مع عملية الإصلاح وأهدافها التي ننشدها جميعا.

• دراسة هجرة أساتذة الجامعات، لان جامعاتنا خسرت الكثير من الخبرات التي هاجرت مؤقتا لتحسين أحوالها المعيشية، من خلال إعادة النظر برواتب أعضاء الهيئات التدريسية وتحسينها ومنحهم السكنات الاجتماعية اللائقة للحد من هجرتهم.

• إعادة النظر بالتخصصات والخطط والبرامج الدراسية المطروحة على مستوى التعليم الجامعي، لتتناسب مع متطلبات سوق العمل وعملية العرض، والطلب محليا، وإقليميا، وعالميا.

• إصلاح قطاع التربية لأن مخرجاته هي مدخلات التعليم العالي.

• إصلاح سياسات القبول في الجامعات، باتجاه زيادة أعداد المقبولين في التخصصات التقنية.

• تشكيل هيئة وطنية للموارد البشرية تنظم وتنسق وتشرف على النظم والمستويات التعليمية المختلفة التي تعنى بتأهيل وتعليم وتدريب الكوادر البشرية، من منظور وطني يعنى بمتطلبات التنمية وسوق العمل من ناحية الكم والنوع.

• تفعيل دور القطاع الخاص كشريك لا كمستقبل فقط لمخرجات النظم التعليمية المختلفة.

• الانفتاح على نظم التعليم العالمية وقصص النجاح التي يمكن الاستفادة منها في عملية الإصلاح لدينا.

• تشجيع الاستثمار للوصول إلى قاعدة صناعية واقتصادية تكون شراكة بين مؤسسات التعليم العالي وسوق العمل.

هذه بعض من النقاط التي أرى أنها مهمة لوضع إصلاح التعليم العالي على الطريق الصحيح، منتظرين الخطوة الأولى لعملية الإصلاح المتكامل التي سيقودها وزير التعليم العالي مع جميع الجهات ذات العلاقة، من خلال خطط تنفيذية مبرمجة زمنيا وماليا وقانونيا للوصول إلى تعليم عالي يواكب متطلبات العصر، ربما تكون ثورة عنوانها ” الإنسان أساس التنمية “، وبناء الإنسان لا يتم إلا من خلال نظام تعليمي محكم، من ثم فإن المرحلة الجديدة التي نعيشها حالياً تحتاج إلى عقلية جديدة، وخيال مبدع، ووجدان متحرك، كما أننا في حاجة إلى جامعات تقودنا نحو إنتاج العقول والأفكار،ذات الجودة ،لا إنتاج قوالب جامدة ومتكررة ومستهلكة.


إصلاح التعليم-نظام محكم-بناء الإنسان -الجودة-القبول-


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع


يمكنني التأكيد في مسألة الاصلاحات على ضرورة إبعاد الكادر البشري المعني بالتدريس عن مهام الادارة أولا لعدم كفاءتهم في هذا المجال وثانيا لسعيهم لخدمة مصالحهم من أجل إثراء سيرتهم الذاتية على حساب إصلاح وتسيير الهيئات الذين يشرفون عليها على أحسن وجه وأحيانا حتى يقومون بتشجيع الرداءة وتثبيط المبادرين والناجحين والمبدعين.