نقل المعلومة وتوثيقها بين إحداث المعرفة وتكرارها .
ياسر جابر الجمال | Yasser gaber elgammal
19/02/2024 القراءات: 463
قضية المصادر والمراجع ليست قضية بسيطة أو مجرد سرد لقائمة طويلة عريضة دون أهداف أو جدوى أو رؤية، فكل كلمة مخطوطة أو مكتوبة لا بد أن تكون لها دلالة وهدف في سياقها أو بجانب أخواتها، ومن ذلك قائمة المصادر والمراجع وكيفية التوثيق والكتابة، والتعامل مع المصادر، وأخذ المعلومة وكتابتها، وكيفية الاعتماد على المصدر في التدليل على الفكرة والرؤية، فهذه بعض القضايا التي تحضرني الآن، وإلا فالكلام على المصادر والمراجع فن له أصوله وثوابته لعلنا نشير إلى بعض منها في تلك السطور تكون بمثابة قواعد منهجية في التعامل مع أي مصدر بعد ذلك.
بداية فإن من المناسب التفرقة بين المصدر والمرجع، فالمصدر هو الكتاب الأساسي الذي يعتمد عليه الكاتب في كتابه ودراسته، ويأتي في المقام الأول، والمرجع يأتي في المقام الثاني في خدمة المصدر والتدليل على الفكرة المقتبسة منه، ودعمها، فعلى سبيل المثال، عندما يتناول كاتب معين موضوعًا يتعلق بالقرآن الكريم، فإن القرآن الكريم في هذه الحالة هو المصدر الأساس، وتأتي كتب التفسير والفقه واللغة كمراجع تألية.
القضية الثانية فإن المصدر البشري يخضع للنقد والتمحيص، وهي مسالة ما يعرف بنقد المصدر، فالسؤال التأسيسي في هذه النقطة، هل تم الاتفاق بين علماء الأمة حول هذا المصدر في تخصصه واعتماده مصدرًا معتمدًا منسوبًا لصاحبه، أم لا؟، وهل الوارد فيه محل إتفاق وقبول أم لا؟، وهذا مثل صحيح البخاري، وكتب السنة، والفقة واللغة وغيرها، فقد مرت بهذه المراحلة من التحقيق والتوثيق حتى استقرت في وجدان الأمة، وأصبحت من المصادر التراثية في الأمة.
يترتب على هذه المسألة لدى المحققين والنقاد أن الكاتب أو الباحث إلى تحدث في قضية علمية أو معرفية ثم يقول المصادر في الوصف أو أسفل المادة المطروحة، كما يفعل في وسائل البث الحديث – اليوتيوب- على سبيل المثال، فإننا تجاه هذا الامر نقول الآتي :
أولا: مجرد ذكر المصادر في الوصف ليس كافيًا على تقبل المعلومة والتسليم لها.
ثانيًا : لا بد أن نؤكد أن هذه مصادر معتمدة أم مجرد كتب لا ترقى إلى المصدرية.
ثالثًا: إذا كانت مصادر فإننا ننتقل إلى المادة المستدل لها هل هذا الاستدلال صحيح أم لا؟
رابعًا: وقد نصل إلى مسألة نقد المصدر والتمحيص فيه، حتى وإن كان مصدرًا معتمدًا.
القضية الثالثة المتعلقة بالمصدر، المحقق، ففي حالة التوسع في التحقيقات والكتابة، وسهولة الوسائل التي تخدم ذلك أصبح التحقيق مجرد نقولات أو تكرار للمكرر فقط، وسرقة مجهود الأخرين، وأصبح التحقيق هكذا، وهذا يدفعنا إلى قضية هامةـ وهي التدقيق في المحقق الذي يضع أسمه على الكتاب، فلابد من الإلمام بمسيرة المحقق العلمية والمعرفية، وجهوده في التحقيق، وأن تكون له سابقة تحقيقة بارزة حتى يكون ثقة فيما بعد، وهكذا، فتوجد تحقيقات تلقتها الأمة بالقبول أو حاز أصحابها القبول عند طلبة العلم، ففي الحديث أمثال أحمد شاكر، وفي اللغة أمثال عبدالسلام هارون، محمد محي الدين عبدالحميد، ومحمود شاكر، ومحمود الطناحي،
وفي التاريخ أمثال سهيل ذكار، وفي السير والفقه وغير ذلك.
النقطة الرابعة : التعامل مع المصادر يكون بحسب التاريخ وبحسب التخصص، فعلى سبيل المثال التاريخية في المصادر تكون بالأقدم، فإذا أردنا الاستدلال على مسألة في أي تخصص، فإن المصادر الأولى التي تناولت هذا الأمر تقدم على ما جاء بعدها وليس العكس.
كذلك من ناحية التخصص، فعندما نكتب عن قضية وليكن ترجمة شخص والتعريف بمنجزه المعرفي، فإننا عندما نتكلم عن الميلاد والنشأة نذكر ذلك من كتب التاريخ والتراجم، وعندما نتكلم عن البيئة التي نشأ فيها – وصف المكان – فإننا نتكلم عن ذلك من كتب البلدان والأماكن ككتاب ياقوت الحموي الذي تناول ذلك وأمثاله من الكتب.
وعندما نتكلم عن مسألة من الأصول فلا يستدل لها من كتب الفروع والعكس كذلك، وعندما نتاول قضية من قضايا اللغة فلا توثق من كتب الأدب والنقد، وهكذا لابد من مراعاة الفروق الدقيقة في التعامل مع المصادر.
وعندما نتكلم عن قضية من قضايا الفقه فلا يستدل لها من كتب التفسير أو السير والمغازي.
النقطة الخامسة : وهي دار النشر التي تقوم بنشر المصادر والمراجع، فإنها لها دور كبير في المصدر، فتوجد دور نشر ليست لديها أمانة علمية في النشر، وتضع تحقيقات مزورة على الكتب أو تنسب تحقيقات لغير أصحابها أو تصور نسخ غيرها وتنسبها لنفسها أو غير ذلك من المخالفات التي التي تُخل بالعملية العملية وعدم مراعاة دقائق الطبع وخطورة عدم إدراك في المتون إذا تبدل بها شيء ولو حرف فإنه كفيل بتغير قضية برُمَّتها.
توثيق المعلومة
يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع