مدونة د. أسماء صالح العامر


متى تلتقي روح المقاصد بجسد الفقه؟📕📚

د. أسماء صالح العامر | Asma saleh Al amer


10/02/2024 القراءات: 438  


متى تلتقي روح المقاصد بجسد الفقه؟

أغزر وأقدم كتاب أصيل تناول بعمق فقهي واتساق منهجي (مقاصد الشريعة الخاصة) بالمعنى القياسي الكلي الذي يتجاوز الكلام عن تلمس محاسن التشريع ويتتبع باستقراء المناطات المصلحية للأحكام، وبعباراتٍ متينة، وتحريرات نفيسة=كتاب (قواعد الأحكام بمصالح الأنام) لابن عبدالسلام ت٦٦٠هـ.

وقد انصرف كثير من الدارسين وطلاب العلم اليوم في بحث المقاصد إلى كتاب (الموافقات)، وهو إن كان له مزيته في التخصيص والتقسيم إلا أن ابن عبدالسلام يعد أستاذ المقاصد حقيقة فقد تجاوز التنظير في هذا العلم وتقسيماته إلى تشييد المقاصد من العمق الفقهي في دراسة المعاني المصلحية في الأحكام، وهو تصرف بارع لا تكاد تجده حتى عند من سبقه بالكلام عن شيء من المقاصد العامة كالجويني والغزالي.

ومن أدام القراءة في هذا الكتاب، وتبصر هذا الاتجاه الدقيق العميق في كل مباحثه تذوق طعم الفقه حقيقة بنكهة المقاصد حقيقة؛ إذ لا تكاد تتجاوز قراءة خمسة أسطر من الكتاب إلا وتجد عقلك قد جال به المؤلف أبواباً شتى في فروع الفقه يبرهن فيها لك على تقرير المعنى المصلحي الجامع لتلك الفروع والفارق بينها.

وإنه ما أحوجنا اليوم في الدراسات المقاصدية إلى هذا اللون من المعالجات المركبة التي تمتزج فيها وشائج الفقه على التفصيل بالمقاصد الخاصة؛ وأن تلتقي الروح حقيقة بالجسد، فالمقاصد هي روح الفقه، والفقه هو الجسد، ولا يمكن في الأحوال العادية أن نتصور استقلال الروح عن الجسد ولا الجسد عن الروح.

ومن يلحظ كثيراً الدراسات المقاصدية اليوم يجد أنه يغلب على أكثرها العموم النظري، والتكرار في أمثلتها، وتطبيقاتها، وتقسيماتها، وهي وإن كانت بلاشك مفيدةفي ذلك إلا أنها لا تزال عاجزة عن تشييد الملكة الاجتهادية المقاصدية لرجالات الفقه، وتبقى حينئذ الحاجة الملحة قائمة إلى نوع من المعالجات المركبة التي تمتزج فيها روح المقاصد الخاصة بجسد الفقه التفصيلي، وتجول بك في لجج الفروع من باب إلى آخر، كما صنع ابن عبدالسلام في كتابه الفريد، الذي أورد من الأمثلة على تلك المعاني المصلحية ما يربو في كتابه عن مئات الفروع، كل ذلك في استحضار عجيب لموارد الفقه ومصادره وعلله ونظائره وفروقه.


مقاصد-فقه


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع