مدونة حسين سالم مرجين


هل تمتلك الجامعات الليبية القدرة على اسْتيعَاب ودعم المخترعين ؟

حسين سالم مرجين | Hussein Salem Mrgin


09/07/2023 القراءات: 404  


خلال الفترة الماضية عايشت مأساة أستاذ ليبي في إحدى الجامعات الليبية، تنصلت منه جامعته التي ينتمي إليها، ورفضت منحه حقوقه ومستحقاته المالية، وهي حقوق ومستحقات مالية كان يريد أن يدفع بها نحو دعم أعماله وأنشطته البحثية ذات علاقة بالاختراع، فهذا الأستاذ المتميز يمتلك عدد من براءات الاختراع المسجلة بالولايات المتحدة الأمريكية، وعندما أرد تسجيل عدد من براءات الاختراع في جامعته الليبية لم تقدم له تلك الجامعة أي دعم، بالرغم من كونه يمتلك عرض سخي للعمل في إحدى الجامعات الأمريكية، والذي يعد فرصة جيدة لتحقيق تطلعاته البحثية والمهنية والأكاديمية، وهنا تستحضرني مقولة لأحد الزملاء يقول فيها: في الجامعات الليبية ما يبكى، وفيها ما يضحك والأيام بينهما دول.
على أنه من الوهم أن نعتقد بأن عدم دعم المخترعين في الجامعات الليبية يرجع فقط إلى الافتقار إلى الوعي والتقدير من قبل المسؤولين في تلك الجامعات لجهود المخترعين، إلا أنه يتوجب التأكيد بأن مسألة الوعي والتقدير تعد من الأمور الحيوية التي يتوجب أن يوليها المسؤولون والقيادات الجامعية اهتماماً كبيراً، فتبني المخترعين وتقدير ابتكاراتهم يمكن أن يساعد على تحسين سمعة الجامعات، كما إن ذلك يمكن أن يساعد في جذب المواهب والباحثين والشركاء والممولين، وبالتالي يدفع نحو تحسين تصنيف الجامعات، وحتى نكون منصفين فإن الأمر بحاجة إلى طرح سؤال جوهري حول هذا الموضوع وهو:
ما أسباب عدم مقدرة الجامعات الليبية على دعم ومساندة المخترعين؟
في الحقيقة يمكن رصد عدد من الأسباب المهمة، منها :
1. تعاني جل الجامعات الليبية منذ 2014م من قلة الموارد المالية، فضلا عن كونه لا يوجد بند في ميزانيات الجامعات للصرف منه على الاختراعات أو الابتكارات، مما يجعل الجامعات غير قادرة على توفير الدعم المالي والموارد اللازمة للمخترعين.
2. تعاني جل الجامعات الليبية من الافتقار إلى ثقافة الابتكار والاختراع، وهذا يعني بأنه لا يوجد وعي كافِ بأهمية الابتكار والاختراع في الجامعات الليبية.
3. هناك ضعف في البنية التحتية في جل الجامعات الليبية، مما يجعل من الصعب توفير الموارد اللازمة لدعم المخترعين وإنجاز أعمالهم.
4. عدم وجود آليات فعالة لحماية حقوق الملكية الفكرية، مما يؤدي إلى تردد المخترعين في الكشف عن اختراعاتهم ويعيق قدرتهم على تسويقها وتحقيق الأرباح المستحقة لها.
5. عدم وجود تشريعات ولوائح وسياسات واضحة لدعم المخترعين، مما يجعل العملية أكثر صعوبة وغير منظمة.
إذن ليس غريبا في ظل هذه الأرضية أن تظهر مشكلة عدم استيعاب ودعم المخترعين في الجامعات الليبية.
ومن جهة أخرى فإن مسألة عدم تقدير المخترعين، وتفهم قيمة اختراعاتهم تعد مشكلة شائعة في العديد من البلدان النامية، أو التي تمر بحالات من عدم الاستقرار السياسي، وهو أمر يسهم في إحباط المخترعين والمبتكرين، ويعيق التقدم البحثي، والابتكاري في المجتمع، بالتالي تبرز الحاجة إلى توفير بيئة تعليمية وبحثية محفزة، ومشجعة، ومتطورة، وتوفير مستوى عالي من الجودة في الأبحاث، فضلا عن أهمية تعزيز التعاون الدولي، والتبادل الأكاديمي والتقني مع الجامعات والمؤسسات المناظرة.
لذلك، فإن تبني المخترعين وتوفير بيئة محفزة لهم يعد أمرًا مهمًا لتعزيز السمعة الأكاديمية والبحثية للجامعات ويجب على الجامعات العمل على توفير الدعم والموارد اللازمة للمخترعين والمبتكرين، وتعزيز ثقافة الابتكار والإبداع داخلها.
ولعلنا نروم من وراء هذه المقالة إلى لفت انتباه المسؤولين في الحكومة، ووزارة التعليم العالي والبحث العلمي، والجامعات الليبية إلى أهمية السعي الحثيث نحو أهمية تبني المخترعين، وتوفير بيئة محفزة لهم؛ كونه يعد أمرًا مهمًا لتعزيز سمعة الجامعات الليبية، ويجب على الجامعات بمعية وزارة التعليم العالي والبحث العلمي العمل على توفير الدعم والموارد اللازمة للمخترعين والمبتكرين، وتعزيز ثقافة الابتكار والإبداع في الجامعات الليبية .
كما إن التحليل الموضوعي لهذه الظاهرة لا يتوقف عند مجرد تبيان أهم أسبابها، إنما يدفع نحو طرح أهم المعالجات الممكنة لها، وسأكتفي في هذا السياق وفي عجالة بتحديد أهم الخطوات التي يتوجب على الحكومة والجامعات الليبية اتخاذها لتحسين وضع المخترعين في ليبيا، ومنها:
1. تحسين النظام القانوني والتشريعي المتعلق بحماية حقوق الملكية الفكرية وتقدير الابتكار والاختراع، وتبسيط إجراءات تسجيل البراءات وحماية حقوق الملكية الفكرية.
2. توفير الدعم المالي والتقني للمخترعين والمبتكرين، وتأمين أموال المنح والقروض لتمويل ابتكاراتهم وتحويلها إلى منتجات تجارية.
3. توفير الدعم التسويقي للمخترعين والمبتكرين، وتشجيع الشركات والمؤسسات الصناعية على استخدام ابتكاراتهم وتسويقها.
4. تعزيز الثقافة الابتكارية في المجتمع وتشجيع الطلبة والأساتذة في الجامعات على الابتكار والاختراع.
5. تعزيز التعاون الدولي في مجال الابتكار والاختراع وتبادل الخبرات والممارسات والتقنيات مع دول أخرى، والتعاون مع المنظمات الدولية المعنية بحماية حقوق الملكية الفكرية.
ومع كل ما سبق يمكن القول بأنه على الحكومة والجامعات الليبية العمل على دعم المخترعين والمبتكرين وتشجيعهم على الابتكار والاختراع، وحماية حقوقهم بالملكية الفكرية؛ وذلك لتحسين وضع المخترعين في ليبيا، وتعزيز التنمية الاقتصادية والتكنولوجية في البلاد.


المحترعين - الجامعات الليبية


يجب تسجيل الدخول للمشاركة في اثراء الموضوع